نمو الاقتصاد العالمي يشهد تباطؤاً حاداً في عام 2022، ولكن هل يُعتبر ذلك ركوداً؟
صدرت العديد من التقارير في الأشهر الأخيرة حول ما إذا كانت الولايات المتحدة ومنطقة اليورو والاقتصادات العالمية تتجه نحو حالة من الركود. ومن الواضح أن الاقتصاد العالمي يواجه عدة رياح معاكسة كبيرة ويشهد تباطؤاً حاداً في عام 2022، ولكن لا يوجد نفس القدر من الوضوح بشأن مدى إمكانية حدوث ركود عالمي بالفعل.
هذا الأسبوع، سنحدد ونقيّم مخاطر الركود في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو والاقتصاد العالمي قبل أن نستخلص ما قد تعنيه بالنسبة للتوقعات الاقتصادية.
إن التعريف المقبول للركود هو ربعان متتاليان من النمو السلبي في الناتج المحلي الإجمالي. ومع ذلك، فإن نمو الناتج الإجمالي العالمي يُعتبر حالياً قوياً للغاية، لدرجة أنه نادراً ما يُلبي هذا الشرط، ويشير العديد من المحللين بشكل فضفاض إلى التباطؤ الحاد على أنه ركود.
الرسم البياني 1: الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة
(المستوى، المؤشر 2019 = 100)
المصادر: Oxford Economics وتحليلات QNB
أولاً، سنتطرق إلى الاقتصاد الأمريكي الذي يشهد تباطؤاً سريعاً، وهذا يجعل التصور بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي يمكنه أن ينجح في تنفيذ هبوط ناعم مفرطاً في التفاؤل، على أحسن تقدير. فالمؤشرات الرائدة، المستمدة من استطلاعات مؤشر مديري المشتريات وأسواق الأسهم وأسواق سندات الخزانة الأمريكية، تشير جميعها إلى تدهور أوضاع الاقتصاد الكلي في الولايات المتحدة. في الواقع، أدى التباطؤ في تراكم المخزونات إلى ربعين من التراجع في الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة وذلك في الربع الأول والربع الثاني من عام 2022. وبينما يمكن تفسير ذلك على أنه ركود فني، قد يقرر مكتب التحليل الاقتصادي الأمريكي عدم اعتباره ركوداً رسمياً، لأن الاستهلاك والمقاييس الرئيسية الأخرى لا تزال قوية. وربما تجدر الإشارة إلى أن بنك الاحتياطي الفيدرالي أصبح يتخذ تدابير قوية للغاية لتشديد سياسته النقدية، فقد تبين أن مشكلة ارتفاع التضخم أكثر ترسخاً مما كان يُتوقع في السابق. سيعمل ارتفاع أسعار الفائدة على إضعاف التوقعات الاقتصادية للولايات المتحدة، ونعتقد أنها تشهد الآن حالة من الركود المعتدل، مع احتمالية حدوث انخفاضات طفيفة في الناتج المحلي الإجمالي في الربع الرابع من عام 2022 والربع الأول من عام 2023 (الرسم البياني 1).
الرسم البياني 2: الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو
(المستوى، المؤشر 2019 = 100)
المصادر: Oxford Economics وتحليلات QNB
ثانياً، سنأخذ في الاعتبار منطقة اليورو، التي تشهد تبايناً بين قطاعي التصنيع والخدمات. فمن ناحية، يعاني الإنتاج الصناعي من اختناقات في سلسلة التوريد، وارتفاع تكاليف المدخلات، وضعف المعنويات. ومن ناحية أخرى، لا يزال قطاع الخدمات يستفيد من مرحلة التعافي في ظل إعادة فتح الاقتصادات بعد الجائحة. إلى جانب ذلك، هناك مشكلة اعتماد أوروبا على الطاقة الروسية، والتي تفاقمت بشدة بسبب الحرب في أوكرانيا، مما دفع أسعار الطاقة الأوروبية إلى مستويات مرتفعة غير مستدامة. وحتى إذا لم يزداد الوضع سوءاً، من المتوقع أن تدفع الرياح المعاكسة الحالية المتمثلة في ارتفاع أسعار الطاقة منطقة اليورو إلى الركود، مع احتمال حدوث انخفاض طفيف في الناتج المحلي الإجمالي في الربع الرابع من عام 2022 والربع الأول من عام 2023 (الرسم البياني 2).
ثالثاً، سننظر إلى التوقعات الاقتصادية لبقية العالم. إن الدافع الرئيسي لنمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي هو استمرار إعادة فتح الاقتصادات، حيث تساعد المستويات العالية من التطعيم على تقليل الآثار المتبقية للجائحة في معظم البلدان. وتعتبر الصين استثناءً، ولكن من المتوقع أن تؤدي السياسة التحفيزية إلى تعافٍ طفيف في ظل تزايد معدلات النمو وغياب مخاطر الركود، على الرغم من أن استراتيجية صفر حالة كوفيد-19 الصينية تعمل بمثابة رياح معاكسة مستمرة.
