أخبار - 2020.09.24

محمد صلاح الدين المستاوي: الدكتور محمد قديش رحمه الله وجهوده في التحسيس والتوعية بأهمية التبرع بالأعضاء

محمد صلاح الدين المستاوي: الدكتور محمد قديش رحمه الله وجهوده في التحسيس والتوعية بأهمية التبرع بالأعضاء

بقلم الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي - تعرفت على الدكتور محمد قديش رحمه الله في تسعينات القرن الماضي وكان ذلك في اطار عمل فريق من الأطباء المختصين في المستشفيات الجامعية وفي المستشفى العسكري والأساتذة المختصين في كليات الطب  ونخبة من رجال القانون ورجال الفكر والفن والاعلام ومكونات المجتمع المدني وكنت بينهم المختص في العلوم الشرعية وتمثل  عمل هذا الفريق المتنوع والمتكامل في التحسيس والتوعية بالتبرع بالأعضاء وزرعها وكان الدكتور محمد قديش رحمه الله هو المنسق بين أعضاء هذا الفريق  في تلك الفترة التي   تلت اصدار القانون المنظم للتبرع بالأعضاء .كان  هذا الفريق يعمل بتطوع وبقناعة وحماس وكان الفضل في ذلك يرجع الى العلاقة الشخصية الحميمة التي تربط الدكتور محمد قديش رحمه الله بأعضاء الفريق الذين يكنون له جميعا الاحترام والتقدير لما جبل عليه من خلق رضي فقد كان بينهم كأحدهم رغم مسؤوليته الرفيعة كطبيب خاص للرئيس زين العابدين بن علي رحمه الله.

انطلق الفريق في عمله التوعوي الذي تركز في البداية في إقليم تونس (تونس واريانة ومنوبة وبن عروس) ليتوسع شيئا فشيئا ليصل الى نابل وسوسة وغيرهما. كانت اجتماعات هذا الفريق تتمثل في لقاءات مفتوحة في المبيتات الجامعية وعلى هامش المهرجانات الثقافية وعلى منابر النوادي والجمعيات والمنظمات الوطنية وكان المرتب والمنسق لهذه اللقاءات في كل جوانبها مع مختلف الاطراف المتدخلة هو الدكتور محمد قديش رحمه الله وكان لذلك اثره في نجاح كل القاءات التي عقدها واقصد بالنجاح كل جوانبه وبالخصوص نجاح المضمون وبلوغ الغاية والهدف فكان الدكتور محمد قديش رحمه الله.

هو من يدير الجلسات ويوزع الكلمات على المشاركين وهو من يحيل الكلمة الى الراغبين من الحاضرين وهم من مختلف الفئات ليلقوا اسئلتهم واستفساراتهم. كان رحمه الله يفعل ذلك بحرفية عالية وبابتسامة لا تغادر محياه وبصرامة بحيث يقدم كل طرف وبإيجاز تدخله حتى تعم الفائدة ولا يحصل ملل بسبب الاطالة والاستطراد.

كان موكولا الي ان اقدم راي الدين في مسالة التبرع بالأعضاء ( جوازه أوعدم جوازه)  وكنت مضطرا الى ادراج مسالة التبرع بالأعضاء في اطار مقاصد الشريعة الداعية الى التراحم  وان من كليات هذه الشريعة المحافظة على الابدان التي تقدم على المحافظة على الا ديان  عند تعارض هذين الكليتين وكنت اقدم امثلة واقعية يهتز لها الدكتور محمد قديش رحمه الله المعروف بحسه الديني المرهف ولاينفك بعد ذلك يكررها ويطلب مني اعادتها كل مرة لما لها من الأثر الكبير في الاقناع بأهمية التبرع  باعتبار ه احياء للنفس البشرية كما جاء في قوله جل من قائل( ومن احياها فكأنما احيا الناس جميعا) وان مصلحة الحي مقدمة على مصلحة الميت و ان الانسان بوفاته الباقي منه هو روحه  التي من امر ربه اما اعضاؤه  فهي آئلة الى الدود والتراب فالحي أولى من الميت بهذه الأعضاء  والتبرع بها هو ضرب من الصدقة الجارية التي يلحق بها ومنها للمتبرع الا جر والثواب بعد وفاته.

كان الدكتور محمد قديش رحمه الله يفسح لي المجال لا لتقديم بحث أكاديمي فالمجال لا يسمح بذلك ولكن لتقديم ما به الحاجة مصحوبا بأدلة من القران والسنة ومن الاثار والامثلة التي يتحقق بها المقصود والمطلوب وهو ما يعلق عليه الدكتور محمد قديش ويلفت اليه انظار زملائه الاطباء وكل الحاضرين وان هذا هو اسلام الزيتونة المستنير المواكب للمستجدات المجسم للأخوة والمحبة والتآزروالتضامن اين منه ما يلصق بالا سلام من تزمت وتعصب وتشدد.

كنت احرص على التذكير بان الأمور بمقاصدها وانه لا ضرر ولاضرار وان الضرر يزال وان الضرورة تقدر بقدرها وان الضرورات تبيح المحظورات واضرب على ذلك امثلة من واقع الحياة مثل من يغص ولايجد بجانبه ماء فانه يجب عليه حفاظا على حياته ان يتناول المشروب المحرم الذي هو قريب منه ما به يحافظ على حياته وكذلك الشأن بالنسبةللمأكل المحرم فانه يأخذ منه ما به يسد رمقه بلويتزود منه الى المكان الذي يجد فيه المأكل الحلال.

وكنت اسال الدكتور محمد قديش رحمه الله وزملاءه الأطباء عمابه يعتبر الميت قد مات فعلا ليستفاد من أعضائه اهو توقف نبضات القلب ام الموت الدماغي راجيا ان اتلقى منهم الجواب الشافي المطمئن واملا ان لا يكون في المسالة قولان كما يقول الفقهاء. وكان الدكتور محمد قديش رحمه الله وزملاؤه يجيبونني بأريحية تزيد الحاضرين طمأنينة وثقة فيما يبلغ لهم من راي الدين في مسالة التبرع بالأعضاء.

ظل ذلك دأبنا طيلة سنوات ليس فقط في اليوم الوطني للتبرع بالأعضاء ولكن على مدار أشهر السنة بلا كلل ولا ملل يزيدنا حماسا ومواصلة بذل الجهد في هذا المجال ما تكنه قلوبنا جميعا للدكتور محمد قد يش رحمه الله من حب سببه الأول والأخير ما جبل عليه من خلق كريم.

تلك بعض الخواطر والذكريات اردت ان احي بها روح الفقيد العزيز صديق الجميع الدكتور محمد قديش رحمه الله واسكنه فراديس جنانه وانا لله وانا اليه راجعون.

الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي

 

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.