أخبار - 2017.01.13

محمد الحبيب الكشو: تونس بحاجة الى نخبة من طينة رجال/نساء دولة

محمد الحبيب الكشو: تونس بحاجة الى  نخبة من طينة  رجال/نساء دولة

بمناسبة احتفال تونس بالذكرى السادسة للثورة التي خرجت من أعماق الوطن والتي تفرض علينا الترحم على شهدائها وجرحاها الذين بفضل تضحياتهم تنعم تونس بفرصة القطع مع الاستبداد وبناء الجمهورية الثانية.

بالرجوع صعوبات الانتقال الديموقراطي في تونس و تعقد الاستحقاقات الوطنية والتحولات الإقليمية والدولية، يتأكد للمتابع الفطن أن هناك فرقا رئيسيا وجوهريا بين السياسي المتحزب والسياسي رجل الدولة في تدبير شؤون البلاد وإدارة الملفات المتشعبة والمعقدة ناهيك عن إدارة الأزمات.

فمن خلال متابعة ورصد لنخبتنا السياسية المتحزبة نستنتج أنها قليلة هي اللحظات التي ارتقى فيها الجميع للاستحقاق الوطني وقليل منهم من كان في مستوى رجل الدولة وتجاوز فيها انتماءه الحزبي وتضخم الأنا عنده.

صحيح أن لكل حزب مرجعياته وخصوصياته واستحقاقاته واكراهاته ولكن يجب أن تكون بوصلة الجميع المصلحة العليا للوطن .

تونس تتمتع وتزخر بنخبة سياسية متنوعة من مشارب اتجاهات وتجارب مختلفة، جزء منها نشأ داخل دوائر السلطة القائمة قبل الثورة وجزء آخر ترعرع  قبل الثورة في المعارضة وساحات النضال وجزء آخر تشكل بعد الثورة .

السؤال هو كيف تستطيع تونس أن تستفيد من هذا التنوع في التجربة والمسارات؟

لكل مكوّن من نخبتنا نقاط قوة ونقاط ضعف وجب العمل على تثبية الإيجابي منها وتجاوز وتغيير السيئ منها برفع القدرات والكفاءات وتجاوز النقائص.

إن الذي يعرف دواليب الدولة متهم بالتواطئ مع الاستبداد وعدم الوقوف في وجه الفساد والذي تربى في ساحات النضال متهم بعدم درايته وتمكنه من شؤون الحكم وإدارة الدولة والمنخرطون في الشأن السياسي بعد الثورة متهمون بعدم معرفة البلاد وخبايا الدولة وساحات النضال.

فلكل جزء من النخبة خصوصيته ولكل جزء أهميته ولكل جزء دوره في بناء مستقبل تونس لو توفرت الرؤية وصدقت النوايا و تسلّح الجميع بالعزيمة والإرادة و تزود الجميع بقدر من نكران الذات وتواضع الجميع وتمت الاستفادة من الأخطاء وتدارك النقائص من أجل المصلحة العليا للبلد.
فالسنوات الأخيرة (بعد الثورة) كشفت عن العقلية والمنهجية المتبعة من قبل الغالبية من الاحزاب السياسية من خلال العمل على تقديم نخبتها السياسية المتحزبة المرتبطة دائما بالمصالح السياسية الحزبية الضيقة والباحثة دوما على ربح بعض المكاسب السياسية والإعلامية عبر المناورات والمناكفات والاستثمار في الأزمات .(سواءًا النخبة التي في الحكم او النخبة التي في المعارضة).

الوضع يتطلب من الأحزاب أن  تعمل على تغيير نوعي في نخبتها بحيث تمنح تونس نخبة جديدة من صنف رجال الدولة.

فلكل مرحلة رجالها ولكل استحقاق شروط وكفاءات وقدرات إن لم تتوفر يمكن اكتسابها والعمل على تكوين جيل قيادي جديد داخل الأحزاب السياسية من طينة رجال الدولة.
تونس في حاجة إلى نخبة سياسية من طينة رجال الدولة متشبعة بقضايا شعبها، واعية بالتحولات الإقليمية والدولية، تتمثل رؤية مستقبلية للبلاد ومتمكنة من مناهج القيادة الاستراتيجية،  لها المقدرة على التواصل وبناء الثقة وبث الأمل والعمل المشترك،  قادرة على إدارة الاختلاف بينها دون تشنج أو تجريح أو إقصاء، إضافة الى المقدرة على إدارة الملفات والأزمات بالحكمة والكفاءة والاتزان وتغليب المصلحة العامة وعدم الانجرار وراء الأجندات الحزبية أو الضرورات الانتخابية.

تونس اليوم بحاجة إلى رجال دولة يخرجونها من أزماتها المتعاقبة والمتوالدة، لا نخبة متصارعة ومتنافرة  وفي بعض الأحيان متنافية، تلقي التهم لبعضها البعض، تونس بحاجة أن تتوحد الجهود والعزائم حول برنامج وطني جامع القصد منه إنجاح تجربتنا الديموقراطية والتشمير على السواعد للعمل والعمل ثم العمل فالورشات والجبهات متعددة ومتكاملة :من اجتثاث الإرهاب إلى محاربة الفقر والتهميش، من  استكمال بناء مؤسسات ومقومات الجمهورية الثانية إلى الإصلاحات الكبرى , تونس ليست بحاجة  إلى نخبة ما إن تتجاوز أزمة أو صعوبة إلا أن تتسبب في ولادة أزمة أخرى نتيجة حسابات ضيقة.
فالنخبة قدوة المواطن.

محمد الحبيب الكشو

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.