في العدد 18 لليدرز العربية : مخاوف الزيتونة
من بين محتويات العدد الثامن عشر لمجلّة ليدرز العربية (15 جوان/ 15جويلية 2017) نظرات في واقع الجامعة الزيتونية اليوم.
في مقال يحمل عنوان "يومَ تغادر الزيتونةُ مخاوفَها" تصدّر الغلاف، أشار الدكتور احميدة النيفر في البداية إلى ما عاينه في المرّات التي زرار فيها الجامعة الزيتونية بعد الثورة من حركة ونشاط وتوثّب للطلبة، التونسيين منهم والوافدين من إفريقيا جنوب الصحراء ومن آسيا وحتى أوروبا وكذلك من حرص على قدر من الانضباط من الجانب الإداري، بعد أن هوَتْ هذه الجامعة العريقة في استتباع سياسي مهين لم تعرفه أية مؤسسة جامعية. غير أنّ الحيوية المدهشة التي لاحظها كتاب المقال سرعان ما تنكفئ عندما تحاصرها الأسئلة المُلِحَّة عن خلفيات هذه الحركية ومآلاتها فضلا عن التعابير التي تبدو جزئية لكنها خطيرة من حيث الدلالة. وقد استخلص الدكتور احميدة النيفر من معاينته لنماذج من الممارسات داخل الجامعة الزيتونية عمق المشكلة التي تواجه هذه المؤسسة والمتمثلة في كيفية استيعاب سياق الحرية المتاحة لها بعد الثورة بما يُجَنِّب نخبها التمزق الذي عانت منه طويلا والذي أدّى بها إلى فقدان مصداقيتها العلمية والاجتماعية، و تؤكد هذه النماذج، وغيرها كثير، في نظره، ما يتناهى إلى أسماع كل من يشغله وضع التعليم في الزيتونة من أنّ مُجريات الأمور فيها لا تطمئن. ولاحظ أنّه رغم ما توفّر لها من حرية واستقلالية ورغم مخاطر الغلوّ العنيف المهدّد لأمن البلاد فإنّ عودة الروح للزيتونة المتيحة لخطاب معرفي معاصر أن يُشِعَّ في ربوعها ما تزال مستبعدة.
وذكر كاتب المقال أنّه بالعودة إلى كاتب الشيخ الطاهر بن عاشور "أليس الصبح بقريب" وهو، في تقديره المرجعَ الأهم لمقاربة المعضلة الزيتونية، تتكشّف، في ضوء ما آلت إليه أوضاع التعليم في الزيتونة وفي ضوء التحولات العامة الاجتماعية والثقافية والسياسية أربع فجوات كبرى تحول دون استقرار الإصلاح في الجامعة العريقة. هي فجوات تعبّر عن مخاوف محورية يعرض إليها الشيخ ابن عاشور في فصول كتابه. وبيّن الدكتور احميدة النيفر أنّ هذه المخاوف أربع وهي:
- فقدان صفة المركز بعد أن كانت الزيتونة أهمّ مؤسسة جامعية في الغرب الإسلامي،
- فقدان صفة الحصن المُؤْتَمَن على العلوم اللغوية والشرعية،
- "اختراق" الزيتونة ممن يُعتَبَرون "مُنْدَسّين"، والمقصود بذلك الوافدون من كليات الآداب في اختصاصات اللغة والحضارة والتاريخ،
- اتساع دائرة الحصول على المعارف الإسلامية وهي مخافةٌ ناجمة عن الإقبال على الجمعيات الثقافية المعتنية بمعالجات مجدّدة للتراث وما يتوفّر إلى جانبها في وسائل الاتصال الاجتماعي من مقاربات مغايرة مضمونا ومنهجا.
وعبّر كاتب المقال عن الأمل في تمكّن الزيتونة من مغادرة مخاوفها متحررةً من وهم تحصين التراث ومقتدرةً على الإجابة عن سؤال المعاصرة.
- اكتب تعليق
- تعليق