إيمان نعيــجــة: ســـاعـدنا 935 ضحـيّــة
منذ 2012، تساند المنظّمة الدولية للهجرة جهود الدولة التونسية في مكافحة الاتجّار بالأشخاص، عبر تقديم المساعدة التقنية والمساهمة في تدريب الإطارات الحكومية ومكونات المجتمع المدني، إلى جانب نشر الوعي بقضية الإتجار بالأشخاص. يأتي ذلك في إطار مشروع "SHARE" المنفّذ بالاشتراك مع وزارة العدل وبدعم من وزارة الخارجية الأمريكية. تشرح إيمان نعيجة، المسؤولة عن مشروع الاتّجار بالأشخـاص SHARE III لدى المنظّمة الدولية للهجرة الذي وصل إلى مرحلته الثالثة، في الحوار التالي أهمّ مكوّنات هذا المشروع والدعم الذي تقدّمه المنظّمة للدولة التونسية. وتبيّن كذلك مجال التعاون بين المنظّمة الدولية للهجرة والهيئة الوطنية لمكافحة الاتّجار بالأشخاص في مساعدة الضحايا، سواء أكانوا من الأجانب أو من التونسيين.
كيف تساهم المنظّمة الدولية للهجرة في دعم جهود الدولة التونسية في مكافحة الاتّجار بالأشخاص؟
تساهم المنظمة الدولية للهجرة في تقديم المساعدة التقنية للدولة التونسية ودعم جهودها على مستوى مكافحة الاتّجار بالأشخاص. وقد بدأ التعاون في هذا المجال منذ 2012 من خلال مشروع SHARE الذي وصل اليوم إلى مرحلته الثالثة ولا يزال متواصلا. وهو مشروع حول مكافحة الاتّجار بالأشخاص يتم تمويله من قبل الخارجية الأمريكية وتشرف عليه لجنة قيادة موسّعة مكوّنة من مختلف الوزارات المتدخّلة في هذا المجال مثل وزارات الداخلية والشؤون الاجتماعية والمرأة، إضافة إلى الجمعيات ذات الصلة والمنظّمات الدولية مثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، المفوّضية السامية لشؤون اللاجئين ومجلس أوروبا. وتشرف على هذا المجلس وزارة العدل. اشتغل هذا المجلس في البداية على إعداد الدراسة الاستكشافية حول واقع الاتّجار بالأشخاص في تونس وهي أوّل دراسة من نوعها تمّ إنجازها في هذا المجال. وقد تمّ اطلاقها في 2012 ليقع الإعلان عن نتائجها في جوان 2013. وقد تبيّن من خلالها أنّ تونس بلد انطلاق ووجهة وعبور للاتّجار لأشخاص. بعدما تمّ الإعلان عن نتائج الدراسة، بدأنا العمل على تنظيم الدورات التدريبية لفائدة الإطارات في الوزارات المتدخلة في مجال اللاتّجار بالأشخاص وممثلي المجتمع المدني. وكان الهدف هو تفسير ما جاء به بروتوكول بلارمو المتعلق بمكافحة الاتّجار بالأشخاص والذي صادقت عليه تونس في 2003 وتحديد جريمة الاتّجار بالأشخاص والتعريف بآليات الحماية بالنسبة إلى الضحايا. قمنا أيضا في إطار مشروع SHARE بمجموعة من الحملات التحسيسية. كان ذلك في إطار الجزء الأول من المشروع من 2012 - 2014 . ابتداء من 2015 ومع بداية الجزء الثاني من المشروع، انطلق العمل على القانون الوطني الخاص بالاتّجار بالأشخاص. كانت هناك مسودّة بدأت تشتغل عليها تونس منذ 2008 وواصل المتدخّلون في لجنة القيادة العمل عليها إلى حدود 2016 والمصادقة على القانون. في أفريل2016، تم كذلك إطلاق أول حملة وطنية حول الاتجار بالأشخاص في تونس. وبعد المصادقة على القانون وإنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الاتّجار بالأشخاص، بدأنا العمل معها عبر تنظيم سلسلة من الدورات التدريبية لفائدة مندوبي حماية الطفولة، متفقدي الشغل، إطارات الديوانة التونسية، أعوان الضابطة العدلية، القضاة، الصحفيين إلخ، وذلك لخلق points focaux أو نقاط اتصال حول مسألة الإتجار بالأشخاص. وقد نظّمنا إلى حدّ الآن أكثر من 40 تدريبيا في كامل تراب الجمهورية. كما قمنا أيضا بإعداد دليل حول القانون ومطويات تحسيسية. واشتغلنا كذلك ولا نزال على المساعدة المباشرة لضحايا الاتّجار بالأشخاص، خاصّة من المهاجرين.
