المرحوم عبد الحميد الخشين: رائد في عالم الأعمال
هو بدون منازع من طينة رجال الأعمال التونسيين الذين تركوا بصمات لا تمحي، وأسدوا للاقتصاد التونسي خدمات جليلة ستذكرها الأجيال جيلا بعد جليل. كلّ من عرفه أو اشتغل معه يذكر ذكاءه الوقاد ونزوعه إلى توسيع مجالات نشاطه وتوقه إلى الابتكار والتجديد من خلال ما ينجزه من مشاريع بعد دراسة جدواها وتمحيص قيمتها المضافة. بثقة فائقة في النفس وطموح لا ينقطع، يعمل بلا كلل أو ملل، الساعات الطوال، كامل أيّام الأسبوع، موزّعا أوقاته بين متابعة سير مؤسساته العديدة والتخطيط لما عقد العزم على إنجازه. لم يتخرّج من كلية اقتصاد أو تصرّف أو تجارة، وإنّما قاده حسه الفطري، وحدسه الذي لا يخطئ ولا يخيب إلى أن يكون مثالا لقصة نجاح باهر وقدوة في إدارة الأعمال. وعلى الرغم من كلّ هذا النجاح، فإنّه ظلّ على تواضعه المعتاد، طيّب المعشر، قريبا من قلوب الناس.
هكذا كان المرحوم عبد الحميد الخشين الذي توفاه الأجل المحتوم يوم الخميس 23 جوان 2016 بمنزله الكائن بالحمامات عن سن تناهز 86 سنة.ومن هذه المدينة بالذات، انطلقت مغامرة هذا الرجل العصامي، أصيل القــــــيروان، في ستينيات القرن الماضي، وبالتحديد من محلّ لبيع منتوجات الصناعات التقليدية بفندق «الميرمار».
ثمّ ما لبث أن أصبح من أبرز رواد السياحة التونسية وواحدا من ألمع المستثمرين في هذا القطاع من خلال تشييد وحدات فندقية على شواطئ الحمامات الممتدة الأطراف في إطار المجمع السياحي المتمــــيز les Orangers... إلى جانب المرحومين الشاذلي الفراتي والطاهر الفراتي وعزيز ميلاد وغيرهم...كما استثمر المرحوم عبد الحميد الخشين في قطاعات أخرى مثل البعث العقاري إذ كان صاحب أحد أهم المراكز التجارية التي تم تشييدها في البلاد التونسية ـ مركز الحمامات التجاري ـ وقطـاع الصناعـــة، إذ بادر مبكــــرا إلى إنشاء وحدة صناعية لإنتاج الخزف (Tunisie Porcelaine) بمنطقة نعسان سرعان ما ازدهر حالها ولقيت منتوجاتها رواجا واسعـــــا في تونس وخارج حدود البلد في العديد من الأسواق... وهو ما بوأها مكانة متميزة بين أشهر المصانع إنتاجا للخزف في العالم، متحدية منافسة منتوجات بلدان عريقة في هذه الصناعة كالصين وفرنسا.
كما اقتحم الفقيد في السنوات الأخيرة من حياته قطاع السيارات وأصبح أكبر مساهم في رأس مال شركة «ستافيم بيجو» الوكيل الرسمي لمؤسسة «بيجو» لصنع السيارات الفرنسية.
رحم الله عبد الحميد الخشين، رحمة واسعة وطيّب ثراه. ستظلّ مسيرته مضرب الأمثال ومصدر إلهام في عالم الأعمال.
- اكتب تعليق
- تعليق