أخبار - 2016.07.20

المذكّرات السّياسيّة في تونس: ذاكــرة‭ ‬السّلـطـة ‭ ..‬سلـطـة‭ ‬الـذّاكـرة

المذكّرات السّياسيّة في تونس: ذاكــرة‭ ‬السّلـطـة ‭ ..‬سلـطـة‭ ‬الـذّاكـرة

تنتمي كتابة المذكّرات إلى ما يسمّى بــ«أدب الذّات» أو «كتابات الأنا»، وهي نمط من الكتابة يختصّ بجملة من الأصول والمبادئ والسّنن التّي تكرّس واستقرّت بتراكم نصوص المذكّرات على مدى قرون. فمن موضوعاتها المستقرّة الثّابتة «محكيّ الطّفولة» ويرد سريعا، مختزلا، ثمّ مراحل التّكوين، فالمنعرجات التّاريخيّة الكبرى التّي عايشها كاتب المذكّرات وكان شاهدا عليها.

مارس كتابة المذكّرات عدد هامّ من رجال الأدب والفكر والسّياسة في الغرب والشّرق، لعلّ من أشهرهم «شاتوبريون» Chateaubriand في كتابه «Mémoires d’outre tombe»، وشارل دي غول  Charles De Gaulle في كتابيه «Mémoires de guerre 1954» و«Mémoires d’espoir1970»، ورائدة الحركة النّسويّة في مصر هدى شعراوي في كتابها  «مذكّرات هدى شعراوي».

أمّا في تونس، فالثّابت أنّ أولى المذكّرات في العصر الحديث تعود إلى سنة 1888 حين أملى خير الدّين باشا (1821 - 1889) مذكّراته بالفرنسيّة، وقد صدرت بتحقيق وتعريب محمّد العربي السّنوسي عن بيت الحكمة بقرطاج سنة 2008.

وقد تنامت كتابة المذكّرات في تونس منذ أواخر ثمانينيات القرن الماضي وبداية التّسعينيات ثمّ تواصل ذلك إلى السّنوات الأخيرة، فقد نشر الدّكتور محمّد بن سالم. وزير الصّحّة في حكومة محمّد شنيق (1950 - 1952) ثمّ في حكومة محمّد صالح مزالي (1954) وصهر محمّد الأمين باشا باي، مذكّراته في أفريل 1988 تحت عنوان «المدخل إلى الاستقلال»، ثمّ نشر المنصف بن سليمان سنة 1989 مذكّرات والده المناضل الدّستوري الشّيوعي سليمان بن سليمان (1905 1986) بعنوان «مذكّرات سياسيّة» وكان بن سليمان قد كتب تلك المذكّرات بين سنتي 1966 و1967.

وفي السّنة نفسها 1989 نشر الزّعيم النّقابيّ الحبيب عاشور مذكّراته بعنوان «حياتي السّياسيّة والنّقابيّة: حماسة وخيبات (1944 - 1981).

ثمّ أصدر الطّاهر بلخوجة الوزير الأسبق سنة 1998 مذكّراته بعنوان «عشريات بورقيبة الثّلاث» . ونشر الباجي قايد السّبسي كتابه «الحبيب بورقيبة: المهمّ والأهمّ»: سنة 2009. أمّا عمر الشّاذلي الطّبيب الخاصّ للزّعيم بورقيبة  والوزير الأسبق فقد أصدر كتابه «بورقيبة كما عرفته» في سنة 2011 وهي كتب نشرت بالفرنسية.

ويتبيّن قارئ المذكّرات السّياسيّة في تونس أنّ هذه الكتابات على اختلاف أصحابها وتباين قراءاتهم لبعض الأحداث التّاريخيّة تشترك في جملة من الخصائص لعلّ أبرزها:

  • محوريّة شخصيّة الزّعيم بورقيبة في هذه الكتابات
  • هيمنة ما يسمّى بالتّاريخ المذوّت L’histoire subjective
  • الانطلاق من ذاكرة تغتني من تاريخ السّلطة للوصول إلى سلطة تمارسها الذّاكرة على التّاريخ
  • الانتقال من الإدلاء بشهادة إلى كتابة التّاريخ ومن موقع الشّاهد إلى موقع المؤرّخ.

