مواقف وآراء -
2016.02.12
سياسيون فقدوا المروءة السياسية... (حالة أولى)
المروءةُ في معناها العام، كما يعرّفُها لسانُ العرب، هي الانسانية وكمال الرُّجُوليّة، أما في معناها السياسي فهي، كما أعرّفها، الالتزام المطلق بمصلحة الوطن التي تعلو على سواها من المصالح ولا يُعْلَى عليها.
وأعتقد أنّ من أفْتَكِ الأدْوَاءِ التي أصابت العديد من سياسِيِّينا اليوم هو داء "فقدان المروءة السّياسيّة"... وهذا الفقدان درجات، وقد يكون بلغ أعلى درجاته عند سياسيَّيْنِ اثنين تمكَّنَ الداء منهما حتى باتا حالَتَيْنِ مَرَضِيَّتَيْن مُسْتَعْصِيَتَيْن على العلاج...
أما الحالة الأولى فسأتحدّث عنها في هذا المقال، وأما الثانية فستكون موضوع مقالي القادم...
والحالة الأولى هي حالة هذا السّياسي الذي جاءت به إلى رئاسة الجمهورية عثرة من عثرات "الثورة" التونسية، فأناخ بِكَلْكَلِهِ على قصر قرطاج طيلة ثلاث سنوات كاملة، عبث خلالها بسياسة تونس الداخليّة والخارجيّة، ومارس فيها من الارتجال والعشوائية في أقواله وأفعاله ما أفسد صورة البلاد وشوَّهَهَا...
والعجيب أنّه نسي، وفي الحقيقة تناسى أنه افتتح عهده "غير الميمون" باستضافة ما سُمِّيَ زورا وبهتانا بـ"مؤتمر أصدقاء سوريا" قبل أن يتبيّن مع مرور السنوات أنه لم يكن إلا مؤتمر أعدائها، وها هو ذا يعلن أنه سيستضيف عائلة سورية لاجئة في بيته... نعم عائلة كاملة من جملة مئات الآلاف من العائلات السورية الهائمة على وجوهها في البراري والبحار بحثا عن ملجإ لا تبلغه، إن لم يباغتها الموت في الطريق، إلا بشقّ الأنفس... والأعجب أنه لا يكتفي بذلك بل يزايد على خَلَفِهِ فيؤكّد أنّه لو كان في موقع رئيس البلاد "لفتح الأبواب أمام اللاجئين السوريين" كما يزايد على القادة العرب جميعا حين يتساءل "إلى متى سيغلقون عقولهم وقلوبهم في وجوه هؤلاء اللاجئين؟".
أما الأعجب من العجب نفسه فهو أنه أعلن ما أعلن في مؤتمر صحفي عقده في تركيا التي لعبت في نكبة سوريا دورا نظر الأعمى إليه وأسمع من به صَمَمُ.
أَفَلَمْ يَكُنْ أحرى به أن يراجع نفسه وأن يتراجع عن الأخطاء التي ارتكبها خلال رئاسته التي نحمد الله على أنها كانت مؤقّتة؟ وَأَلَمْ يَكُنْ أحرى به أن يقول خيرا أو أن يصمت؟
محمد ابراهيم الحصايري
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
- اكتب تعليق
- تعليق
أصداء المؤسسات