ليدرز العربية: انتقاء مدروس للمواضيع وتركيز في التناول والتحليل

لم أعرف إدمانا على قراءة مجلّة عربية كذاك الذي عرفته مع مجلة «دبي الثقافية» لسنوات. سواء كنت في تونس أو خارجها، إلى أن توقّفت عن الصـدور، أو عــن الوصول إلى تونس.
صحيح، إنّ منحاها ثقافي بحت، بمعناه الواسع والشائع. ولكنّها عرفت كيف تختار وتنوّع الأقلام التي تطرز مقالاتها وتحقيقاتها بسلاسة لا تُضجر من كان على عجل، وكيف تنتقي المبدعين الذين يُحَلّون صفحاتها بأجمل وأبدع الصّور، في الغالب، التي تزيد الكلمات شرحا وتثير في القارئ بهجة. فيكون العدد الذي بين يديك، أيّ عدد، كنزا نفيسا تحرص على حفظه بعد القراءة بين ما لديك من كتب تعزّ عليك!

وذات يوم، منذ نحو سنتين، وأنا أسأل القائم على الكشك الرئيسي لتوزيع الجرائد والمجلاّت وبيعها في صفاقس، عن جديده، لمحت مجلّة أنيقة دون بذخ. صافية الألوان في إشراق. بعنوان غير مألوف يبعث فيك الرغبة في الاقتراب للتعرّف أكثر. فبدأت من يومها صداقة جميلة بيننا.. إنّها مجلة «ليدرز العربية»!

انتقاء مدروس لمواضيع كلّ عدد. تركيز في التناول والتحليل لا ينقص من قيمة الموضوع. توزيع متكافيء بين الاهتمامات في المواضيع. إيلاء قضايا الساعة، وطنيا بالأساس، صدارة التحليل وإلقاء الأضواء على جوانب وزوايا مخفية أو سوداء، بعيدا عن الإثارة والتسطيح. ومازاد من قيمة هذه المقالات أنّها نابعة من معايشة الأحداث، مثل الندوات والملتقيات الإقليمية والدولية من دون وسيط. وغالبا ما يكون مدير المجلّة أو مدير تحريرها هو من عايش ذلك الحدث وعاد منه بتقييم مكتنز بالأهمّ الذي ينفع الوطن.

وقضايا الساعة، ليست مقتصرة على الجانب الاقتصادي ، صناعيا كان أو فلاحيا. فالجانب الاجتماعي، بمختلف تمظهراته وتعقيداته وحتّى مخاطره، داخليا وإقليميا، حاضر أيضا.. كثيرا ما تأخذك تحاليل عميقة متينة البناء دون تعقيد إلى مناحٍ في الفهم كنت غافلا عنها. سواء تعلّقت بالإرهاب، أو بالبطالة وغيرها.

وممّا أثار إعجابي إطلالات المجلة على أحداثٍ وعلاماتٍ وشخصياتٍ من تاريخ تونس، تنشّط ذاكرة الشيوخ وتشحذ عزائم الشباب من أجل عدم الاستسلام لليأس والقنوط. دائما في عرض مختصر أنيق، كتابةً وصورا، يزيدها ركن الإصدارات ثراء وإمتاعا.

الثقافة هي عطر المجلة. ككل عطر راق، يبقى يضوع بأزكى الروائح وإن كان قليلا..

كأنّي بمدير المجلة وباعثها، الصديق توفيق الحبيب، ولعلي أجزم بذلك، قد أرادها من خلال مايوحي به العنوان «ليدرزLeaders» في النسختين العربية والفرنسية، موجّهة إلى قياديي المستقبل. عارضة نموذجا في الاهتمام والطرح والتحليل لقضايا الوطن الآنية. وانتظاراته واحتياجاته المستقبلية.

ونعم الاختيار على الصديق عبد الحفيظ الهرقام ليكون مدير تحرير النسخة العربية، وهو رجل الإعلام ذو الخبرة الطويلة في مختلف المواقع، إدارة وتخطيطا وتنفيذا، وطنيا وعربيا. والمسكون دائما بروح التجديد والطامح لغد مزهر واعد بكلّ الخيرات للوطن. كما إنّ للسيد الهادي الباهي مستشار التحرير، ولهيئة التحرير الزاخرة بالأسماء الوازنة في مختلف الميادين، إعلاميا وثقافيا. سياسيا واقتصاديا، الدور الأخطر في إبقاء هذا الصرح الإعلامي وهّاجا أبدا بمزيد التحسين والتطوير والإجادة.

فقط، أقترح في الآخر لو يتمّ إدراج عنصر قارّ في أعداد المجلّة للمقابلات الصحفية مع شخصيات من مختلف المشارب، وطنية وعربية ودولية، من ساسة واقتصاديين وفنانين مبدعين وغيرهم..

مختار اللواتي
صحفي، صفاقس