أخبار - 2019.01.22

تــونس والاتحاد الأوروبي، اتفاقية التبادل الحر الشامل والمعـمّق بين التزام أصحاب القرار السياسي وتخوّف المهنيين والمجتمع المدني

تــونس والاتحاد الأوروبي، اتفاقية التبادل الحر الشامل والمعـمّق بين التزام أصحاب القرار السياسي وتخوّف المهنيين والمجتمع المدني

قرار التموقع الاستراتيجي إلى جانب أوروبا والغرب عموما فرضه النمط المجتمعي الذي اختارته تونس منذ استقلالها وهو يعكس أساسا الواقعية السياسية التي اعتمدها الزعيم الحبيب بورقيبة في إرساء دعائم العلاقات الخارجية لبلادنا. وقد وجدت تونس في الجوار الأوروبي الذي بدأ يتشكّل في إطار مجموعة اقتصادية سنة 1957 فضاء للتعامل على أساس احترام السيادة الوطنية لكلّ الأطراف بعيدا عن رواسب الماضي الاستعماري. وكان من الطبيعي أيضا أن تسعى بلدان المجموعة الأوروبية الخمس آنذاك، بحكم الجوار والعوامل التــــاريخية إلى ربط علاقات جديـــــدة مـــع تونس.

وفي هذا الإطار مرّت العلاقات مع المجموعة الأوروبية بعدّة مراحل تمثّلت في إبرام اتفاق تجاري في 1969 واتفّاق اقتصادي في 1976 يغطّي أيضا وضع العمالة التونسية في أوروبا، واتفاق شراكة في 1995 في إطار ما يسمّى بالشراكة الأورومتوسطية المنبثقة عن مؤتمر برشلونة (1995). هذا الاتّفاق يكتسي أهميّة كبرى في العلاقات بين الجانبين نظرا لكونه يضبط شروط تحرير تجارة المنتجات الصناعية ويدعم الحوار السياسي ويسعى إلى تطوير علاقات اقتصادية واجتماعية «متوازنة» وإلى تحقيق الاندماج في منطقة جنوب المتوسّط. كما يعدّ الإطار القانوني الذي تندرج فيه السياسة الأوروبية للجوار التي خلّفت مسار برشلونة سنة 2004 والتي تتواصل ضمنها الشراكة بين تونس والاتحاد الأوروبي في إطار ما يسمّى «بالشراكة المتميّزة». وتشكّل اتفاقية التبادل الحر الشامل والمعمّق موضوع المفاوضات الجارية حاليا بين تونس والاتحاد الأوروبي امتدادا لاتفاقية 1995 ويسعى الطرفان من ورائها إلى إقامة فضاء للتبادل الحر يحقّق الاندماج التدريجي للاقتصاد التونسي في السوق الموحّدة للاتحاد الأوروبي.

الاتفاقية الجديدة وانعكاساتها المحتملة على الاقتصاد التونسي

منطقة التبادل الحر المنشودة تتعدّى قطاع الصناعات المعملية الذي تمّ تحريره بمقتضى اتفاقية 1995 لتشمل باقي القطاعات الإنتاجية الأخرى، أي الفلاحة والخدمات وذلك برفع الحواجز الجمركية وغير الجمركية والتقريب بين الإجراءات والتراتيب القانونية بغرض الاقتراب من الموروث الاتحادي. هذا الموروث يشمل الحقوق والواجبات التي تجمع بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ومن ضمنها الأهداف السياسية للمعاهدات والقرارات المعتمدة في إطار الاتحاد الأوروبي والقرارات المتصلة بالعدالة والشؤون الداخلية وبالسياسة الخارجية والأمن الجماعي. فإلى جانب فتح المجال للتبادل الحر في تجارة الخدمات والمواد الفلاحية وحرية تنقّل المهنيين يتمّ التفاوض حاليا حول جملة من المسائل الحسّاسة مثل الصفقات العمومية وسياسة المنافسة وانتصاب المستثمرين وحمايتهم وسياسة التعويض والتنمية المستدامة... كلّ هذه الملفات تستدعي الحذر والتروّي من قبل المفاوضين وعدم التسرّع في إبرام هذه الاتفاقية الجديدة التي تغطّي ما يزيد عن 70 % من الاقتصاد التونسي إضافة إلى القطاع الصناعي الذي تمّ تحريره سابقا بمقتضى اتفاقية الشراكة المبرمة في 1995. وقد لاحظنا منذ انطلاق المباحثات التحضيرية في 13 أكتوبر 2015 وإثر الجولة الأولى من المفاوضات في 18 أفريل 2016 مدى تحفّظ عديد الأوساط المهنية المعنية بتحرير قطاعي الخدمات والفلاحة وكذلك المجتمع المدني الذي عبّر بدوره عن تخوّفه من الانعكاسات السلبية المحتملة للاتّفاقية الجديدة على الاقتصاد التونسي الذي يعاني أصلا من عديد الصعوبات الهيكلية التي لم تجد طريقها بعد إلى الحلّ.

