عبدالقادر المعالج : البدعة الكبرى

بقلم عبدالقادر المعالج  - ها نحن مرة  أخرى ننتظر حكومة جديدة سيتولى تشكيلها رئيس الحكومة المكلف من قبل رئيس الجمهورية طبقا لمقتضيات الدستور، وكما حصل سابقا سيواجه رئيس الحكومة المكلف صعوبات جمة نتيجة تمسك الأحزاب الممثلة في البرلملن بالحصول على أكبر عدد من الوزراء مقابل منح الثقة للحكومة المقترحة عند التصويت عليها في البرلمان، وطبعا سيكون من العسير جدا بل من المستحيل تلبية كل الرغبات وإرضاء جميع الجهات، والصعوبة الأكبر تتمثل في تشدد حركة النهضة التي تريد بسط سيطرتها على الحكومة لتكون كل القرارات التي تتخذها الحكومة مستجيبة لمصالحها ولو على حساب المباديء السياسية التونسية.                                          

في هذا السياق تحاول  حركة النهضة أن تفرض رأيها  القائل إنه من حقها  أن يكون نصيبها من الحكومة موازيا لتمثيلها النيابي في البرلمان وهذه في رأينا بدعة لا تعتمد في البرلمانات الأخرى إلا عندما يكون النظام برلمانيا صرفا، في تلك الحالة بكون من حق الحزب الفائز في الانتخابات تعين رئيس الحكومة وهو عادة رئيس الحزب وهو الذي يشكل حكومته وأعضاؤهاهم من قادة الحزب،   وفي الظروف  الإاستثنائية كما كان الحال في المجلس التأسيسي وفي غياب الدستور الذي ينظم عملية تشكيل الحكومة كان بإمكان   للحزب الأول في الانتخابات أن يعين رئيس الحكومة حتى وإن لم تكن له الأغلبية في عدد النواب ، ومع دستور 2014  الذي أقر نظاما برلمانيا  معدلا اكتنفه كثير من اللبس والغموض لحاجة في نفس يعقوب استطاعت حركة النهضة أن تبسط سيطرتها على مجريات الأمور وصارت تفرض موقفها للحصول على وزراء السيادة في مرحلة أولى وعندما أصبح ذلك غير ممكن أمام استقواء بعض الأحزاب فرضت الحركة الاعتماد على مبدإ المحاصصة لاقتسام الغنيمة دون اعتبار المقدرة والكفاءة ومصلحة البلاد، وكانت النتيجة الحتمية فشل كل الحكومات التي تشكلت  بعد الثورة وما فتئت حالة البلاد تزداد سوء على سوء وانهار الاقتصاد التونسي وأصبحت بذلك تونس على حافة الإفلاس.

الآن وقد شرع الوزير المكلف مشاوراته لتشكيل حكومة جديدة لتخلف حكومة الفخفاخ المستقيلة  هل ستتشبث النهضة ببدعتها في أن يكون نصيبها في الحكومة موازيا لتمثيلها في البرلمان؟ يبدو أنّ رئيس الحكومة المكلف المستقل لن يسير في هذا التمشي، هو لم يبدأ باستقبال رؤساء الأحزا ب كما فعل سابقوه بل هو استقبل رؤساء بعض المنظمات الوطنية وبعض الشخصيات المستقلة المرموقة   التي لها باع في الاقتصاد والسياسة على غرار الوزير السبق وهو قامة كبيرة في الاقتصاد التوفبق بكار، ويبدو ظاهريا على الأقل أن الجكومة ستتكون في معظمها من كفاءات قادرة على مجابهة الوضع الصعب وايجاد الحلول اللازمة.

وأظن أنه سيكون من المفيد الحفاظ على وزراء شرعوا في تطبيق مخططاتهم على غرار وزير المالية ووزير أملاك الدولة و وزير السياحة  ووزير الطاقة وربما غيرهم أيضا.

عبدالقادر المعالج
إعلامي سابق