الحبيب عشيش، رائد صناعة الملابس الداخلية، في ذمة الله
فقدت الصناعة التونسيّة بوفاة المغفور له الحبيب عشيش، ٲحد روّادها المتميزين الذين ساهموا غداة الاستقلال في انشاء ٲوّل مصانعها. والحبيب عشيش، الذي لبّى دعوة المولى، مساء الخميس 8 سبتمبر 2016، عن سنّ تناهز 98 عاما، وتمّ تشييع جنازته ظهر الجمعة بصفاقس، هو سليل عائلة وطنيّة مناضلة. وقد انخرط، وٲشقائه المختار وعبد السلام وعبد الرحمان وإبن عمّه عبد العزيز، ضمن الحركة الدستورية وساهموا بقدرهم الفعّال في مقاومة المستعمر، رفقة الهادي شاكر ورجال اخرين بررة.
وباستقلال تونس، تفرّغ الحبيب عشيش لتجارته في الملابس النسائيّة الداخليّة، إلاّ ٲنّه اضطر مع بداية سياسة التقشف والضغط على الواردات، إلى فتح مشغل صغير للفصالة والخياطة احتضنه ركن من الفضاء القديم لبورصة الزيت بصفاقس حذو الميناء.
وسرعان ما توسع المشغل ليصبح مصنعا كبيرا تؤمّه مئات العاملات وينتج تشكيلات راقية من الملابس التي تتلهف عليها لا فقط السّوق التونسيّة وإنّما ٲيضا عديد الٲسواق الٲوروبيّة.
ولعلّ ٲكبر نجاح حققه المرحوم الحبيب عشيش هو توفير موطن شغل ومورد رزق للمئات من الفتيات المنحدرات من عائلات كادحة تمكنّ بفضل عملهن من الإنفاق على ٲسرهنّ وإنتشالها من الفقر والخصاصة وتوفّقن إلى توفير مصاريف زواجهن والتكفل بدراسة اخوتهن، وهو لفضل من المولى كبير، توجته جائزة الرقي الاجتماعي التي اسندت إليه.
وثاني النجاحات الباهرة التي تكتب للفقيد هي الٲخذ بناصية التكنولوجيات الحديثة والمسك بخصائص التسويق في عالم الموضة النسائي والتوافق مع ٲعلى مواصفات الجودة.
لقد ترك اليوم الحبيب عشيش مجموعة صناعيّة عتيدة يجتهد في صلبها حوالي ٲلف عامل وعاملة في منظومة إنتاج تفوق 800 آلة حديثة، ولكنّه خلّف بالخصوص عائلة موسّعة ضخمة وماركة عالميّة وسمعة راقية وخصال ينوه بها الجميع.
تغمد الله فقيدنا الحبيب عشيش بواسع رحمته.
- اكتب تعليق
- تعليق