أخبار - 2017.06.23

ولايـة بـــنـزرت: طـاقـات كامنـة للاستثمـار

ولايـة بـــنـزرت

من مميّزات ولاية بنزرت تعدّد الأنشطة فيها من فلاحة وصناعة وسياحة وخدمات. ممّا يفتح أمامها آفاقا رحبة لتجاوز كلّ النقائص والمعوّقات وإدراك مستوى تنموي أرفع. تقدّر نسبة البطالة فيها بـ 13,11% وهي أقلّ من المعدل الوطني البالغ 15,3%، وفق إحصائيات 2017. وتتوفّر في الجهة 13% من الموارد المائية الوطنية المعبأة وتختصّ بتنوّع سواحلها التي تطغى عليها السواحل الشاطئية مع وجود السواحل الصخرية والجرفية. وهي مشهورة بجزرها العشر وبنتوآتها الصخرية الموغلة في البحر والتي تشهد إقبالا كبيرا عليها فصل الصيف مثل كاب سيرات ورأس إنجلة.

تحتلّ ولاية بنزرت موقعا جغرافيا استراتيجيا فهي تقــع في أقــصى الشمــال الشرقي للبلاد التونسية على ساحل البحر الأبيض المتوسط. ومــوقعها المتقدّم في القــارة الإفريقية يجعلها تحوي أقصى نقطة في شمال القارة في منطقة رأس إنجلة.

تقدّر مساحة الولاية بـ 3750 كلم2 (ما يمثّل 2,3% من المساحة الجملية للبلاد التونسية) وتمتدّ سواحلها شرقا وشمالا على طول 200 كلم. تعتبر الولاية قطبا فلاحيا باعتبارها امتدادا طبيعيّا لإقليم الشمال الغربي التونسي الذي يوجد فيه جانب من الثورة الفلاحية التونسية بما يتوفّر في هذا القطب من موارد ومسطّحات مائية هامّة ومتجدّدة تقدّر بـ 658 م م3 منها 560 م م3 مياها سطحيّة و98 م م3 مياها جوفية ولارتوائها بوادي مجردة. ومكّنت هذه الموارد المائية من تهيئة حوالي 25000 هكتار من المناطق السقوية بالولاية.

تضم ولاية بنزرت 14معتمدية و17 بلدية و102 عمادة و8 مجالس قروية .وتعدّ 568,2 ألف ساكن حسب إحصائيات 2014 (ما يمثّل 5,2 % من مجموع سكّان تونس). وهي وجهة العديد من الباحثين عن العمل أصيلي الشمال الغربي. أهم مدنها  بنزرت ومنزل بورقيبة وماطر ورأس الجبل ورفراف وغار الملح  وسجنان ومنزل جميل والعالية ومنزل عبد الرحمن وتينجة.

من بندقية إفريقيا إلى مدينة الجلاء

بنزرت اليوم هي «هيبو زاريتوس» في العهد اليوناني وكانت تلقّب ببندقية إفريقيا. وكانت بنزرت الفينيقيـة أو «هيبو أكرا» مركزا تابعا لأوتيكا، غزاها القائد الصقـــلي أغـاطو كــل سنـــة 309 ق م في حملته على قرطاج. ولما انتصرت رومـــا هــــدّمتها وألحقتهـــا بأوتيكا. وعند حلـــول يوليوس قيصر ببنزرت ضمّها إلى الامبراطورية الرومانية وأطلق عليها اسم «هيبو ديارتوس». وفي عهد أغسطس قيصر استعادت المدينة عمرانها وتطوّرت فمنحها مرتبة المدن المتمتّعة بالرعاية الملكية اعترافا بموقعها الاستراتيجي الهام .ولمّا تدهور حكم الرومان احتلّها جانسريق زعيم الوندال سنة 439م ضمن كامل المنطقة المتوسطية إلا أنّ حكم الــونــدال لم يدم طـــويلا واحتلها البيـــزنطيون ســنة 534م. وتـــدين بنـــزرت بنهضتـــها إلى الأندلسيين والعثمانيين الذين تركوا فيها معالم تاريخية عديدة إلى اليوم نذكر منها القصبة والحصن الإسباني والمدينة العتيقة والقصيبـة. وتدين باسمها الحالي إلى القـــائد حـــسّان بن النعمـــان بعــد أن فتحها القائد معــاوية بن حديج سنة 661م (41 هـ) وأقام فيها المسلمــون رباطا لصدّ هجمات الروم وشهدت استقرارها في العهد الإسلامي. عرفــت مـــدينة بنزرت نهاية الاحتلال الأجنبي على مدى التاريخ بمغادرة آخر جندي فــرنسي لتـــراب البلاد التونسية في 15 أكتوبر 1963.

الـبنية الأساسية

في الولاية بنيــــة أســــاسيـــة مهمّــــة يتصدّرها الميناء التجاري الذي يضــــمّ الرصيف البترولي بجــرزونة ورصيــف الإسمنــت بخليج صبرة ورصيف نقل الفولاذ بمنزل بورقيبة ورصيف الحبوب والرصيف التجاري للبضائع والمسافرين ببنزرت. ويصــل حجم المبـــادلات بالمينــــاء 23% من إجمالي المبادلات التجارية عبر المــوانئ الوطنية. وترتبط الولاية بشبكة مـــن الطرقات الوطنية وتربطها بالعاصمة الطريق السيارة التي يبلغ طولها 51 كلم .وبخصوص شبكة التطهيـــر تبلغ نسبة التطهير بالوســـط البلدي 97,5 %. أمـــا نسبة التنوير العام فتبلغ 99,4 % في حين تصل نسبة التزويد بالماء الصالح للشراب 96,4%. وتقدّر المـــوارد المائية المعـــبّأة بـ 536 مليــون م3 (8 سدود كبرى - 24 ســـدّا تلّيا - 81 بحيــرة جبليّة) و3 بحـيرات طبيعيـــة كبـرى (بنزرت، إشكــــل، غــار الملــــح) لتربية الأحيــــاء الـمائية (2661,2 هك).

