شهادة الأستاذ إبراهيم شبّوح عن الراحل الكبير الأستاذ الشاذلي القليبي بمناسبة أربعينيته
بمناسبة أربعينية الأستاذ الشاذلي القليبي كتب الأستاذ إبراهيم شبّوح الذي عرف عن قرب الراحل الكبير الشهادة المؤثّرة التالية:
أستاذُنا الكبير الشّاذلي القليبي عالَم شاسِعٌ، وطاقةٌ فاعلة، وفكرٌ نافذ، تَتوالَد عنده الرُّؤَى المشْرقة، وتَنْتظم فيه أشْراطُ الفِعْل وتُعَبّد مسالكهُ، ويَعْمل المنطقُ والتعقُّل على تَرتيب الحركة وتَقْدير سَبَبِيّتها لتصلَ إلى الغاية.
للنَّفاذ إلى عَقْله وقَلْبه مِفتاحٌ روحيٌّ صوفيٌّ اسمُه الصّفاء والمحبّة، لتجدَ أمامكَ كَوْنًا واسعًا رَحْبًا متوازنًا خَيِّرًا يقوم على قواعد صارِمَة لا تُدركُ بيُسْر، أُولىَ هذه القواعد هي رقابتُه العقليَّة الدّقيقة على لسانه، فكلامُه مَوْزونٌ فيه التأمّلُ العميق وما يَراهُ مكتملَ عناصر الصّدق والتّصديق.
وخَلْف حُضوره الخارجي عَقْلٌ واعٍ أَنضجَتْه المعرفةُ الواسعة بثقافة عصره، وبما ادّخره من معارف أُمَّتِه ومكارِمها، ينظرُ لشؤون عصره ويتمثّل حركَتها ومَسيرَتها وصَيْرورتَها، شأنَ أصحاب المشاريع الذين يَجْهدون لإدراك شَواغل ونَوازع أُمّتهم بَحْثًا عن مراكز التّوازن والعمل لتحرير القُوى الخامِلة فيها، لتكونَ كما يضمنُ لها جوهرُ عناصرها أن تكونَ. لقد كان الأستاذ المثقّف الشاذلي القليبي يُؤمن بسلامة جَوْهر الأمّة في قِيَمِها الكبرَى ولُغَتها وثقافتها، ولكنّ صدأَ الزّمن المتراكب عليها حجب حقيقتَها وقَيَّدَ طاقاتها.
بدأ التّحوّلَ إلى الفعل عندما عاد الشابّ من غُربة الطّلب في باريس، مُزَوَّدًا بمعارفه المتكاملة المتوازنة، وبصفاء رؤيته، وبمعاييره الإنسانية؛ فعمل في مجال التّدريس وإيقاظ المدارك في جيل تلاميذه، وانجذب إلى العمل النّقابيولِبَثّ التّوعية بالحقوق مؤازرًا لأسْتاذه محمود المسْعدي القائم على قطاع نقابة التّعليم الثانوي، ثـم داعِمًا لجـهـد صديقه أحمد
*عَملَ مُديرًا للآثَارِ الإسْلاميّة، وأَسَّسَ مركز رَقَّادة مَتْحَفًاومَخْبَرًا. ومُديرًا عامًّا لدَارِ الكُتُب الوَطنيّة. ومُديرًا عامًّا لمُؤَسّسة آل البيت الملَكيّة للفكْر الإِسلامي بالأُردن، وهو عضْو في أكاديميّتها. عضْو بيْت الحِكْمة بتونس. عضْو مجمع اللّغة العربيّة في دمشق.
ابن صالح الذي آلت إليه قيادة المنظّمة النقابية العتيدة: الاتحاد العام التونسي للشغل، وفي هذا المخبرَ الواسع اكتشَف ما يُعانيه وَطنُه، وأنّ العملَ الوطنيَّ غيرَ مُجَزّأ، تتحرك فيه النخبة المناضلة الرائدة من أيّ موقع ليصل بها الطريق إلى تحقيق التقدّم والخيْر.