فيما يخصّ مساعدة ضحايا الاتّجار بالأشخاص، ماهي نوعية المساعدة التي تقدمها المنظمة الدولية للهجرة؟
منذ 2020 تشتغل المنظمة الدولية للهجرة على تقديم المساعدة المباشرة لضحايا الاتّجار بالأشخاص حيث شملت هذه الجهود 953 ضحية، 77 % من النساء (735). كما أنّنا نستقبل يوميا عددا كبيرا من المهاجرين الذين يجدون أنفسهم في وضعية اتجار ويتمّ تقديم المعونة الاجتماعية لهم وأحيانا يتمّ تسديد نفقات إيجارهم، كما نوفّر لهم المساعدة الصحية والنفسية والقانونية. لدينا شركاء من المجتمع المدني نشتغل معهم منذ سنوات مثل Caritas وجمعية "أمل" يساعدوننا في ذلك. بالنسبة إلى الضحايا من الأجانب، هناك مساعدة أيضا للعودة إلى بلدانهم إذا رغبوا في هذا ولا يتمّ إجبارهم على العودة أو ترحيلهم، لأنّهم عادة يأتون إلينا في وضعيات صعبة جدّا، بعد أن فقدوا جوازات سفرهم التي تمّ انتزاعها منهم سواء من قبل المُشغّل أو الوسيط، ولا يملكون أيّة أوراق ثبوتية أو أيّ مال لإعالة أنفسهم. بالتالي، تقوم المنظمة بتقديم المساعدة لهم. وفي حال رغبوا في العودة إلى بلدانهم، هناك أيضا دعم لإعادة إدماجهم هناك. أوّلا يتم ّإعطاء وثيقة لضحية الاتّجار بالأشخاص تثبت أنّها كذلك، لتسهيل عودتها إلى بلادها. وبعد رجوعها، يمكنها الاتّصال بمكتب المنظّمة هناك في أجل شهر حتّى يقوم بمساعدتها ماديا لبعث مشروع صغير تكسب منه لقمة العيش. بشكل عام، يتمتّع ضحايا الاتّجار بالأشخاص من الأجـــــانب بامتيازات، ومنها إعفاؤهم من العقوبات المالية الناجمة عن تجاوز الحد الأقصى المسموح به للإقامة ويمكن لهم أن يعودوا إلى تونس بعد أسبوع أو أسبوعين من رجوعهم إلى بلدانهم إن أرادوا ذلك. إذا رغبت الضحيّة في تقديم شكوى قضائية ضد مــــن قـــــام باستغلالها فيمكن تمتيعها بتصريح إقامة مؤقّت إلى حين نهاية القضيّة.
اشتغلت المنظمة الدولية للهجرة على مساعدة ضحايا الاتّجار بالأشخاص من التونسيين أيضا، فكيف تمت مساعدتهم؟
قامت المنظمة بتقديم المساعدة المباشرة إلى 41 ضحيّة تونسية منها رجل وقع استغلاله في الخارج وقاصران اثنان تعرضا للاستغلال الجنسي في تونس و38 امرأة عدن من السعودية في 2019 بعد أن تم ّاستغلالهن بأشكال متعدّدة، بناء على عقود عمل وهمية. وقد ساعدناهم تحت طلب الهيئة الوطنية للاتجار بالأشخاص. تمثلت المساعدة في إعادة إدماجهنّ من خلال توفير التدريب لهنّ، حيث نظّمنا لهنّ، في جوان 2019، تدريبا لمدّة أسبوع لمساعدتهنّ على بعث مشاريع صغيرة لا تتجاوز كلفتها 4000 دينار. وقام تقريبا 50 بالمائة منهنّ ببعث مشاريعهنّ ونحن بصدد متابعتهنّ. هناك منهنّ من طلبن استعمال المبلغ المخصصّ لكلّ واحدة (4000 دينار) من أجل خلق مشروع، لتدعيم قدراتهنّ في مجالات معيّنة وتلقّي تدريبات متخصّصة، بما أنّ العديد منهن ذوات مستوى تعليمي جامعي. ومنهنّ حاليا من تقوم بتربّص للحصول على عمل أو من نجحت في إيجاد وظيفة. في كلّ الإحوال، المنظّمة على اتّصال مستمرّ بهنّ لمتابعتهنّ وحلّ مشاكلهنّ. وتعدّ هذه العملية الأولى من نوعها التي تقوم بها المنظّمة في مجال إعادة إدماج الضحايا من التونسيين.
حاورتها حنان زبيس
قراءة المزيد
الاتّجار بالأشخاص في تونس: كــيـف نحــدّده؟ كيـف نـقـاومه؟ وأيّ مــــسـاعـدة للـضـحـايــا؟
روضة العبيدي: ارتفــاع ملــحـوظ في عــــدد ضـحــايــا هـذه الظاهـرة
- اكتب تعليق
- تعليق