الفلاحة والصيد البحري

تساهـم ولاية بنـزرت بصفة معتبرة في الإنتاج الوطني الفلاحي فهي تنتج حوالــي 20% من البقـــول الجـــافّة و12% مــن الألبان و17% من البطاطا و11% من اللحوم الحمراء و12% من الحبــوب و6% من منتوجات الصيد البحري. وتقدر مساحة الأراضي المحترثة بـ 207500 هك ومساحة المناطق السقوية بـ 24958 هك أما المعدّل السنوي للأمطار فيبلغ 622 مم وتبلغ مساحة الغابات 99135 هك. وفي الولاية ميناء للصيد البحري في الأعماق و5 موانئ ساحلية توفّر نوعية رفيعة من الأسماك والأحياء المائية بمعدل 6000 طن في السنة. وتضمّ الولاية محضنة مؤسسات في الفلاحة بالمدرسة العليا للفلاحة بماطر ومحضنة مؤسسات في الصيد البحري بالمدرسة العليا للصيد البحري وتربية الأحياء المائية بالرمال. وبالنسبة إلى الموسم الفلاحي الحالي بلغت التقديرات النهائية  لصابة الحبوب بولاية بنزرت 2.3 ملايين قنطار بزيادة 15 بالمئة عن الموسم المنقضي.

نسيج صناعي متنوّع

تتميّز ولاية بنزرت بتقاليد عريقة في المجال الصناعي من خلال أهمّ المؤسّسات الصناعية العمومية المنتصبة بالجهة مثل الشركة التونسية لصناعات التكرير STIR بجرزونةــ و شـركة اسمنــت بنزرت والشركة التــونسـية لـمــــواد التزييـــت «SOTULUB» والشركة التونسية لصناعة الحديد «الفولاذ» بمنزل بورقيبة وحوض صناعة وإصلاح السفن بمنزل بورقيبة. كما يوجد بالولاية 9 مناطق صناعية تمسح 181 هك وفضاء للأنشطة الاقتصادية يمسح 81 هك وهناك أيضا 277 مؤسسة صناعية توفّر حوالي 45,7 ألف مــوطن شغــل (منهــا 176 مــؤســسة مصــــدّرة كليّا توفّر حوالي 37,8 ألف مـــوطن شـغــل) وقطب تنموي يشمل المنطقة الصناعية للقطب التكنولوجي للصناعات الغذائية بمنزل عبد الرحمان على مساحة 45 هك ومنطقة صناعية متعددة الاختصاصات بالعزيب على مساحة 66 هك. وكذلك محضنة مؤسسات بالمعهد العالي للدراسات التكنولوجية بمنزل عبد الرحمن. بالإضافـة لاحتوائها على عديـد المؤسسـات الصناعيـة الخاصّة ذات الصيت العالمي والتي تشغل أكثر من ألف عامل.

 

مقوّمات سياحية واعدة

وفي المجال السياحي توجد بالولاية 18 وحدة سياحية (منها 4 إقامات سياحية وقرية سياحية) بطاقة جملية تقدّر بحوالي 3011 سريرا. وفيها أيضا ميناء ترفيهي يستقبل سنويا عددا هامّا من اليخوت العابرة للبحر الأبيض المتوسط. تعدّ الولاية حوالي 200 كلم من السواحل (سيدي سالم، الرمال، غار الملح، رفراف، كاب سيرات،...)، وتضمّ موقعا سياحيّا عالميّا وهو رأس إنجلة، باعتباره أقصى نقطة بشمال القارّة الإفريقية، ممّا يتيح إمكانية تطوير السياحة الشاطئية. كما يمكن النهوض بالسياحة البيئية بالاستغلال الأمثل للحديقة الوطنية بإشكل وغابات سجنان والمحمية البحرية والساحلية بأرخبيل جالطة والرأس الأبيض، وبحيرات بنزرت وغار الملح. وبفضل المعالم الأثرية في الجهة يمكن أن تزدهر السياحة الثقافية بوجود 11 معلما أثريّا منها المدينة الأثرية بأوتيك والميناء الفينيقي والمدينـة العتيقة ببنزرت، إضافة إلى متحفين في الولاية ومهرجـان ثقافي دولي يستقطب عديد الزوار.

وفي مجـــال الصنــاعات التقليدية،اشتهرت ولاية بنزرت بصناعة الخزف البربري بسجنان وصناعـة الزربية والنقـش على الخشب والحديد المزخرف والتطريز وخاصة طريزة رفراف المشهورة والشباكة والتطريز اليدوي بغار الملح وصنع الشاشية بالعالية.

خالد الشابي

قراءة المزيد

أوتيـــك، أقـــدم المـــدن التـــــاريخية بشمـــال إفـــريــــقـــيـــا

غـار الملـح، جمـال خـلّاب

الحديقة الوطنية بإشكل

رأس إنجلة، أقصى نقـطـة في إفــريقيـا

ولاية بنزرت: الواقع التنموي والطموحات

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.