وتحقّق للوطن ما ناضل من أَجْله ليستقلّ ويُحقّق سيادتَه الوطنية، فاختير الأستاذ القليبي لمؤسّسة الإذاعة الوطنيّة لتصبحَ مِنْبرَ التوعية والإيقاظ والتّعريف بواجبات مرحلة البناء وحُدودها، وعمل على أن تكون الإذاعة مدرسةَ تثقيف وإيقاظ للوعي الفكري والوطني، بما جمّع لها من نُخَب المثقّفين الذين كانت برامجُهم جاذبةً فاعلة.
ثم دُعي - لِمَا مَثّله من تميّز فكريّ- لمهمّة أكبرَ وأشملَ وأبلغَ أثرًا، فعُيّن ليؤسّس وزارةً للثقافة، وأدرك من البدْء أنّ مهمّةَ رسالةِ ما كُلّف بتأسيسه هو "نشر الوعي المجتمعي، والمساعدة على تثبيت عقلية التطوّر في مختلف فئات المجتمع، وتَحْميلها رسالةً لم يسبق لها مثيلٌ في البلدان الساعية إلى النموّ والتطوّر" [القليبي: تونس وعوامل القلق العربي، 55]. فأقامَها على منظور بناء الإنسان وفَتْح آفاق الثّقافة المتبَصّرة أمامه؛ ونظرَ في مشروعه بأوسع رؤية مُمكنة لمثقّف يخطو بتعقّل، فبنَى عملَه على مبدإ حاجة الإنسان الفكرية التثقيفية ماضيًا وحاضرًا ومستقبلا، وأَوْلَى كلَّ تُراث الماضي ثابتَهُ ومَنْقولهُ اهتمامًا مُرَكّزا، يقينًا منه بأثَره وفِعْله في تثبيت الشخصية الوطنية؛ فأسّس: مراكزَ البحث والمعالم والمتاحف في المعهد القومي للآثار والفنون؛ واستفاد من انتشار حضائر العمل في الولايات وَقْتَها وفي أكبر مراكز الثّروة الحضارية التاريخية، في قرطاج والقيروان والمهدية وسوسة وغيرها، ورُفع الغطاء عن مُدن بأكملها مثل كركوانوصبرة المنصورية التي أعيد طَمْسها.وكانت كل مدينة أو قَرْية في أرض الجمهورية لا تَخْلو – وَقْتها – من أشغال وحركة دائبة في الحفر والصيانة والتّرميم بحماس الولاة وإشراف المعهد. وأخذَت الأبحاث والدراسات تظهر على مستوَى من العلم والبحث الميداني، واقترن ذلك بإقامة المعارض للمكتشفات وبالنّدوات العلمية المتخصصة التي تُعقد في الولايات، ويلتقي فيها الآثاريّون والمؤرخون والجغرافيون من الوطن وممّن يُدْعَى من كبار المتخصّصين فيتعاونون على مراجعة القضايا المعروضة في المحاور الغامضة لتفسيرها في ضَوء الوثائق الأثرية المكتشفة؛ وكان الكَشْف والتّرميم والصيانة عمليات مترابطة تجري بها الهِممُ الشابة المدرّبة المتحمّسة بوَعْيها وبكفاءتها الذهنية النامية.
وأصبحت المعرفة بالماضي مجالاً حَيّا ساعد على بناء الذات الوطنية، وفهم العلاقة بالمحيط، وقد كان لهذا التأسيس شأن في تاريخ المعرفة والعلم والبحث، استمرّ باقيًا وتناولتهُ يدُ الإصلاح والتطوير بعده، ولم يَخْل في مسيرته الطويلة - بعد أكثر من نصف قرن - من عثرات تشريعية طرأت على قانونه وأثّرت في مسيرته.
وأسّس الدّار التونسيّة للنّشر، تحفيزًا للباحثين والمبدعين أن يتّصل جهدُهم بالمجتمع، وقد انطلقت مزدهرةً بحسن اختيار ما يُنشر فيها من كتب التّراث ومن ثمرات إبداع الحاضر. وتَبنّت الوَزارة نفسُها نشْرَ أحَدَ مرتكزات مصادر البحث التّاريخي المهمة: كتابَ إتحاف أهل الزّمان للكاتب المؤرّخ النّابه أحمد بن أبي الضياف، وقد قام نشرُه على مخطوطات معاصرة للمؤلّف موثّقة، وتكاد تكون خاليةً من النّقائص، لكفاءة القائمين عليها في الوزارة ودقّة المحقّقين. وهذا عملٌ يُذكر فيه الفضلُ للأستاذ الخبير المثقّف حَمّادي النّيفر والدكتور طاهر الخميري.
