حماية المتاحف والمجموعات الأثريّـة والتّـاريخيّـة والاثنوغـرافيّـة وتثمينها
اعتبارا للقيمة الأثرية والعلمية لرصيدنا الوطني الأثري والتاريخي الفريد وتنوع أنماطه وفنونه، سعى المعهد الوطني للتراث إلى أخذ التدابير الوقائية الكفيلة بتأمين وسلامة المؤسسات المتحفية وحفظ المجموعات الأثرية والتاريخية وحماية تراثنا المنقول جردا وترميما وتوثيقا واقتناء وعرضا، فشرع في تعزيز استراتيجيات العمل في هذا المجال منذ سنة 2011، إبّان الثورة التونسية التي عقبتها حالة من الانفلات الأمني وضعف الرقابة الإدارية على عديد المواقع والمعالم والمتاحف التونسيّة، ضمانا لسلامة مخزوننا الأثري من كل ما من شأنه الإضرار العفوي أو القصدي به بالإتلاف أو الطمس أو السرقة أو الاتجار غير المشروع فيه، حتى تبقى خير شاهد على عراقة حضارتنا وديمومتها على مرّ العصور.
إنّ هذه الاستراتيجيات تنبني أساسا على المحاور الرئيسية التالية:
الجرد والتوثيق والحفظ الوقائي والإلكتروني
عرف مشروع الجرد المعلوماتي للمجموعات المتحفية نقلة نوعية تمثلت في ربط عدد من المتاحف بشبكة الإنترنات ووصلها بمركز معلومات رئيسي وضع بمقر دائرة التنمية المتحفية بالمعهد الوطني للتراث. وقد شملت المرحلة الأولى من هذا المشروع عددا من المتاحف الوطنية الكبرى على غرار متاحف باردو وقرطاج وسوسة قبل السعي إلى استكمال هذا العمل ليغطي كافة المتاحف، إضافة إلى توفير كل المعطيات والمعلومات التي تعرف بالمتاحف على شبكة الإنترنات على غرار ما هو معمول به دوليا واستكمال مشروع فهرسة وإحصاء وترميم المجموعات المتحفية الهادف إلى تطوير منظومة الجرد الرقمي لكامل المجموعات الأثرية والاثنوغرافية الوطنية.
ترميم المجموعات المتحفيّة
يقوم المخبر المركزي التابع للمعهد الوطني للتراث بجهود حثيثة في مجال ترميم القطع الأثرية والتاريخية الموجودة بكافة المتاحف ومخازن التراث بالجمهورية التونسيّة وفق أساليب علمية حديثة. ويشرف على إنجاز هذه التدخلات الدقيقة فريق مختص من الإطارات من ذوي الخبرة والاختصاص بما يخوّل إعادة البريق إلى القطعة والمحافظة على حالتها وضمان ديمومتها عبر السنين قبل عرضها بالمتاحف أو حفظها بالمخازن الوطنيّة المعدّة للغرض.
العرض المتحفي
حرصت مشاريع إعادة التهيئة التي شملت عددا هاما من المتاحف الوطنيّة ومشاريع بعث متاحف جديدة بكل من سليانة وسيدي بوزيد على مراعاة الاستجابة للمعايير والضوابط المرجعية المعمول بها في المتاحف العالمية في مجال الحراسة والتأمين والسلامة وهو ما تجسّد خاصة في إيلاء اهتمام وأولوية أكبر لاستكمال مشروع منظومة تأمين وسلامة المتاحف بتركيز جملة من أجهزة الإنذار ضد السرقة والحرائق والمراقبة الإلكترونية قصد تجاوز النقص الذي تشكوه المتاحف في الزاد البشري المخصّص للحراسة واقتناء أجهزة اتصال لاسلكي وأجهزة كشف المعادن ومراقبة السيارات وتوزيعها على مختلف متاحف الجمهورية وعلى شبكة الإنارة والإضاءة الداخلية والخارجية بالمتاحف ومحيطها وإبرام عقود صيانة ومتابعة لضمان حسن عمل مختلف الأجهزة المركّزة بالمتاحف مع شركات مختصة.
التشريعات القانونيّة
تعكف اللجنة المختصة التي تم إحداثها بمقتضى القرار الصادر عن وزير الشؤون الثقافيّة والمتكونة من خبراء في القانون ومختصين في المجال المتحفي حاليا على إتمام إعداد مشروع النص القانوني الخاص بالمتاحف والذي سيعرض للمناقشة والإثراء خلال ندوة علمية تقنية ستنتظم في الغرض خلال شهر مارس القادم، قبل صياغة مشروع نصّه النهائي والمصادقة عليه. وسيمكن هذا القانون من تسهيل التسيير والتصرف في المتاحف عمومية كانت أو خاصة.
الطاهر غالية
- اكتب تعليق
- تعليق