أخبار - 2021.09.06

الفلاحة العائلية في صفاقس

الفلاحة العائلية في صفاقس

بقلم عبد القادر المعالج - نشر أحد أصدقاء مجلة ليدرز مؤخرا مقالا مطولا باللغة الفرنسية تحدث فيه عن أهمية العناية بالحديقة العائلية و ما يمكن أن توفره للعائلة من خضر وغلال للمساعدة على مواجهة التهاب اسعار تلك المواد و ندرة بعضها، هذا المقال الهام والمفيد ذكرني بما كنا نفعل في صفاقس  قبل الاستقلال وبعده، كانت جل الأسر إن لم نقل كلها تمتلك جنانا تختلف مساحته من أسرة إلى أخرى حسب قدرتها وثرائها، كانت كل أسرة تستغل جنانها على افضل وجه ممكن, كنا نحن في جنانا كما يفعل أغلب  أهل البلد نزرع  كل أنواع البقول و الخضر، البطاطا والطماطم والفلفل والجلبانة والفول والحمص والبصل والثوم والمقدنوس والسلق والتابل والبسباس والنعناع وغير ذلك، ولم نكن نشتري تلك الخضر من السوق إلا في أحوال نادرة جدا عند تواصل الجفاف وانحباس الأمطار فترة طويلة، كان صاحب الجنان يقوم بمساعدة أولاده الذكور  بأعمال الغرس والسقي والعزق وغير ذلك فيما كانت الأم و بناتها يقمن بجني الثمار لاستغلالها في طهي الأطعمة.

   هذا بالنسبة للخضر أما بالنسبة إلى الغلال كان الجنان يعج بالأشجار المثمرة على غرار المشمش والتفاح و العنب والكروم والرمان والخوخ والإجاص والبوصاع وخاصة أشجار اللوز التي كانت تحيط بالجنان من الجهات الأربع و من وراء أشجار اللوز تبني الطوابي جمع طابية التي كات تفصلن الأجنة المتجاورة عن  بعضها و تعلوها شجرة الهندي الذي يحبه أهل صفاقس رغم صعوبة جنيه و شوكه،  الشجرة الوحيدة التي كانت  نادرة جدا في أجنة صفاقس هي شجرة البرتقال التي يقال عنها أن مناخ الجهة لا يلائمها يالإضافة إلى أنها تحتاج إلى كثير من المياه و المعروف عن أهل صفاقس أنهم يعتمدون في شربهم و أكلهم على ماء الماجل لذلك كان عليهم أن لا يسرفوا في استهلاك الماء الذي يوفره الماجل، أما البئر فماؤها  ملح أجاج و لايستعمل إلا للتمظيف والغسيل,  بهذه الطريقة كان أهل صفاقس يوفرون لأنفسهم كل ما يحتاجون تقريبا من الخضر والغلال ويحققون اكتفائهم الذاتي من تلك المواد، بل إن كثيرا من الناس كات تتوفر لديهم بعض الزيادة على حاجتهم قيقومون ببيع ما زاد عن حاجتهم قي سوق القرية او المركز كما كما يقولون.

أما اليوم فقد تقلصت هذه العادات بشكل كبير لتزايد العمران  البشري وانقسام الأجنة إلى قطع صغيرة ورثها الأبناء عن الآباء وقيام الورثة بتشييد الفيلات والمنازل الفخمة، فوقع تقليع الأشجار المثمرة  و تقلصت المساحة المخصصة إلى  غرس  الخضر والبقول، ولم يبق من هذه العادات الجميلة إلا ما رحم ربي. بعض الصفاقسيين الذين انتقلوا للعيش في العاصمة و ضواحيها وحتى بعض المدن الأخرى حافظوا عل شيء من تلك العادات في حدائقهم الصغيرة ومن تلك العادات حفر ماجل لتجميع ماء المطر واستهلاكه  في عيشهم وللتخفيف من كلفة فاتورة  الصوناد التي لا تنفك ترتفع.

عبد القادر المعالج
 

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.