نورالدين المازني: بورقيبة بطل قومي...

نورالدين المازني: بورقيبة بطل قومي...

بمناسبة الذكرى الثالثة و العشرين لوفاته ومرور مائة و عشرين سنة على ميلاده، ألم يحن الوقت لاتخاذ القرار الشجاع باعتبار الزعيم الحبيب بورقيبة بطلا قوميا...

الشعوب الكبيرة هي التي تحترم ذكرى أبطالها مهما كان الاختلاف معهم... الابطال هم بشر يصيبون ويخطئون، ولكنهم يظلون رموزا شامخة يحترمها الجميع...

امريكا لها "ابراهام لينكولن" الذي وحدها وحرر عبيدها والهند لها "المهاتما غاندي" الزعيم الأكثر شعبية في تاريخها، و تركيا لها مصطفى كمال اتاتورك، مؤسس دولتها الحديثة، و جنوب أفريقيا لها "نيلسون مانديلا" الذي خلصها  من قبضة الميز العنصري المقيت، كل هؤلاء  يحملون صفة "البطل القومي" لدى شعوبهم و لم نسمع أحدا يشكك يوما في نضالاتهم  او يستنقص من اسهاماتهم الكبيرة في خدمة اوطانهم.

الحبيب بورقيبة ينتمي الى هذا الصنف من  الابطال الذين ابهروا القاصي والداني، بفضل المكانة المتميزة التي نحتها لتونس بين الأمم، مما  جعل هذا البلد الصغير في حجمه وتعداد سكانه وقلة  إمكانياته، محل احترام الشرق والغرب ومثالا يحتذى به في إفريقيا خاصة وبلدان العالم الثالث عامة... و قد شاهدنا وسمعنا قبل اسابيع قليلة فقط، وفي عز ازمة الأفارقة من جنوب الصحراء المقيمين بتونس،  شخصيات من قارتنا السمراء تردد اسم بورقيبة وتذكر بمواقفه ومبادراته من اجل وحدة أفريقيا ونصرة قضاياها العادلة  والدفاع عن مصالحها  في كل مكان ، ان ما قالته تلك الشخصيات  هو تعبير  صادق عن  مواقف مبدئية تجاه  "تونس بورقيبة" و هي مواقف ظلت راسخة لدى اشقائنا الافارقة جيلا بعد جيل، وبامكاننا ان نعتبرها مكاسب حقيقية يجب الإستفادة منها اليوم من اجل تعزيز حضورنا القاري في وقت تتسابق  فيه قوى عالمية كبرى على كسب ود افريقيا الغنية بخيراتها الطبيعية وبفرص الاستثمارت الضخمة  في مختلف مناطقها... 

بورقيبة  استطاع ان ينحت لتونس لدى الأشقاء والاصدقاء  هذه الصورة الناصعة قبل أكثر من نصف قرن، عندما لم  تكن وسائل الاتصال الحديثة متاحة، لا أقمار اصطناعية ولا انترنت ولا شبكات تواصل اجتماعي، ومع ذلك عرف الافارقة بورقيبة الذي زار العديد من عواصمهم  وقدروا مواقفه ونضالاته الداعمة لهم قولا وفعلا على امتداد سنين... واعترافا  بالجميل، أطلقوا اسمه واسم بلده  تونس على شوارع وانهج كثيرة في عواصمهم، وهذا ما يثير اعتزاز كل تونسي زار تلك الأماكن وعرفها عن قرب...
هذه عينة من المكانة التي يحظي بها الزعيم الحبيب بورقيبة، ليس في افريقيا فقط، بل في بلدان العالم شرقه وغربه والأمثلة التي تشهد على ذلك متوفرة لمن يريد التثبت والتأكيد.

  ان التذكير بمسيرة الحبيب بورقيبة والدعوة إلى  اعتباره بطلا قوميا لا يعد بكاءا على الماضي وتشبثا به، بقدر ما هو  اعتزاز بصفحات ناصعة من تاريخنا  المجيد، اذ ان الامة  التي لا ماضي لها، هي أمة بلا حاضر ولا مستقبل، ونحن أمة تزخر بالامجاد ومن  حق شباب تونس ان يعرف تاريخ هذا الوطن  بايجابياته وسلبياته ايضا، دون اي توظيف سياسي مهما كان مصدره، حتى تستطيع الاجيال الشابة الحفاظ عليه والاعتزاز برجالاته وتقدير كل من اسهموا في بناء الدولة التونسية الحديثة...

بورقيبة هو أول رئيس لهذه الدولة و قائد مسيرتها  ومن الواجب اعتباره بطلا قوميا، قرار سيكون له وقع خاص وكبير في الداخل والخارج ولا يتطلب  اتخاذه سوى الارادة السياسية الحقيقية...

نورالدين المازني
 

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.