ولا بدّ قبل البتّ في هذه الخصائص الأربع الكبرى من التّأكيد على أنّ هذه المذكّرات تمثّل بدرجات متفاوتة وثائق على قدر بالغ من الأهميّة في الإحاطة بأبرز الأحداث التّاريخيّة والسّياسيّة التّي عاشتها بلادنا طيلة ما يزيد عن نصف قرن، ذلك أنّها تتناول جملة المحطّات الهامّة في تاريخ تونس المعاصر بدءا من الحركة الوطنيّة التّحريريّة والمعركة من أجل نيل الاستقلال، مرورا بالصّراع البورقيبي- اليوسفي، ومعركة بنزرت، وتجربة التّعاضد، ومؤتمر الحزب في 1971، واتفاقيّة الوحدة مع ليبيا، وصولا إلى أزمة جانفي 1978 وحوادث الخبز في جانفي 1984 وتقلّبات النّصف الأوّل من الثّمانينات. وهي في كلّ ذلك تقدّم شهادات لا تخلو من أهميّة وتوفّر إيضاحات وإنارات مفيدة للمؤرّخين المحترفين والباحثين في تاريخ تونس المعاصر ولدارسي الحضارة والفكر السّياسي في تونس وحتّى للفاعلين السّياسيّين في السّياق الرّاهن أنفسهم.

بورقيبة: المستأثر بالزّعامة، المستأثر بالذّاكرة

يلاحظ متأمّل المذكّرات السّياسيّة في تونس أنّ شخصيّة الزّعيم بورقيبة تحظى بمكانة هامة في هذه الكتابات التّي تكاد تتحوّل أحيانا من جنس المذكّرات التّي تشهد على مرحلة تاريخيّة معيّنة إلى جنس السّيرة Biographie التّي تغطّي حياة زعيم وقائد وطنيّ.

وعلى هذا النّحو نجد أنّ شخصيّة بورقيبة وسيرته وأطوار حياته ومواقفه وأعماله تستأثر بذاكرة جلّ أصحاب المذكّرات وتستبدّ بالفعل التّذكّري في هيمنة تترجم حضوره اللّافت في تاريخ تونس المعاصر واتساع اشعاعه في السّاحة السّياسيّة التّونسيّة.

ويمكن أن نفسّر هذا الحضور الطّاغي بما يسمّيه بول ريكورPaul Ricœur «الذّاكرة الملزَمة» ، حيث نتبيّن أنّ هذا الاستئثار يعود في الغالب إلى شعور كتّاب المذكّرات بضرورة إنصاف هذه الشّخصيّة الفذّة وإيفائها ما هي جديرة به من درس وتأمّل ونظر، ويقينهم بما يمكن أن ينجم عن ذلك من اعتبار واتّعاظ.

ويظهر هذا الاحتفاء الواضح بشخصيّة بورقيبة أوّل ما يظهر في عناوين الكتب الصادرة عن كل من الباجي قايد السّبسي والطّاهر بلخوجة وعمر الشّاذلي ومحمّد مزالي الذي جعل  عنوان مذكّراته "Un ministre de Bourguiba témoigne".

إذا تجاوزنا ظاهرة العناوين ونظرنا في فصول تلك المذكّرات ألفينا كثيرا منها فصولا مخصّصة لبورقيبة سيرةً وفلسفةً ومواقفَ، فالباجي قايد السّبسي يُفرد فصلا كاملا في آخر الكتاب يسمّيه «البورقيبيّة» Le Bourguibisme (ص.ص 397 - 413)، والطّاهر بلخوجة يهدي

مذكراته «إلى الرّئيس الحبيب بورقيبة: المجاهد الأكبر» ويجعل الفصل الأوّل من الكتاب متمحّضا للحديث عن نضالات بورقيبة وقيادته حركة التّحرّر الوطني، ولتفصيل القول بشأن خياراته الأساسيّة في بناء الدّولة الوطنيّة وإبراز نجاحاته في تحرير البلاد وتحديث المجتمع ومقاومة التخلّف، وهكذا عنون هذا الفصل بـ«بورقيبة: يوغرطة الذّي نجح»  (ص ص. 11 - 35).

أمّا عمر الشّاذلي فأقام مذكّراته على تعقّب مختلف أطوار حياة بورقيبة أكثر من اتجاهه إلى الشّهادة التّاريخيّة على أهمّ الأحداث التّي عرفتها مرحلة نشاطه السّياسي واضطلاعه بالمسؤوليّات العلميّة أو الحكوميّة. وحتّى سليمان بن سليمان، رفيق بورقيبة في النّضال الوطني ثمّ خصمه المنسلخ من الحزب الدّستوري للالتحاق بالحزب الشّيوعي، فقد أفرد الفصل الثّالث من مذكّراته للحديث عن لقاءاته مع بورقيبةRencontres avec Bourguiba  (ص. ص. 323 - 385).

فالواضح أنّ شخصيّة الزّعيم بورقيبة وسيرته ومجمل مواقفه وخياراته وأعماله مثّلت مادّة أساسيّة من موادّ المذكّرات السيّاسيّة في تونس، وهو أمر يعكس «كاريزما» هذه الشّخصيّة وأثرها الواضح في الحياة الوطنيّة على امتداد أكثر من نصف قرن، وكأنّ استئثاره بالزّعامة وبالحكم قد توسّع وامتدّ فأضحى استئثارا بذاكرة رفاقه ووزرائه ومعاونيه.