بالنظر إلى هذه العوامل مجتمعة، من المتوقع أن يكون النمو المستمر في الصين وبقية العالم كافياً لتجنب الركود العالمي، على الرغم من احتمالية حدوث ركود في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو (الرسم البياني 3). وتفترض هذه النظرة المستقبلية أن أسعار الطاقة لن ترتفع بشكل أكبر وأن رفع أسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية الكبرى لن يسبب أزمة مالية مع هبوط حاد. ومن المثير للاهتمام أن توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنحو 3% في عام 2022 تعتبر أضعف بفارق ضئيل من متوسط معدل النمو المركب البالغ 3.4% منذ عام 1992.
الرسم البياني 3: الناتج المحلي الإجمالي العالمي
(المستوى، أوزان تعادل القوة الشرائية، المؤشر 2019 = 100)
المصادر: Oxford Economics وتحليلات QNB
إخلاء مسؤولية: تم إعداد المعلومات الواردة في هذه المطبوعة ("المعلومات") من قبل بنك قطر الوطني (ش.م.ع.ق) ("QNB") ويشمل هذا المصطلح فروعه وشركاته التابعة. يُعتقد بأن هذه المعلومات قد تم الحصول عليها من مصادر موثوقة، ومع ذلك فإن QNB لا يقدم أي ضمان أو إقرار أو تعهد من أي نوع، سواءً كان صريحاً أو ضمنياً، فيما يتعلق بدقة المعلومات أو اكتمالها أو موثوقيتها كما لا يتحمل المسؤولية بأي شكل من الأشكال (بما في ذلك ما يتعلق بالتقصير) عن أي أخطاء أو نقصان في المعلومات. يُخلي QNB بشكل صريح مسؤوليته عن كافة الضمانات أو قابلية التسويق فيما يتعلق بالمعلومات أو ملاءمتها لغرض معين. يتم توفير بعض الروابط لمواقع إلكترونية خاصة بأطراف ثالثة فقط لراحة القارئ، ولا يؤيد QNB محتوى هذه المواقع، ولا يعتبر مسؤولاً عنه، ولا يقدم للقارئ أي اعتماد فيما يتعلق بدقة هذه المواقع أو ضوابط الحماية الخاصة بها. ولا يتصرف QNB بصفته مستشاراً مالياً أو خبيراً استشارياً أو وكيلاً فيما يتعلق بالمعلومات ولا يقدم استشارات استثمارية أو قانونية أو ضريبية أو محاسبية. إن المعلومات المقدمة ذات طبيعة عامة، وهي لا تعتبر نصيحةً أو عرضاً أو ترويجاً أو طلباً أو توصيةً فيما يتعلق بأي معلومات أو منتجات مقدمة في هذه المطبوعة. يتم تقديم هذه المطبوعة فقط على أساس أن المتلقي سيقوم بإجراء تقييم مستقل للمعلومات على مسؤوليته وحده. ولا يجوز الاعتماد عليها لاتخاذ أي قرار استثماري. يوصي QNB المتلقي بالحصول على استشارات استثمارية أو قانونية أو ضريبية أو محاسبية من مستشارين محترفين مستقلين قبل اتخاذ أي قرار استثماري. الآراء الواردة في هذه المطبوعة هي آراء المؤلف كما في تاريخ النشر. وهي لا تعكس بالضرورة آراء QNB الذي يحتفظ بحق تعديل أي معلومات في أي وقت ودون إشعار. لا يتحمل QNB أو مديروه أو موظفوه أو ممثلوه أو وكلائه أي مسؤولية عن أي خسارة أو إصابة أو أضرار أو نفقات قد تنجم عن أو ترتبط بأي شكل من الأشكال باعتماد أي شخص على المعلومات. يتم توزيع هذه المطبوعة مجاناً ولا يجوز توزيعها أو تعديلها أو نشرها أو إعادة نشرها أو إعادة استخدامها أو بيعها أو نقلها أو إعادة إنتاجها كلياً أو جزئياً دون إذن من QNB. وعلى حد علم QNB، فإنه لم تتم مراجعة المعلومات من قبل مصرف قطر المركزي أو هيئة قطر للأسواق المالية أو أي جهة حكومية أو شبه حكومية أو تنظيمية أو استشارية سواءً داخل قطر أو خارجها، كما لم يقم QNB بطلب أو تلقي أي موافقة فيما يتعلق بالمعلومات.
- اكتب تعليق
- تعليق