حمادي بن جاءبالله : محمّد الطالبي حيّا أو التأريخ للمستقبل
كيف يمكن التمييز في أعمال الأستاذ المرحوم محمّد الطالبي بين المنشود والمنجز، بين ما طلب وما تحقق له منه، بين الطموح إلى تجديد الفكر العربي الإسلامي حتى نكون ''حداثيين وأحرارا ومسلمين '' وبين ما أنجزه في هذا الاتجاه ؟ لابد من الاعتراف للأستاذ ألطالبي بأنه أثار من المسائل أبعهدها أثرا وأصعبها تناولا .كما لابد للاعتراف له أنه كان غاية في الشجاعة الأخلاقية والصبر على الأذى، شأنه في ذلك شان الذين يلقون على أمتهم الأسئلة التي كثيرا ما تتحاشى طرحها طلبا للسلامة ورضا بالمتاح . ذلك هو السؤال الكبير الذي طرحه الأستاذ الجامعي الدكتور حمّادي بن جاءبالله وسعى إلى الإجابة عنه في المحاضرة التي ألقاها في موكب أربعينية الدكتور محمّد الطالبي التي أقيمت بإشراف وزير الثقافة الدكتور محمّد زين العابدين.
وقال إنّه لاريب في أنّ الأستاذ الطالبي كلّف نفسه النظر في موضوعات على إدراكها الإدراك الملائم وإنجازها الإنجاز السليم يتوقف مستقبلنا، تونسيين وعربا ومسلمين، منها بالخصوص الحداثة والحرية والعقلانية العلمية .فأي تصور له عن الحداثة و الحرية ؟هل خصّهما بتحليل مفهومي متأن ام انه استخدم اللفظين في معانيهما الجارية في الثقافة الرائجة؟هل يمكن القول في ''الحداثة'' دون أن يكون ذلك تنزيلا للوجود في الزمن ؟وإذا كان ذلك كذلك كيف نفسر غياب إشكالية التحقيب التاريخي في كتابات الاستاذ الطالبي ؟ اي معيار يمكن اعتماده لرسم خط الفصل بين ''الحديث " و"ما قبل –الحديث" ؟ وكيف تكون الحرية من محددات الحداثة؟ هل يعني ذلك أنّ الإنسان لم يكن حرّا قبل العصر الحديث ،أم أنه ثمة فوارق نوعية بين "حرية القدامى" و"حرية المحدثين"؟ وما يمكن أن تكون تلك الفوارق ؟ وما العقلانية العلمية الحديثة ؟ هل يمكن النفاذ إلى معانيها الدقيقة إلا من خلال صانعي العصر الحديثة، علما وفلسفة وسياسة، كوبرنيك وغاليلي وديكارت ونيوتن وروسو وخاصة كانط ؟ وكيف نفسّر غياب هؤلاء المؤسسين جميعا عند الطالبي كما عند طالبي التحديث العرب عامة ؟ وهل يستقيم لهم ذلك ؟ يبدو أن غياب بلورة مفهومية لفكرة الحداثة والحرية والعقلانية انتهت بالكثير إلى مواقف نفعية انتقائية من علاماتها مقاتلة أن ''الحداثة غربية" وأنّ جهد التحديث عندنا كان قسريا، وهو ما يفسر عند البعض فشلنا فيه. فهل لنا حقا أن نفصل بين تحديث قهري مسقط عنيف وبين تحديث اختياري لطيف؟ كيف نفسّر عندها ما قاساه روّاد الحداثة في أوروبا من تقتيل وسجن وتشريد؟ وهل الحداثة فعلا ''حدث غربي" لا دخل للعربي المسلم فيه ؟ أما إذا سلمنا –وفقا للحقيقة التاريخية - بانه كان من فواعلها، فكيف نفسر تملّصنا منها واكتفاءنا – عند الاستطاعة المالية -باستهلاك منجزاتها التقنية ورفض قيم الحرية والعقلانية؟ تلك بعض المسائل الأخرى التى حاول المحاضر النظر فيها بالرجوع
-خاصة -إلى كتابات الأستاذ محمد الطالبي ...
- اكتب تعليق
- تعليق