التّاريخ المُذَوَّتُ "histoire subjective" أو الذّاكرة الموجَّهة "la mémoire manipulée"

التّاريخ المذوّت هو ضرب من الكتابة التّاريخيّة يصنعه كاتب أو مؤرّخ من خلال تجربته الحياتيّة وإمكانيّاته الإدراكيّة والشّعوريّة والفكريّة ومرجعيّاته التّذكّريّة الخاصّة.

وتقدّم المذكّرات السّياسيّة في تونس لدارسيها أنموذجا واضحا عن الكتابة التّاريخيّة المذوّتة، ومن دلائلها أنّها لا تحقّق ما يسمّيه المؤرّخون الملائمة المرجعيّة، وهي تَطابق المحكيّ مع ما وقع بالفعل تطابقا تامّا، وقد يُعزى ذلك إلى أسباب عديدة من بينها اندراج الذّات الكاتبة في شبكة سياقيّة معقّدة تشمل زمن الكتابة والإديولوجيا والعلاقات والمصالح  وتعدّد وجهات النّظر التّي يتمّ من خلالها رصد الأحداث الماضية، وقابليّة كلّ محكيّ تاريخيّ للانفلات من مطلق الملاءمة النّظريّة إلى ما يسمّى توسيعا للمرجع بواسطة عمليّات التّعديل والزّيادة والحذف لغاية التّبرير أو التّلميع أو التّشهير أو التّنصّل...

ومن هذا المنطلق يلاحظ النّاظر في مذكّرات الطّاهر بلخوجة مثلا، أنّ الكتابة التّاريخيّة المذوّتة تظهر في عدد من المواضع الهامّة من بينها:

  • مرحلة اضطلاعه بمهمّة مدير الأمن أواخر الستّينات، فهو يذهب إلى أنّ الفضل في معرفة الوضعيّة الحقيقيّة للبلاد إبّان تجربة التّعاضد يعود إليه هو، لأنّه أعطى تعليمات لمنظوريه بعدم إخضاع التّقارير الأمنيّة لرقابة الولّاة والمسؤولين الجهويّين الذّين كانوا قبل ذلك يلمّعون صورة تلك التّجربة ولا ينقلون حقيقة التّذمّرات الشّعبيّة والرّفض الواسع لسياسة التّعاضد في أوساط الفلّاحين والتجّار. ولكنّه يبرّئ نفسه، من جهة أخرى، من اتّهامه بالتّآمر على هذه التّجربة، بعد أن نُسب إليه آنذاك تسريب تقرير أعدّه سفراء المجموعة الاقتصاديّة الأوروبيّة حول الوضع الكارثي للاقتصاد التّونسي في فيفري 1968.
  • إلحاحه في أكثر من موطن على نفي ما عرف عنه لدى تحمّله مسؤوليّــــات إدارة الأمن ووزارة الدّاخليّــــة من ميل إلى الإفراط في استعمال القوّة، فهو يتبرّأ مثلا من مسؤوليّة التّعذيب الذّي طال جماعة آفاق وأعضاء الحزب الشّيوعي المحظور سنة 1968، ويبرّر ذلك بأنّه لم يعلم بخطورة ذاك التّعذيب إلّا بعد حصوله، وبأنّ الإطارات العليا لجهاز الشّرطة آنذاك كانوا من الذّين عملوا في هذا السّلك قبل الاستقلال ولم يتمثّلوا تغيّر العقيدة الأمنيّة في دولة الاستقلال.

وتتجلّى الكتابة التّاريخيّة المذوّتة على نحو بارز في مذكّرات عمر الشّاذلي «بورقيبة كما عرفته» ولا سيّما عند حديثه عن مروره بوزارة التّربيّة والتّعليم العالي والبحث العلميّ (من جويلية 1986 إلى ماي 1987)، فهو يصف السّنة الجامعيّة 86/87 بأنّها سنة هادئة، وهو حكم لا يخلو في تقديرنا من ذاتيّة لأنّ تلك السّنة كانت في الحقيقة سنة شديدة الاضطراب واتّسمت بغليان متواصل وشهدت تحرّكات طلّابيّة خطيرة رافقها كثير من العنف والتّصادم بين الأطراف الطّلّابيّة المتنازعة في السّاحة الجامعيّة وقتئذ، حتّى أنّ الامتحانات أجريت في أغلب الأجزاء الجّامعيّة في شهر جويلية 1987 نتيجة تعطّل الدّروس لأسابيع كثيرة...

