القاضي علي الشورابي: القضاء سلطة مستقلة

القاضي علي الشورابي: القضاء سلطة مستقلة

في أواخر سبعينات القرن الماضي تغيب فجأة المرحوم الحبيب بورقيبة عن حضور جلسة الافتتاح للسنة القضائية بقصر العدالة بتونس وكان دستور 59 يمنحه كما فرنسا الآن صفة رئيس المجلس الأعلى للقضاء.

حضر كالعادة طيف كثير من القضاة وكبارهم السبعة وهيئة المحامين والعدول..... والضيوف من أعضاء الحكومة والبرلمان وأهم السفراء المعتمدين ببلادنا.
انتظروا موكب الرئيس فأعلمتهم "إدارة المراسم " الاسم القديم لإدارة التشريفات بانه لأسباب صحية يتعذر الحضور وبعد التشاور العلني مع وزير العدل تقدم رئيس الحكومة المرحوم الهادي نويرة لترأس الجلسة الافتتاحية للسنة القضائية.

وما ان انتصب على كرسي رئيس المجلس الأعلى للقضاء حتى فوجئ بانسحاب كل القضاة من بهو القاعة رغم احترام رئيس الحكومة وبالغ الحفاوة بحضوره كضيف..... رفض أعضاء السلطة القضائية ترأسهم من طرف سلطة أخرى وهي السلطة التنفيذية ولو فعل رئيس البرلمان ذلك لكانت نفس ردة الفعل " الرفض"
هذه الحادثة تذكرتها وأنا أستمع الى المتحدثة باسم حكومة السيد الياس الفخفاخ تعلن أنه بتاريخ 4 ماي تعود الخدمات في المجال العدلي بكافة أصنافها ...

ويتزامن مع تصريحها بيان لهيئة المحامين يرفض فيه مقررات المجلس الأعلى للقضاء ويدعو الحكومة الى اتخاذ اللازم لإرجاع المرفق القضائي للعمل ورسالة من ذات الهيئة الى السيدة وزيرة العدل تطالب بالتقليص في مدة العطلة القضائية مع اعتبار العمل متوقف منذ 13 مارس وذلك مجانب للصواب كالمطابة بالرفع الكلي للحجر مع توفير الكمامات والتعقيم............. ولكن القضاء سلطة مستقلة.. و سيطبق القضاة مقررات المجلس الأعلى للقضاء دون سواها و ذلك من حقهم و من واجبهم.

ولبلاط أو ديوان السيد رئيس الحكومة أهمس بضرورة استشارة المجلس في المراسيم ذات الصلة بالقضاء ومرفق العدالة قبل إصدارها, كإسناد جزء من أموال (18 /18) للإحاطة الصحية بالمحاكم وكل العاملين فيها.

ولأصدقائي واخوتي في هياكل المحاماة أقول انتم ممثلون في المجلس الأعلى للقضاء ... و أبواب الحوار دائما مفتوحة معكم رسميا ووديا على مستوى الأفراد ...وبالقضاة والمحامين تنهض العدالة فهما جناحان لطائر واحد.. ولا ننسى كتبة المحاكم و العدول.......... ان العدل هواساس الملك والقضاء سلطة مستقلة منذ دستور اسبرطة زمن أرسطوطاليز عبورا بجون جاك روسو ودستور الجمهورية الخامسة الفرنسية الى دستورنا التونسي الحالي الصادر سنة أربعة عشر وألفين والذي يكرس مبدأ التفريق بين السلط،....... وأدعو الى التكامل بينها.

القاضي علي الشورابي

 

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.