مشاهدات إيطالية: تونس والسياحة الآسيويةُ في أوروبا (2)...
من المظاهر التي شدّت انتباهي خلال زيارتي مؤخرا إلى إيطاليا ضخامة أعداد السيّاح الآسيويين الذين يصادفونك حيثما تنقّلت في الفنادق والمطاعم والمقاهي وفي الشوارع والساحات والمحلات التجارية وفي المتاحف والمواقع الأثرية، حتى إنه ليُخَيَّلُ لك أن هناك جسرا جويا يربط بلا انقطاع بين إيطاليا وبين البلدان الآسيوية هو الذي يمكّن من نقل هذه الاعداد الهائلة من السيّاح جيئة وذهابا...
وقد كان من الطبيعي أن أتساءل بيني وبين نفسي عن أسباب عجز بلادنا، بالرغم مما تتمتع به من مزايا سياحية تفاضلية عديدة، عن استقطاب، ولو نسبة بسيطة من سيّاح هذه القارة التي يمثل سكانها 60 بالمائة من سكان العالم؟..
وفي رأيي فإن ذلك راجع بالأساس إلى أن أنظارنا مازالت مركّزة على السوق السياحية الأوروبية وأن اهتمامنا بالأسواق الأخرى ما يزال ضعيفا ودون المستوى المنشود... وليس أدل على ذلك من أن بوابة "اكتشف تونس: discover tunisia " التي فاخرت وزيرة السياحة بإحداثها للقطع مع الطريقة الكلاسيكية في الترويج للمنتج السياحي التونسي أطلقت بأربع لغات أجنبية الى جانب اللغة العربية هي الانجليزية والفرنسية والايطالية والألمانية...
وأنا لا أنكر وجود بعض البوادر التي تؤشر إلى بداية التفات إلى السوق السياحية الصينية، كما أقدر الخطوات التي تم اتخاذها لتشجيع السواح الصينيين مثلا على القدوم الى تونس، وذلك على غرار إعفائهم من تأشيرة الدخول الى بلادنا ابتداء من 15 فيفري الجاري، والتخطيط لفتح خط جوي يربط بين البلدين، غير أنني أعتقد أن هذه الخطوات غير كافية وليس من المتوقع أن تؤتي أكلها بالسرعة المطلوبة...
ومن هذا المنطلق فإنني أقترح على وزارة السياحة التفكير بإمعان في امكانية الاستفادة من الجسر الجوي القائم بين البلدان الآسيوية وبين إيطاليا وغيرها من البلدان الاوروبية التي لا تفصلنا عنها سوى ما بين ساعة وساعتي طيران لاستقطاب ولو نسبة بسيطة من السيّاح الاسيويين القادمين الى هذه البلدان وذلك من خلال التحرك في اتجاهين متوازيين:
1/ الاتجاه الأول، هو وكالات الاسفار في الصين والبلدان الاسيوية الاخرى كاليابان وكوريا الجنوبية وغيرهما بهدف النظر معها في إمكانية وكيفية إدراج زيارة بيومين أو ثلاثة الى تونس في برامج الرحلات التي تقترحها على زبائنها القاصدين البلدان الاوروبية.
2/ الاتجاه الثاني، هو الساحات الاوروبية التي يمكن أن تشكّل منصّة لترويج الوجهة التونسية عند السيّاح الآسيويين القادمين إلى الدول الاوروبية وذلك من خلال إيجاد صيغ مبتكرة تمكّن من إعلامهم وإغرائهم بالتحول الى تونس في رحلات سريعة بيومين أو ثلاثة انطلاقا من تلك الدول.
وغني عن القول أن التحرك في هذين الاتجاهين ينبغي أن يسبقه اعداد تصور متكامل للمنتج السياحي الذي سيتم اقتراحه على وكالات الاسفار أو على السيّاح الاسيويين والذي ينبغي أن يكون مغريا من حيث برنامجه ومضمونه الذي ينبغي ان يراعي خصوصيات السائح الآسيوي وكلفته.
وفي رأيي فإن "السماوات المفتوحة" التي قالت وزيرة السياحة انها ستنطلق في شهر مارس القادم ستساعد على إضفاء الجاذبية اللازمة على هذا المنتج...
ويبقى لأهل الاختصاص أن يفكروا في الطريقة المثلى وفي خطة التحرك الملائمة لتجسيم هذه المقترحات./..
محمد ابراهيم الحصايري
- اكتب تعليق
- تعليق