ذاكرة السّلطة... سلطة الذّاكرة

يلاحظ الدّارس أنّ جلّ المذكّرات السّياسيّة في تونس كتبها أشخاص اضطلعوا بمسؤوليّات في الحكم، فذاكرتهم هي في وجه من وجوهها ذاكرة السّلطة التّي شاركوا في ممارستها أو انتموا إليها، إنّها ذاكرة يكيّفها موقع السّلطة الذّي احتلّه كاتب المذكّرات ويزوّدها زمن السّلطة الذّي عاشه ويوجّهها منظور رجل السّلطة الذّي كان. إلّا أنّ الذّاكرة نفسها تستحيل بدورها سلطة على التّاريخ تتحكّم في أحداثه وتعيد بناء وقائعه وتشكّل الماضي تشكيلا جديدا.

وعلى هذا النحو يضحى النّصّ الورقيّ امتدادا ماديّا لتجربة كاتب المذكّرات السّياسيّة، وتصير لحظة الكتابة امتدادا للحظة ممارسة السّلطة، وذلك من خلال آليّتين: آليّة التّبعيد التّي تمكّن من استحضار التّجربة السّياسيّة لإعادة هيكلتها، وآليّة الاحتفاء التّي تُفَعَّلُ من أجل صيانة تلك التّجربة وحفظها من التّلاشي وإدراجها ضمن وعي راهن، فلا وجود إذن لماض معزول، لأنّ مجرّد استعادته وإدراجه في زمنيّة راهنة يجعله قابلا للتّجدّد على الدّوام.

وبهذا نفسّر استحضار كتّاب المذكّرات المراحل أو المواقف التّي يعتبرونها مضيئة في مسيرتهم السّياسيّة والإطناب في وصفها وإطالة الوقوف عندها والاحتفاء بها، من ذلك مثلا أنّنا نجد الباجي قايد السّبسي –وقد كان وزيرا للخارجيّة- يستعيد مداخلته أمام الرّئيس الأمريكي رونالد ريغن خلال زيارة بورقيبة إلى الولايات المتّحدة الأمريكيّة (من 18 إلى 21 جوان 1985)، وهي المداخلة التّي أحكم فيها بسط أبرز توجّهات سياسة تونس الخارجيّة. كما نجده يستحضر في اعتزاز نجاح المساعي التّونسيّة في مجلس الأمن لإدانة إسرائيل إثر العدوان السّافر على مقرّات القيادة الفلسطينيّة في حمّام الشّطّ (1 أكتوبر 1985)، وهي مساع كلّلت بنصر ديبلوماسي تمثّل في حمل الولايات المتّحدة على عدم استعمال حقّ الفيتو بما مكّن مجلس الأمن من إصدار قرار يدين إسرائيل (القرار 573 ليوم 4 أكتوبر 1985).

ومن الأمثلة المشابهة انتهاج الطّاهر بلخوجة منحى مثاليّا عند حديثه عن مروره بوزارة الإعلام إلى حدّ جعله يعتبر تلك المرحلة «ربيع الإعلام» على حدّ عبارته  (ص ص. 255 - 260)...

أمّا عمر الشّاذلي فيتحدّث عن مزاولة مسؤوليّة الوزارة بمثاليّة مبالغ فيها وبتفصيل يعكس بوضوح تسلّط الذّاكرة على التّاريخ، فيقول: «منذ بداية السّنة الجامعيّة 86 /87 كنت أصل كلّ صباح إلى مكتبي في الوزارة على السّاعة الثّامنة وأعمل في حصّة متواصلة حتّى السّابعة والنّصف مساء وأتناول في دقائق معدودة وجبة خفيفة على سبيل طعام الغداء. وكان يتعيّن أن أحضر كلّ مساء على السّاعة الثّامنة إلّا خمس دقائق بالقصر لأشارك الرّئيس تناول العشاء الذّي يقدّم له في تمام السّاعة الثّامنة... » (ص ص. 328 - 329).

خلاصة القول

والمحصّل أنّ المذكّرات السّياسيّة في تونس توفّر مادّة تاريخيّة على درجة كبيرة من الأهميّة للمؤرّخين والباحثين لأنّها تسلّط الضّوء على أبرز المنعرجات التّاريخيّة وأهمّ الأحداث السّياسيّة والوطنيّة التّي عاشتها تونس في القرن العشرين، ولئن التبست في بعض المواطن بمنازع ذاتيّة ناجمة عن التجاء كتّابها إلى تبرير مواقف اتّخذوها أو تلميع فترات عايشوها أو التّحامل على خصوم شاحنوهم فإنّها تظلّ رغم ذلك كلّه حاملة لقدر كاف من الموضوعيّة يمنحها قيمة وثائقيّة لا تُنكر ويجعلها جديرة بمزيد الدّرس والتّدبّر.

الحبيب الدريدي

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.