وتواصل فتْح وتركيز كلّ قطاعات الثّقافة، يؤسّس ويَدْعم ويُيَسّر انطلاقَها، في السّينما والمسرح والفنون التشكيلية والمهرجانات المقيمة والوافدة الممثّلة لثقافات الشّعوب المختلفة، وخاصة في الموسيقى والمسرح، وإقامة الملتقيات الدّراسية حول التاريخ الحضاري للجهات وفُنونها، وحول الموضوعات المختصّة بالتعاون أحيانا مع اليونسكو والدول الأوربية.
وأقام دورَ الشّعب على أنّها قواعدُ ثابتة ومفتوحةٌ للنشاط الفكري في الولايات، وبَعَثَ المكتبات الجهويّةوخصَّها بإدارة مُتصرّفة لا تتوقف عن إثرائها وتَزْويدها والاجتهاد في توزيع الكتاب ونشر ثقافة القراءة، وكان يقول مع كلّ ذلك: إنّ الوَزارة لاتَصنَع الثّقافة، وإنّما تهيّئ لصُنّاعها في قطاعاتها المتعدّدة مناخَ الانطلاق ليزدهر كلّ قطاع على يَد المُبْدعين من أجيالنا.
واهتمّ بالأدَب الشّعبي وتجميعه، ولو أنّه لم تَتوفّر له المنهجيّة التي تُساعد على تَفْكيكه الفيلولوجي ورَبْطه بالجذور التاريخية الصّانعة له، ودراسة الجغرافية البشرية التي احتوته ورَبْطها بجذور القبائل على المجال وبأحْداث زَمانها، وذلك لقلّة الباحِثين المتخصّصين في هذه الجوانب، ولم يُخَصّ بمركز مستقلّ هو جَديرٌ به، رَغْم سعي المسؤولين الأوائل لتَحْقيق ذلك.
وكان من نَظَرِه: " أنّ المُثَقَّفَ ليس بالضّرورة الحَامِلُ لشهَاداتٍ عاليَة، بل كثيرًا ما يكونُ الذي اجتمعت لديه جُملةٌ من المَعارِفِ القاصِدَة، ولهُ فيها من الاجْتهادات ما يُمَيِّزُ وما يَخْدِمُ المَجْموعَةَ الوطنيَّةَ" [القليبي: نفسه، 55].
لقد كان يُتابِع خطّته بانسياب لا ضجيج له، مهتمّا - كما يقول-: "بإيقاظ الضّمائر إلى معاني المنزلة الإنسانية، وجَعْل المجموعة الوطنيّة تتطلَّع إلى إدراك ما يكتنف المصير الإنساني من مُغَلَّقات الغَيْب.
وثقافَتُنا العربيّة، وحضارتنا الإسلامية، بما تتميّزان به من نَشْر مبادئ التّضامن ومن اعتماد العَقْل والأخذ بالأيْسَر، أليْستَا على جدارة عالية بأن تكونا لثَوْرتنا القائمة من أهَمّ مصادر االاسْتيحاء؟"[نفسه، 56].
لقد مرّ الوطن بأحوال تاريخية في السّبعينيات سبّبته الظروف الاقتصادية وبَوادر تَشكّل القُوَى المُتصارعة داخل الدّولة وصحّة القيادة العليا، فمرّت بالأسْتاذ وبأصحابه البُنَاة المجدّين من وُزراء الدّولة عواصفُ عاتية، جابَههابالصّمت والصّبر وإيمانِه الراسخ الذي يُمِدّه بقوّة داخلية من الطمأنينة والرِّضا، يتبدّد معها أزيز العاصفة فلا تنَالُ منه. وتجدّدت معه المِحْنة وتجدّد معها بكرامته، وكان المثلَ النّادر في أصحابه الذي سَلِم وعَبَر، ولم يتنكّرلأصحابه الذين جدّوا واجتهدوا في خدمة الدولة والوطن ّ في مجالاتهم، ولم يَقُل فيهم ما يؤذي كما صنع غيرُه، التزامًا بخُلُقه ومُروءته وصَرامة فكره التحليلي للحياة وللأشياء.