ويمكن الإشارة في هذا الإطار إلى جملة من العوامل التي تفرض توخّي الحذر وتستدعي عدم التسرّع في إبرام هذه الاتفاقية الشاملة، من ذلك:

  • الوضع الاقتصادي المتردّي الذي يشكو من ضعف الإنتاج والإنتاجية وتفاقم المديونية وانخرام التوازنات المالية وتواصل انزلاق الدينار وتفاقم المطلبية واستفحال الفساد والاقتصاد الموازي، وكلّها عوامل قد تعرّض بلادنا إلى الضغط من قبل شركائها في الخارج للتعجيل بإبرام الاتفاقية قبل استكمال الإصلاحات الضرورية.
  • نتائج الدراسات غير المشجعة حول تحرير قطاعي الخدمات والفلاحة التي تمّ نشرها من قبل مكاتب دراسات أجنبية وتناولها خبراء اقتصاديون تونسيون بالدرس والتمحيص. هذه الدراسات وإن اعتمدت فرضيات مختلفة إلّا أنّها أفضت في غالب الأحيان إلى استنتاجات متقاربة في المجال الفلاحي يمكن تلخيصها في فتح الطريق أمام منافسة أوروبية شرسة قد تفضي إلى هجرة الفلاحين التونسيين في قطاعي الحبوب والفواكه والخضر إلى قطاعات أخرى وتأثّر المناطق الداخلية بصفة خاصّة من تقلّص المداخيل.

ومن المتوقّع كذلك أن يتسبّب التحرير الشامل في انخفاض حاد في مداخيل الضيعات الفلاحية المتوسّطة التي تمسح ما بين خمسة وعشرين هكتارا والفلاحة الصغرى عموما التي لا تتعدّى مساحة الاستغلال فيها خمسة هكتارات، ومن المنتظر أيضا أن يؤدّي التخفيض في التعريفة الجمركية وفي دعم الصادرات إلى تدهور حادّ في الميزان التجاري الفلاحي.

سياسة دعم الفلاحين في تونس وفي الاتحاد الأوروبي كذلك تبرز مدى أهمية قطاع الفلاحة من الناحية الاجتماعية وخاصّة بالنسبة إلى بلادنا ولنا في فشل المفاوضات السابقة خلال العشرية الأولى من هذا القرن دليل على حساسية القطاع إذ يخشى أن يهدّد تحريره هدفا استراتيجيا يتمثّل في تحقيق الأمن الغذائي وأن يعرض صغار الفلاحين إلى الإفلاس.

وممّا يزيد من تخوّف أصحاب المهنة وجود تباين كبير في القطاع الفلاحي بين تونس والاتحاد الأوروبي حيث يبقى النشاط الفلاحي في تونس تقليديا في أكثر من 70% من المساحات المخصّصة للزراعة ولا يمكن أن نطلق على باقي المساحات المستغلّة صفة الفلاحة العصرية المتطوّرة إذ تفتقر بدورها إلى عديد الإمكانيات التقنية والعلمية.

