غسّان سلامة : توحيد الليبيين حول سرد وطني مشترك بعد الفرقة والانقسام
أبرز الممثّل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، غسان سلامة، في الكلمة التي توجّه بها إلى مجلس الأمن حول الوضع في ليبيا ما بذلته البعثة من جهود لتيسير الحوار ببن الفرقاء الليبيين من كل الفئات والشرائح، تمهيدا للوصول إلى اتفاق بينهم يضمن تقدّم العملية السياسيّة.
وقال إنّ ليبيا كانت " ذات يوم بلداً معروفاً بانسيابيته الديموغرافية الكبيرة. وكان المواطنون مستعدون للتحدّث مع بعضهم ويجوبون الأرض طولاً وعرضاً للقاء بعضهم، أو التزاوج والاتجار مع بعضهم، أو الاستقرار في مدن بعيدة عن مسقط رأسهم، وكل ذلك دون أن يتخلّوا عن هويتهم الشخصية.
ومنذ عام 2011، أصبحت هذه الانسيابية الديموغرافية مقيّدة، إن لم تكن مخنوقة بالكامل. وقد أسفر هذا عن ما يزيد على 300 ألف شخص من النازحين داخلياً غير القادرين على العودة إلى ديارهم وغالباً ما يعيشون في ظروف بائسة. وقد أجبر آخرون على الفرار من البلد برمّته. إذ ترفض الفئات التعايش مع بعضها. وقد أدت الانشقاقات الفكرية أو تلك القائمة على الهوية إلى نبذ اجتماعي واسع النطاق. وحلّ خطاب الكراهية محلّ التفاعل السلمي.
ومثال على ذلك ما ظهر لنا مؤخراً من أهالي تاورغاء، الذين مُنعت عودتهم، والكثير منهم يعيشون الآن في أماكن إيواء مؤقتة. وقد قمنا بإحالة خطّة بهذا الشأن للإسراع في التغلب على هذا المختنق".
وشدّد غسّان سلامة على التزام البعثة بإنهاء الإقصاء المتبادل والعزلة العقيمة، إذ ما لم يتمكّن الليبيون من كل الفئات والشرائح من الالتقاء للتحدث مع بعضهم، فلن يكونوا قادرين على الاتفاق. ولا يمكن للعملية السياسية أن تتقدّم ما لم يتفقوا.
وأشار إلى التقدّم المحرز في تغيير هذا الوضع من خلال الجهود التي بذلت مع الشركاء وإلى التواصل مع المجتمعات التي تعرّضت للتهميش، بما في ذلك أنصار النظام السابق، ممّا أفضى إلى إقناع الجماعات العرقية والمدن المتنافسة والأحزاب السياسية ممّن أحجموا عن التحدث مع بعضهم لعدة سنوات على الاجتماع معاً.
وقال إنّ مهمّته هي ليست تقسيم الكعكة بين الجشعين المتنافسين فيما بينهم، بل إنّ مهمّته أولًا وقبل كل شيء هي أن يوحّد الليبيين معاً حول سرد وطني مشترك، ملاحظا أنّ هذا السرد المشترك أمر بالغ الأهمية، فقد لوحظت مجموعة من المبادرات، بعضها مدعوم من الأمم المتحدة وشركائها، والعديد منها بمبادرة من الليبيين أنفسهم، لإعادة كتابة هذا السرد الوطني.
وأفاد غسّان سلامة أنّ رؤساء البلديات من جميع أنحاء ليبيا قد اجتمعوا لمناقشة قضايا حيوية تتعلق بتقديم الخدمات، اجتمعوا أولاّ في تونس ثم في ليبيا. وتمت استضافتهم في منازل أهالي مدينة الشحات في الشرق، والتقوا مرة أخرى قبل أيام قليلة في طرابلس في الغرب. وثمّة تحركات شعبية بدأت في جميع أنحاء البلاد، مطالبة بالتغيير ووضع حدّ للنهب.
وأضاف أنّ أعضاء مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة انخرطوا في حوار مع بعضهم بهدف الحفاظ على الروابط والتخفيف من حدة الانقسامات، مبيّنا أنّ الأمم المتحدة قدّمت الدعم للمجتمعات المحلية المتنازعة لصياغة اتفاقات المصالحة.
وأوضح أنّ وقبل أشهر فقط، أبدت الجماعات المسلحة التي ما فتئت تتقاتل فيما بينها أبدت قبل أشهر فقط قبولاً للجلوس حول ذات الطاولة. وبصفتها ميسراً لبعض هذه المناقشات، نجحت الأمم المتحدة في المساعدة على الحؤول دون نشوب أية صدامات، وأحياناً في اللحظة الأخيرة.
ولاحظ المبعوث الأممي أنّ هذه الأنشطة والجهود العديدة تعتبر جزءاً لا يتجزأ من إجراءات الاستعداد لمؤتمر وطني جامع الذي سيؤدي في نهاية المطاف إلى الجمع وذلك بعد شهر رمضان المبارك
قراءة المزيد
غسّان سلامة : قبل إجراء الانتخابات في ليبيا، التأكّد من أنّها ستكون شاملة ونتائجها مقبولة
غسّان سلامة : لا بدّ من تفتيت النظام الاقتصادي القائم على النهب في ليبيا
استمرار أعمال العنف والنزاعات المحلية في ليبيا مدعاة للقلق حسب غسّان سلامة
في كلمته إلى مجلس الأمن، غسّان سلامة يشدّد على ضروة الاستمرار في العملية السياسية في ليبيا
- اكتب تعليق
- تعليق