هل للثورات ثمرات؟

جمعتني الصدفة منذ أيام بأبناء أحد الإيرانيين الذين هددوا بالقتل إبان الثورة الاسلامية والذين وجدوا انفسهم آنذاك أمام خيارين إثنين لا ثالث لهما. إما البقاء و الموت أو الفرار خلسة من بلدهم. غادر والده إيران كي لا يعود إليها أبدا وبعد رحلة طويلة، حط به الرحال في بريطانيا حيث استقر. 
تبادلنا أطراف الحديث في عدد من المواضيع حتى أن تطرق محدثي إلى الشأن التونسي فسألني عن الحالة الراهنة لبلدنا. أجبته بكل صراحة أن الوضع في تونس أفضل مما هو عليه في دول المنطقة لكننا نجابه جملة من المشاكل والتحديات ، أهمها الوضع الاقتصادي المتردي ومعضلة البطالة و مشكلة الجوار الذي يمثل مصدرا لعدم الاستقرار، مما يجعل الوضع الأمني لا يبعث على الاطمئنان. فطرح سؤال كطريقة لإبداء رأيه في الموضوع: "كنتم تعيشون في حالة إستقرار و بلدكم معروف بالهدوء والسلام فلماذا قمتم بثورة؟ الثورات لا تأتي الا بالخراب."
الملفت للانتباه والأهم ليس معارضته لما اتفقت الأغلبية على تسميته ثورة فالعديد من الناس في تونس لا يعتبرون ما حصل ثورة فهذا رأيهم و على كل شخص ديمقراطي أن يحترم كل الآراء سواء كان يشاطرها أو يعارضها. إنما الأهم هنا هو مدى معارضة محدثي للثورات واعتبارها لا تجني إلا المآسي والدمار. ولا يمكن أن يلام هذا الشخص على رأيه نظرا لتجربته المريرة فلم يرى قط بلده بعد 1979 وتوفي والده في المهجر.
ما يمكن أن نتعض به من خلال هذا الموقف هو أن الثورات إذا استخدمت لتقسيم المجتمعات فإنها تنقلب إلى لعنة. فتقسيم المجتمع إلى ثوريين و أزلام أو فلول كما يحلو للبعض تسميتهم او إلى مواطنين صالحين و مواطنين من درجة أدنى نظراً لماضيهم السياسي لن يخدم مستقبل بلدنا. فمن نصبوا أنفسهم أوصياء على الثورة وصاروا يتاجرون بها لم يحققوا إنجازا واحدا لتونس فقاطرة الاقتصاد لا زالت معطلة والوضع الاجتماعي يتسم بالاحتقان، ناهيك من مشكلة الأفق المسدودة التي يعاني منها الشباب.
إن الحل يكمن في وحدة التونسيين و تلاحمهم لأن إحداث  شرخ في المجتمع سيجعله مقسما إلى الأبد و سيجعل بلدنا في مؤخرة الامم و لن تقوم لنا قائمة. لا نريد أن نرى أجيالا لاحقة من التونسيين لا يحملون حتى جنسيتهم و لا يتحدثون حتى لغتنا مثلما حصل لابناء وحفدة من اضطروا إلى مغادرة إيران سنة 1979. فالخطوة الأولى لنجعل لهذه الثورة ثمرات هي الوحدة والمصالحة عوض الشرخ والتقسيم.

الشاذلي مامغلي