إضافة إلى ذلك يشكو القطاع من وضعية عقارية شائكة ومعقّدة ومن تجزّؤ المساحات وتقلصها ومن عدم التنظم ومن النقص الفادح في المكننة وفي الإمكانيات المالية والاستثمار التي تنعكس بدورها على المردود والمردودية، إضافة إلى معضلة شحّ المياه التي ستتفاقم في المستقبل المنظور اعتمادا على الدراسات العلمية المتوفّرة. هذه المعطيات تستدعي التفكير والاستشراف لإيجاد الحلول الملائمة قبل الدخول في مغامرة جديدة يخشى أن تحوّل تونس إثر تحرير القطاع إلى مجرّد سوق لتصدير الفائض الزراعي الأوروبي.

وفي المقابل يمتلك الاتحاد الأوروبي قطاعا فلاحيا من أكثر القطاعات تطوّرا في العالم على الصعيد التقني وفي مستوى القدرة الإنتاجية حيث يحتلّ المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة الأمريكية وتفوق صادراته من المواد الفلاحية ثمانين مرّة مثيلاتها من تونس وحتّى في مجال زيت الزيتون الذي تعـــدّ تـــونــس مـــن أبـــرز المنتجـــين له على الصعيد العالمي فإنّ صــــادرات الاتحـــاد الأوروبي مــن هـــذا المنتوج تساوي ثماني مـــرات صادرات تونس من نفس المادّة.

أمّا في قطاع الخدمات المعني كذلك بالتحرير فتجدر الإشارة أيضا إلى التفاوت الكبير بين إمكانيات الجانبين وهو ما سيعرّض القطاع عند تحريره إلى منافسة عمالقة الخدمات الأوروبيين. ولعلّه من المفيد أن نذكر هنا بعضوية تونس في المنظمة العالمية للتجارة وبتوقيعها على الاتّفاقية العامة لتجارة الخدمات ممّا يجعلها قانونيا معنية بتحرير قطاع الخدمات ورغم أنّ الاتفاقية لا تجبر أي بلد على الالتزام بتحرير قطاع اقتصادي معين إلا أنها تتضمن بندا يقضي بوجوب التحرير التدريجي من قبل كل دولة عضو طبقا لدرجة نمّوها الاقتصادي وأهداف سياستها الوطنية، وقد تقيّدت تونس بعدد من الالتزامات ذات طابع أفقي لها علاقة بتجارة الخدمات مثل الاستثمار الأجنبي وتنقّل العمالة والأنشطة التجارية والصرف وتملّك الأراضي والتزامات ذات طابع قطاعي تتعلّق بخدمات الاتصــالات والخدمات المالية والسياحية.

وقد أكدّ البنك العالمي في دراسة له بتاريخ 2014 أنّ تونس هي البلد الّأكثر انغلاقا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في أنشطة الخدمات المهنية وتجارة التفصيل وثاني بلد في القيود على النقل.

كذلك أصدرت المنظمة العالمية للتجارة جدولا يحصي الأنشطة الخدماتية ضمن كلّ قطاع اتّخذت فيه تونس والاتحاد الأوروبي وباقي الدول الأعضاء في «اتفاقية أغادير» إلتزامات بتحريره، واستنتجت المنظمة من الأرقام المدرجة بالجدول أنّ تونس هي البلد الذي يفرض أكبر عدد من القيود على تحرير تجارة الخدمات حيـــث لا تتجاوز الالتزامات التي ارتبطت بها ثلاثة قطاعات هي الاتّصالات والمالية والسياحة في حين التزم الاتحاد الأوروبي والأردن ضمن اثني عشرة قطاعا والمغرب في مستوى ثمانية قطاعات ومصر في حدود ستة قطاعات.

هذا التقييم وإن كان مطابقا لوضع الخدمات في بلادنا إلّا أنــه لا يعني أنّ تونس قد تأخرّت عن الركب ومن واجبها التسليم بضرورة تحرير اقتصادها كليا في أقرب الآجال دون التوقّي من تبعاته. تشير نفس الدراسة، على سبيل المثال، إلى أنّ الحدّ من القيود المفروضة على التجارة يؤدّي إلى انخفاض الأسعار وبالضرورة إلى تحسين القدرة الشرائية لدى المواطن وكذلك إلى تحقيق نسبة أعلى من النمّو الاقتصادي، إلّا أنّ تعويض الخسارة المالية الناتجة عن التفكيك تفرض طبقـــا للدراسة تعـــديل الأداء على القيمـــة المضافة كإجراء مصـــاحب وترفيعه بنسبة 41.21 % وهـــو ما سيكون له تـــأثير كبيــــر على الأسعار والقدرة الشـــرائية للمــــواطن.

