رضى التليلي: متى ينتهي الصراع السياسي من اجل السلطة في تونس؟
صدى أحذية الجيش أصبح مسموعا في جميع أنحاء إفريقيا، إننا بلا ريب في زمن الخيبة والتشكيك في نجاعة النظام الديمقراطي من اجل تحقيق الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية. وفي عديد من الدول ظهرت تيارات فكرية وسياسية معادية لكل أشكال الديمقراطية والى اليوم لم نتعمق في تحليل هذه الظاهرة ، ويبدو أنها قد غزت الساحة السياسية بمختلف مكوناتها وتبين أن الطبقة السياسية في تونس لم تهتم منذ السنوات العشر الأخيرة إلا بالصراع على السلطة بناء على الفكر السلطوي البدائي.
وفي هذا الإطار يراودنا سؤال محوري: ما هو دور السياسة في تونس؟
1. أظن انه بالنسبة للبعض المعارضة هي المحرك الأساسي للفعل السياسي وهو الأمر الذي يفرض على رجل السياسة ان يتلون باستمرار حتى يبقى معارضا إلى الأبد وهذا هو الصنف الأول.
2. أما الصنف الثاني فيرى أن السياسة هي مصعد للسلطة من اجل السلطة دون مشروع فكري اجتماعي ثقافي اقتصادي وهذا الصنف هو الذي مثل أغلبية الطبقة السياسية في العشرية الأخيرة.
3. أما الصنف الثالث فيظن أن البناء السياسي "المثالي" يتمثل في حتمية الوفاق والتوافق مع كل من هب ودب مهما كانت نوعية الاختلاف الفكري الأمر الذي يسخر عمليات الغدر والتنكر والتحيل والنفاق السياسي.
4. أما الصنف الأخير فيرى أن تونس لها من موارد مادية وخاصة بشرية وجذور تاريخية ما يجعل منها دولة متميزة ومتقدمة ومتحضرة أي جمهورية ديمقراطية اجتماعية وتضامنية.
هذا الصنف الأخير يمثل أقلية حاليا ولكن يعتبر التيار الذي بإمكانه بعث حركة تقدمية واسعة تبني المستقبل وتنقذ هذا البلد من الانهيار و التدحرج نحو الفناء ، ولذا اعتقد أن تونس اليوم ليست في حاجة إلى مواصلة الصراع بين من يعتقد أن قرارات 25 جويلية تمثل امتداد لمطالب الثورة ومن يعتقد أنها انقلاب على الدستور وتأسيس لنظام دكتاتوري وذلك لان هؤلاء جميعا ليس لديهم مشروع سياسي اجتماعي ديمقراطي حقيقي ، إذ يبقى هذا الصراع صراعا على السلطة لا يخرج عن التقاليد السياسية الوظيفية التي هيمنت في العشر السنوات الأخيرة وقد بينت بعض التجارب السابقة في هذا المجال أن المهم بالنسبة لهؤلاء هو افتكاك السلطة أو المشاركة في جزء منها. وفي صورة ما إذا بادر الرئيس قيس سعيد بتكوين حكومة إنقاذ وطني مفتوحة لكل الأحزاب السياسية اعتقد أن الجميع سيشارك فيها وسيقولون "باي باي للصراعات وتحيا السلطة".
أما على الصعيد الخارجي نعلم أن الضغوطات الصادرة عن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية والأمم المتحدة لا تخدم مصالح الشعب التونسي بل تعاضد جزء من الطبقة السياسية ، وفي صورة ما إذا تحول الصراع اللفظي إلى عنف مادي في الأزقة والقرى سيتحول خطاب هذه المنظمات المذكورة إلى تنديد بسلوكيات كل الأحزاب السياسية التونسية والمجتمع المدني والنقابات الذين شرعوا للفتنة . وكان من الأجدر بهذه المنظمات أن تنادي للصلح والتصالح والتريث والحوار بين كل الفاعلين السياسيين في تونس إذ نعتقد أن دورها الأساسي هو العمل على ألا تتحول هذه الأزمات السياسية إلى حروب أهلية والأمثلة عديدة في إفريقيا اليوم.
ويكفي أن تتغير المعادلات الجيوسياسية غدا جزئيا أو كليا حتى تتحول مواقف هذه المنظمات إلى عكس ما كانت تصرح به في السابق لا داعي لذكر أمثلة في هذا المجال يكفي أن جيش انقلابي في إفريقيا كان تحت ضغط النقد والتهديد وعندما ابرم أخيرا اتفاقيات عسكرية إستراتيجية مع إسرائيل رفع عنه كل الحصار واعتبر فجأة حركة وطنية تصحيحية في خدمة شعبه ولذا حذاري من تقديس مواقف هذه المنظمات لأنها تخضع إلى تطور موازين القوى في العلاقات الدولية : كل اصلاح حقيق في صالح الشعب التونسي يأتي من الداخل.
رضى التليلي
- اكتب تعليق
- تعليق