في كتاب جديد عن بورقيبة: عبد السلام القلال يكشف عديد الحقائق

" مهما عمل خصوم الزعيم الحبيب بورقيبة على تشويه تاريخه وطمس منجزاته وانكار دوره...سيسفِّهُهُم التاريخ وينصفه". هذا ما يؤكده الأستاذ عبد السلام القلال في كتاب جديد أصدره مؤخرا تحت عنوان "الحبيب بورقيبة، زعيم أمّة ورئيس دولة".

وقد عرف المؤلف بورقيبة منذ الأربعينيات عندما كان يدرس في الصادقية، ثم طالبا بباريس قبل أن ينضمّ إلى الإطارات الشابة المحيطة به ويعيّنه الرئيس، واليا على الكاف. واقترب منه أكثر عندما كان يزور الكاف للراحة والاستشفاء لفترات طويلة وكان ملازما له في لقاءاته مع كبار المسؤولين في الدولة والضيوف الأجانب وكذلك خلال جولاته الميدانية. ولئن قرّر الأستاذ عبد السلام القلال الانسحاب من المسؤوليات السياسية في مطلع السبعينات، فقد ظل على اتصال ببورقيبة، متابعا لأنشطته ومواقفه.

حرص المؤلف على ابراز بورقيبة كما لا يعرفه الكثيرون وخاصة منهم الشباب وبقدر ما أفرد بابا خاصّا للنجاحات التي حققها منذ عودته من الصربون لتونس سنة 1927 إلى مرضه الأول سنة 1967، بقدر ما أفاض أيضا في ذكر الأخطاء العديدة التي لم يتجنبها مثل تعميم التعاضد واجهاض التحول الديمقراطي وقبول الرئاسة مدى الحياة واهدار فرصة الوحدة مع ليبيا وغيرها.

ولكن الأستاذ عبد السلام القلال يبقى مثمّنا في مجمل تقييمه لشخصية بورقيبة ومسيرته لما يراه فيه من زعامة فذّة، وتبصر حكيم وحداثة قاطعة مع التخلّف والجهل ولعلّما يثري الكتاب هو الاعتماد على وقائع ثابتة وشهادات حية ترد بوضوح على الأراجيف التي يحاول البعض ترويجها، وتكشف جوانب مهمّة من حياة الزعيم بورقيبة وأسلوبه في التعامل مع الشعب ومع رفاقه في النضال وممارسته للحكم.

شهادة متميزة تذكّرنا بمآثر زعيم صهر خلجات التونسيين صلب أمّة عزيزة شمّاء، وأرسى مقوّمات دولة حديثة، وكتاب سلس مسترسل صاغه الأستاذ عبد السلام القلال بروح المناضل الوطني الغيور وقلم الوفاء والإخلاص، وواجب العرفان بالجميل وكذلك المساهمة في تدوين تاريخ تونس المعاصر.