تشير كذلك تقديرات مكتب الدراسات Ecorys 2013 إلى أنّ قطاع الخدمات الذي سجّل فائضا في ميزانه التجاري إلى حد ذلك التاريخ، سيعرف تدهورا ملحوظا في ميزان الخدمات بعد إبرام الاتّفاقية، من ذلك أنّ قطاع النقل الجــــوّي الذي يتمتّع بنسبــــة عالية من الحمـايــــة تتــجــاوز 77 % مــــقــابل القيـــمــة (équivalent ad-valorem) ستنخفض خدماته المصدّرة عند تحريره بنسبة تفوق 4% مقابل ارتفاع في وارداته من الخدمات يصل إلى حدود 16 %، أمّا قــطاع المواصلات الذي يمتاز حاليا بتنافسيته فسترتفع وارداته إلى مستوى 40 %. وكذلك الحال بالنسبة إلى قطاعات أخرى مثل النقل البحري وخــــدمات الأعمــــال المالية والتأميـــن التي ستسجّل بدورها تدهورا في ميــزانها التـــجــاري. ولعلّ من أهمّ التأثيرات المرتقبة الأخرى انعكاسها السلبــــي على الحـــقّ في العمل إذ تفيد التقديرات أنّ مســـاهمـــة القـــطاعات المذكورة في التشغيل ستنخفض بنسبة 11.5 % في مجـــال خــدمات النقل الجـــوّي وبنسبة 7.88 % في مجــال النقل البحري وبنسبة أقل في قطاع الاتصالات تصل إلى 5.86 % وكذلك في قطاع الخدمات المالية والتأمين الذي سيشهد انخفاضا في حجم فرص تشغيل العـــمالة المتخــصّصـة بنسبة تناهز 4 % وتشير التقديرات كذلك إلى تقلص في مجال انتــداب العمالة غير المتخصــــّصة، مما يضـــاعف من خطورة الأوضاع الاجتمـــاعيــة التي سيفضي إليها تحـرير قطاع الخـدمات بصفتــه قــطاعـا واسعـا وحيـــويّا يستـــوعب ما يزيــد عــن 51 % من طاقـة البـلاد التشغيلية حسب أرقــــام المعهــد الوطنـي للإحصاء.

هل يعني ذلك أن نحجم نهائيا عن إبرام الاتّفاقية المقترحة؟

الجواب هو لا! إلّا أنّ واقع الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في بلادنا يفرض علينا الترّوي والحذر والاستعداد الأمثل حتّى نتلافى أخطاء الماضي. على أنّ القرار السياسي الذي تم اتّخاذه والقاضي بالمضيّ قدما في تحرير الاقتصاد التونسي وبدء المفاوضات شهد تطوّرا مفاجئا استغربه الكثيرون وهو الإعلان عن نيّة الحكومة إبرام الاتّفاقية في غضون السنة الحالية وهو ما قد يعرض بلادنا واقتصادنا إلى مخاطر كبرى.

وهناك محاذير عدّة يجب التنبيه لها وإشكاليات عويصة يتعين حلّها قبل إبرام الاتفاقية التي تعدّ الأهمّ في تاريخ الشراكة مع الاتحاد الأوربي من حيث وقعها الاقتصادي والاجتماعي وتأثيرها على الأمن القومي لبلادنا.

