عادل الأحمر: مـا دواء الكورونـا كـان الـمــقرونـة!
غاب عنّي العيّاش أياما ولم أعثر له على أثر، فكأنّه تبخّر في الجوّ واندثر، فجوّاله لا يردّ، ولا يعلم عن أخباره أحد، ولعلّه قد غادر البلد، لكن كيف يسافر من دون أن يسلّم عليّ، وهو الذي يحيط سفـــراته بحمـلات دعـائية، فيسمـــع الحاضر والغايب، والشـابّ والشايب، وينشر على الفاسبوك الخبر، ويردفه بعد ذلك بالصور، ليعلم القـاصي والـداني، أنّه في البلـد الفلاني.
وعندما طال الغياب وطوّل، قرّرت إلى بيته أن أتحوّل. ولما بلغت مقصدي، أسقط في يدي، إذ وجدت كل نوافذ البيت مغلقة، بينما سيارة العيّاش أمام البيت رابضة، وليس من عادته عند السفر، أن يترك سيّارته في الشارع معرّضة للخطر، فزادت حيرتي، وخفـت على صاحبي، وأسرعت إلى جرس الباب، لعلّي أجد الجواب، لكـن تنقيزي بقي دون ردّ، حتـى اقتنعت أنّه لا يوجد في البيت أحـد.
ولما هممت بالانصراف وأنا محمّل بأحلك الظنون، إذ بصوت العيّاش ينبعث من «الأنترفون»، وفيه ارتعاشة غير عادية «وفيتش توه م التنقيز وفكّيتش عليّ؟»، فقاطعته على الفور «الله يهلكك يا عيّاش رعبتني، وبالفجعة قتلتني !طمّني: شنوه ليّ صار؟ وعلاش مسكّر على روحك الدّار ؟»، فأجابني وهو في منتهى العجب: «ياخي بالحقّ ما تعرفش السبب؟ ما سمعتش بالكورونا بالكل، وإلا عامل فيها بطـل؟»، فأجبته: «طبعا سمعت كيف الناس الكلّ، أما تربط روحك في دارك ما هوشي حلٌ»، فردّ علي فورا: «ياخـي بالله تعرف ع البلاء منين باش يجيك، وانت لا عملت يدك ولا سـاقيك، فبحيث خذيت حذري م الخطر، ويا دار ما دخلك شرّ، ويعيّش خـويا ما تقرّبش فمكّ برشة للأنترفون، شكون يعـرف يدخلش منــو الفيروس المحنون».
عند ذلك تيّقنت أنّ صاحبي، كيف برشة توانسة، ضربو هلواس الكورونا، ومن تهلويسهم موش باش يفكّونا. ومع ذلك بقيت غير مطمئن على أحوال صديقي، وهو في تلك الحال من الشدّة والضيق، فسألته: «واش باش تعمل في الماكلة والشراب، كيف سكّرت على روحك وعايلتك الباب؟»، فأجاب: «يا سيدي ما تتحيّرش عليّ من ها الناحية، فأموري كلّها هانية». قلت: «وكيف ذلك؟، قال: «خذيت احتياطي من جميع ما، م المقرونة للكسكسي للسميد والفرينة والطماطم وغيرو وحتّى ستيكات الماء، ما يكفيني لثلاثة ولاّ أربعة شهور، ما دام الفيروس يدور».
قلت: «لكننا يا عيّاش لا في مجاعة ولا في حرب أهلية»، فقال: «دبّر على روحك أما آنا نعرف آش يصلح بيّ، وماذا تريدني أن أفعل لو أمرونا بملازمة البيوت كما فعلت في «يوهان» السلطات الصينية؟ نموت أنا وعايلتي بالشرّ باش سيادتك ترضى عليّ؟ ونزيدك زيادة: عملت عولة متاع «بافات» bavettes، واحد وين يعرف ع البلاوات، وشريت م الصابون والمعقّمات ستيكات، وم الثوم كيلوات، قالوا نتايجو مضمونة، في محاربة الكورونا...».
ولم أترك للعياش فرصة الاستمرار في تعداده المحنون، وقطعت عليه فجأة خط الأنترفون، وانصرفت متمتما ومغمغما: «...وأنا نقول شبيه الثوم طلع سومو للسماء، وتقطع م البلاد كيف ما يتقطع الدواء، وعلاش «البافات» تمسحت م الفارماسيات». ولم أجـد من متنفّس إلا بإنشاد هذه الأبيات:
على الكــــورونـــا على الكـــــــورونا **** آش شريــــــــنـــا ثــــوم ومقرونة
على الكـــــورونا على الكـــــورونــــا **** ولا خلينـــــــــا قالب صابـــــــونة
على الكــــــورونــا على الكـــــورونا **** قضيتنـــــــا تعبـــــــي كميــــونة
على الكـــــــورونـــا على الكورونـــا **** نــاري على بـلادي ولات مجنونة
عادل الأحمر
- اكتب تعليق
- تعليق