إن هذا لشيء عجاب: قتل امرئ في غابة / بعثة...
صدق الشاعر السوري أديب إسحاق إذ قال ذات مرة:
قَتْلُ امرئٍ في غابةٍجــــريمةٌ لا تُغتَفر
وقَتْلُ شعبٍ آمــنٍمسأَلةٌ فيها نظر
ولو استبدلنا عبارة "في غابة" بعبارة "في بعثة" (قنصلية) لانْطَبَقَ البيتان انطباقا كاملا على المفارقة التي نعيشها منذ مطلع شهر أكتوبر الجاري ونحن نتابع أطوار "قِتْلَةِ" الصحفي جمال خاشقجي الشنيعة الفظيعة التي ما فتئت تستأثر باهتمام العالم بينما كان العالم في غفلة عن حرب غاشمة ظالمة ما تزال تُشَنُّ على شعب اليمن "التعيس" للسنة الرابعة على التوالي...
فهل من مفارقة أعجب من مفارقة أن ينفعل الضمير العالمي وأن يتفاعل مع مقتل شخص، وألا ينفعل أو يتفاعل مع سقوط آلاف الأشخاص المدنيين بين قتلى وجرحى، وتشريد الملايين من البشر، وتجويعهم وحرمانهم من أبسط حقوقهم في العيش الكريم والأمن والتعلّم والعلاج...
وهل من مفارقة أعجب من أن يهدد صنّاع السلاح الفتّاك وبَاعَتُهُ الجشعون، تحت غطاء حماية الديمقراطية والحريات وحقوق الانسان، بإيقاف تزويد مستخدميه في الحرب الظالمة الغاشمة على اليمن "التعيس"، معاقبةً لهم على قتل جمال خاشقجي، وليس على تسبّبهم فيما سمّته منظمة الأمم المتحدة "أسوأ ازمة إنسانية في العالم" وما وصفه البعض بـ"حالة فوضى جهنمية...
أفَلَم يكن من حق أطفال اليمن ونسائه ورجاله، وهم بشر كالبشر، أن يحلموا كما يحلم البشر جميعا بمستقبل أفضل لأنفسهم ولأسرهم ولوطنهم، فإذا هم اليوم، همّهم الأوحد والأقصى هو البقاء على قيد الحياة لا غير، فمن لم تقتله الغارات الهوجاء العمياء قتله الجوع والعطش أو المرض وربما الخوف واليأس من روح الله بعد أن يئسوا من روح عباده...
محمد إبراهيم الحصايري
- اكتب تعليق
- تعليق