ويمكن التركيز هنا على:

  • ضـــرورة عـــدم التقيّد بتـــاريخ معـــيّن لإبـــرام الاتفـــاقيـــة قبل استكمال كافّة الاستعدادات ولاضير في الاستئناس بتجربة المغرب الشقيق الذي انطلق في مفاوضاته مع الاتحاد الأوروبي في 2013 ولم يكملها إلى حدّ الآن حيث قرّر بعد ثلاث سنوات من المفاوضات عدم مواصلتها قبل إجراء دراسة معمّقة للتأكّد من تأثير الاتفاقية على النسيج الاقتصـــادي المغـــربي، والآن وقـــد صدرت هذه الدراســــة لم نقرأ أي أخبار حول استئناف المغرب لمفاوضاته مع الاتحــاد الأوروبي، فلماذا نتسرّع نحن في إبرام هذه الاتفاقية؟
  • واجـــب القيـــام بتقييـــم شــامل ومعمّـــق ومستقل لنتـــائـــج اتفاقية الشــــراكة (1995) بين تـــونـــس والاتحـــاد الأوروبي قصد التأكد من آثارها في ظلّ ما نشرته بعض الأوساط من بيانات اقتصادية واجتماعية سلبية حولها لا يتّسع المجال لذكرها في هذا المقال.
  • الاستعانة بهذا التقييم لاستشراف انعكاسات تحرير تجارة الخدمات والمواد الفلاحية على اقتصاد بلادنا وخاصّة على أمنها الغذائي واستقلالية قرارها.
  • ضـــرورة القيـــام بتشخيـــص شامل للأوضاع في قطاعي الخدمات والفلاحة من حيث الإنتاج والإنتاجية والقدرة التنافسية والتشغيلية وكيفية تأهيل القطاعين والتكاليف المرتبطة بذلك ومصادر التمويل ودور الشريك الأوروبي في ذلك.
  • إدراك الـــدور الحســـاس الذي تلعبـــه الفـــلاحة في حيــــاة المواطن التونسي على المستويين الاقتصادي والاجتماعي حيـــث ينتمي 85 % من الفلاحين إلى فئة صغار المزارعين الذين يمارسون فلاحة تقليدية وهم معرّضون أكثر من غيرهم إلى مخاطر تحرير القطاع. فهل سيستثنى هؤلاء من عملية تحرير القطاع؟ ومـــا هــي الضمانات التي سيتمّ تقديمهــــا لهـــم لمجابهة المنافســـة الأجنبية؟
  • حلّ معضلة شحّ المياه إذ لا يمكن الاستفادة من الاتّفاقية دون تأمين المصادر المائية الإضافية التي يحتاج إليها الترفيع في الإنتاج الفلاحي (يستهلك القطاع حاليا ما يفوق 80 % من الموارد المائية المتوفرّة). فهل يقبل الاتحاد الأوروبي بتسخير جزء بسيط من مـــوارد صناديقه الهيكلية لإصلاح البنية التحتية في بــــلادنا وإنجــاز مشاريع تحلية مياه البحر ودعم شبكــــة الســـدود وربـــط بعضــــها ببعـــض والاستثمــــار المكثّف في الطاقات البــــديلة؟

إنّ الشراكة التي نطمح إليها من وراء مرتبة «الشريك المتميّز» تقتضي توفير الأمن بمفهومه الشامل لجميع الفرقاء وقد استبشرنا بعيد الثورة بقرار مجموعة الثمانية القاضي بإعداد مخطّط دعم خماسي لبلادنا قوامه 25 مليار دولار كما رحّبنا بإقرار البرلمان الأوروبي في سبتمبر 2016 بالإجماع مبدأ تحويل الدين التونسي إلى استثمارات وبنداء إحدى هيئاته لصياغة «مخططّ مارشال-تونس» دعما لبلادنا. إلّا أنّ هذه الوعود لم تتحقّق باستثناء بداية تنفيذ محتشمة جدا لتحويل الديون إلى استثمارات اقتصرت على عدد قليل من الشركاء الأوروبيين.

هـذه المخططات والبرامج لو عرفت طريقها للتنفيذ لكانت مكنّت بلادنا من إنجاز المشاريع الكبرى والقيام بالإصلاحات الضرورية التي تخوّل لها الانخراط عن جدارة في اتفاقية التبادل الحر الشامل والمعمّق. أمّا اليوم فإنّ الأوضاع الاقتصادية المتردية والظروف الاجتماعية المتأزّمة واختلال الموازين المالية الخطير تجعل مــن إبرام هذه الاتفاقية ضربا من ضروب المقـامرة الخـطيرة.

السفير محمّد لسير

رئيس المنتدى الدبلوماسي

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.