تظاهرة ثقافية وتاريخية: الذاكرة المتعددة لمدينة الحمامات

ببادرة من أربع جمعيات مدنية محلية تنشط بمدينة الحمامات تهتم كليا أو جزئيا بالتراث وتعمل على الحفاظ عليه وصيانته واحيائه، تحتضن مدينة الحمامات يومي السبت والأحد 26 و27 أوت 2023 تظاهرة ثقافية تاريخية بعنوان: "الذاكرة المتعدّدة لمدينة الحمامات: مشاهد من التاريخ وانفتاح على المستقبل ".

تمتد أعمال الندوة على يومين وتنتظم في إطار نشاط مشترك بين كل من جمعية صيانة مدينة الحمامات وجمعية التربية البيئية بالحمامات وجمعية ذاكرة مدينة الحمامات وجمعية "اينارت" وذلك بالتعاون مع كل من جمعية منوبة للمعالم والثقافة ومكتب التعاون الأكاديمي لمؤسسة روزا لكسمبورغ وكذلك بمشاركة نشيطة من عدد من أعضاء مخبر الجهات والموارد التراثية الذي ينشط بكلية الآداب والفنون والإنسانيات بمنوبة.

يحتوي البرنامج على ثلاثة محطات ستحتضنها ثلاث فضاءات تمثل بدورها مواقع ذاكرة متنوعة لمدينة الحمامات وهي: فضاء سيدي بن عيسى والمركز الثقافي الدولي بالحمامات وفضاء سيدي عبد الله بالمدينة العتيقة. وسيشتمل البرنامج اضافة لمعارض الصور التذكارية ومعارض اللوحات الفنية على ملتقي ثقافي تاريخي سيتداول على أخذ الكلمة فيه أكثر من 12 باحث لتقديم نتائج أعمالهم وشهاداتهم حول تاريخ مدينة الحمامات وتراثها وجوانب منسية من ذاكرتها المتعددة تتعلق بوقائع تاريخية وأعلام وشخصيات سكنتها وأحبتها وأثرت فيها.

ستمتد اعمال الندوة التاريخية كامل يوم الأحد وستتوزع على أربعة جلسات علمية، عبر مداخلات سيقدّمها مؤرخون وباحثون شبان وطلبة دكتورا وفاعلون وشهود عيان. ويعتبر هذا اللقاء العلمي سابقة في النشاط الجمعياتي، حيث نجح المبادرون في تجميع عدد من الباحثين من أبناء الجهة ومن المنتمين الى مخابر بحث ومؤسسات علمية لتقديم أعمالهم ولتبادل الآراء في مقاربة تعتمد على مفهوم الذاكرة المتعددة.

ومن الشخصيات التي ستكون حاضرة في هذه الندوة اضافة لمسيري الجمعيات المحلية المبادرة بتنظيم التظاهرة نذكرالمؤرخ الجامعي وابن المدينة الأستاذ الحبيب القزدغلي و الأستاذ حسام الدين شاشية والأستاذة روضة الزاوشي رزق الله المختصة في الأدب الايطالي، والأستاذة هنيدة ذويب المختصة في تاريخ الهندسة والدكتورة قمر بن نفيسة و الباحثة سامية النابلي والسيدة مونيك حيون والأستاذ مهدي الساحلي والأستاذ أيمن حسن والأستاذ نجم الدين القزدغلي .
ومن خلال البرنامج الذي تم نشره نتبين أن المداخلات تتميز بالثراء والتنوّع، فهي تشمل عديد  المحطات من تاريخ المدينة، و تتناول عديد المواضيع، مثل العمارة وتأثيرات الظاهرة الولائية والدينية عموما و كذلك البحث في مسيرات بعض الشخصيات التي استقرت بالحمامات خلال الفترة الاستعمارية الى جانب عدد من الشهادات و تقديم المشاريع المستقبلية المبرمجة من طرف عدد من الجمعيات المحلية.

وتكمن أهمية البحوث التي سيتم تقديمها في اهتما مها بكل مكونات ذاكرة مدينة الحمامات وتراثها  بدون اهمال لأي منها أو تضخيم لاحداها على حساب البقية.  ويرى الأستاذ حبيب القزدغلي وهو من المشاركين في اعداد اللقاء أن هذا العمل يستحق كل الاهتمام والدعم من طرف السلطات المحليّة والجهوية والهياكل الأكاديمية والبحثية. ويضيف أن هذا النشاط  هو "جزء من مشروع شامل يتعلق بتكريس مفهوم الذاكرة المتعدّدة لكل الجهات والمدن التونسية الذي كان  طرحه منذ سنوات مخبر الجهات والموارد التراثية بالبلاد التونسية والذي ينشط منذ عقود بكلية الآداب والفنون والانسانيات بمنوبة". ويضيف أنه سبق أن  تم ضمن  هذه المقاربة تنظيم ملتقيات  في كل من مدن نابل والمنستير وجربة وأريانة  و جندوبة مؤخرا  وسيتواصل بعد محطة الحمامات في مدينة  بنزرت في شهر سبتمبر القادم.  وتتم هذه الأنشطة في إطار شراكة بين الجمعيات المحلية المعنية بالتراث بالتعاون مع جمعية منوبة للمعالم والثقافة وبدعم من مكتب التعاون الأكاديمي لمؤسسة روزا لوكسمبورغ".

وترى الجمعيات الأربعة المبادرة بتنظيم اللقاء في الحمامات أن من بين أهداف هذه التظاهرة إبراز التراث المادي واللامادي للمدينة ككل والتعريف به للناشئة ولكافة مكونات المجتمع المدني والعمل على تثمينه، وهي تأمل أن تتظافر جميع المجهودات ليصبح هذا النشاط العلمي والثقافي سنويا يتم بصفة دورية ويهتم في كل مرة بموضوع بذاته. وأخيرا ستكون هذه المناسبة فرصة لتكريم عدد من الشخصيات الفكرية التي اهتمت بذاكرة الحمامات ولتخليد ذاكرة عدد من النشطاء الذين فقدتهم مدينة الحمامات في الفترة الأخيرة.