أخبار - 2016.09.09

بمناسبة مرور 15 سنة على أحداث 11 سبتمبر 2001 : هل من مقاربة جديدة لمعالجة ظاهرة الإرهاب؟

 بمناسبة مرور 15 سنة على أحداث 11 سبتمبر 2001 : هل من مقاربة جديدة لمعالجة ظاهرة الإرهاب؟
بقلم: محمد ابراهيم الحصايري- يوم الأحد 11 سبتمبر 2016، يكون قد مرّ على أحداث 11 سبتمبر 2001 خمس عشرة سنة أعتقد أنها حقّقت "نبوءة" الرئيس الأمريكي جورج بوش الصغير الذي أكد في ردّة فعله الأولى على هذه الأحداث أن العالم لن يكون بعدها كما كان قبلها...
وبالفعل فإن العالم اليوم، على الأقل في المنطقتين العربية والإسلامية هو غير العالم الذي كان قبل الأحداث... 
بَيْدَ أن ما لم يتحقّق من كلام جورج بوش الصغير هو تعهده بالقضاء على الإرهاب، فبالرغم من حربيه على أفغانستان وعلى العراق ثم حروب خلفه، بشكل مباشر أو غير مباشر، على سوريا وليبيا واليمن وغيرها... وبالرغم من الغارات التي ما انفكت القوات الأمريكية، تشنّها بدون انقطاع، بالطائرات المقاتلة والطائرات بدون طيار وبالصورايخ الباليستية على العديد من البقاع في البلدان العربية والإسلامية، اشتد ساعد الإرهاب وقوي عوده وازداد عنفا وانتشارا وتعددت تنظيماته وجماعاته حتى بات بإمكان بعضها أن يسيطر على أراض شاسعة من بعض البلدان العربية وأن يقيم عليها دولة أو ما يشبه الدولة.
ومن منطلق استفحال ظاهرة الإرهاب وامتداد العمليّات الإرهابية إلى شتّى أصقاع العالم وخاصة إلى الدول الأوروبية في الآونة الأخيرة، بدأ بعض المفكّرين الغربيين يراجعون رؤيتهم لهذه الظاهرة التي دأبالغرب  على النظر إليها من زاوية دينية بحتة وعلى تلوينها بلون الإسلام. 
ولئن كان هؤلاء المفكرون يقرّون بأن الإرهاب قد يكتسي في بعض الأحيان طابعا دينيا، فإنّهم يرون أنه نابع من مشكلة أكبر هي هذه الفجوات السحيقة الناجمة عن التفاوت المجحف بين ما يسمونه مركز العالم وبين هامشه، فالإرهاب، كما يبدو من خلال مجريات الأحداث على امتداد الخمس عشرة سنة الماضية، ليس في الواقع إلا تعبيرا عن حالة قلق دولية عميقة لن تلبث أن تشعل العالم إذا لم يتم القيام بعمل ما فعّال وذي مصداقية من أجل معالجتها...
أما عن منشإ هذه الحالة فهو فساد نظام إدارة العالم الذي بلغ حدا لا يحتمل والذي ما فتئ يفرز ألوانا عديدة من عدم المساواة بين البشر، فيهمّش شعوبا بأكملها ويملأ النفوس بمشاعر المرارة والحقد.
وتأسيسا على ذلك، فإنّهم يرون أن الغرب مدعوّ بإلحاح إلى أن يعي أن الإرهاب لا دين له، وأنه قد يستعير ألوانه من الموضوعات الدينية أو القومية أو العرقية أو الايديولوجية، كما إنه مدعوّ إلى أن يكف عن ربط مشكلة الإرهاب، بشكل آلي وحصري، بالحركات الاسلامية المتشددة، لأن مثل هذا الربط يشكّل خطأ من شأنه أن يغطي على أصل المشكلة وأن يفضي بالعالم، في نهاية المطاف، إلى خسران حربه على الإرهاب، أولا لأنه لا يلامس عوامله الحقيقية، وثانيا لأنه يتصور، غلطا، أنه يستطيع السيطرة عليه بالقوة العسكرية وحدها...
ومعنى ما تقدّم، أن العالم، إن كان يريد أن يسلم من الاضطراب والعنف، وأن يتجنّب أن يعيش حقبة أليمة من التمرّدات التي يمكن أن تصل إلى حدّ استخدام أسلحة الدمار الشامل، بات اليوم بحاجة ماسة إلى تغيير رؤيته لمفهوم الأمن العالمي وإلى اعتماد مقاربة جديدة تتميز بالشمول والالتزام الصادق لسبل تحقيقه.
وقد أحببت، ونحن على أبواب الدورة الحادية والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، أن أسترعي الانتباه إلى هذا التوجه الفكري الغربي الناشىء، عسى أن تستفيد منه دبلوماسيّاتنا العربية والإسلامية في مخاطبة العالم، وعلّها تبذل ما بوسعها من أجل تعميقه وتوسيع نطاقه بما يرفع عن عموم العرب والمسلمين وصمة الإرهاب التي وصموا بها كافة وما لهم من جريرة سوى أنهم عرب ومسلمون./..
محمد ابراهيم الحصايري
 
 
هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.