وفي مسيرة الفعل والإنجاز كان كرفاقه يعزو أعمالَه واجتهاداتِه ورِياداته في الوَزارة لتَوْجيه رئيس الدولة، لم يُغْفل سَبَبِيّتَه مطلقًا، أدبًا منه وتواضُعًا وحُسنَ تَأتٍّ. وقد كتب بعدُ: أنّ الذي يشهدُ به جميعنا لا شكّ، أنّ الرئيسَ لم يكن يُوجّه الوزيرَ فيما يذهب إليه، وإن كان له من حينٍ إلى آخرَ ملاحظات واقتراحات يقدّمها على أنّها نتيجةُ متابعةٍ شخصيّة، لا يعني الأمر والنّهي"[نفسه، 64].
واختير للدِّيوان الرئاسي مع الزعيم الحبيب بورڨيبة، فساعدَه أدبُه وثقافتُه الواسعة وفَهْمُه للحدود، أن يحفظ مكانَته واحترامَه مع الرّجل الكبير الذي أصبح كثيرَ الاطمئنان لكفاءته ورَجاحة عَقْله، ويرتاح لما يُعِدّه له من خطب ورسائل رسميّة كان يتابع أمرها معه بنفسه. وكان ممانعًا أن لا يفارقَه إلى الجامعة العربية لولا الإلحاح من وزيره الأوّل المرحوم الهادي نويرة الذي أقنعه بأنّه الرّجل المناسب، ودَعاهُ عند تَوْديعه ألا يبتعد عنه [ع. عبيد: لقاء مع الشاذلي القليبي، مجلة المستقبل العربي، مارس 2016، بيروت].
أصبح الأستاذ القليبي بعد تجاربه الكبرى، في الإذاعة والثقافة والإعلام وصحبته للرئيس بورقيبة بكل ما يمثّله من فكر سياسي ونظر ثاقب، أمينًا عامّا لجامعة الدول العربية بعد هجرتها إلى تونس، وتغيير وسائل عملها، حيث تسابقت الدول العربية لدعمها وتيسير مَواردها بعد أن أصبحت في المرحلة التونسية تُعامَل وجملةُ منظّماتها على قواعد الأمم المتحدة واليونسكو، ممّا هيّأ لها من الوسائل ما لم تعهده من قبل؛ وأمكنها أن تحقّق من الأهداف الكثيرَ بفضل النّخبة المُسْتنيرة القادرة التي اعتمدها في مواقعها للقيام بالعمل العربي المشترك؛ وعدّل صورَة القضيّة الفلسطينية بِتَعديل لغة الحوار حولَها وخصّها بعنايةٍ ودَعْم بالغَيْن.
لقد عاش الأستاذ الكبير الشاذلي القليبي الذي ودّعناه بالألم الحاد والحزن القاتِم، عاش حياة عريضةً عامرة بالجدّ والإنجاز في خدمة وطنِه أمانتِه، مُؤتَمَنًا على قضايا أُمّته العربية التي قدّمَتْه لعقدٍ من الزّمن- ناظرًا في قضاياها المشتركة، جامعًا لكلمتها، مُتصدّيًا بيقظته لمناوئيها، ومجدّدًا لأساليب المواجهة باعتماد طُرُقٍ جديدة للحوار مع الآخر، وإعادة تَقْديم صورة العرب التي شوّهها التزييف بدَواعي الحِقْد والعِداء.
لقد عاجلَ الموتُ مِشْعلَ حياته بالإطفاء قبل أن يُنْهي بعدَ سنةٍ واحدة مُرورَ العُقود الستّة على تأسيسه وتَرْسيخه وإشْعاعه بتأسيس وَزارة الشّؤون الثقافيّة سنة 1961، ففارَقَنا واستَعْجل الغُروب، فكان كما صوّر الشّاعر الكبير عبد الرزاق كرباكة:
أهاب بــه الدّاعي فلَبّـَى النِّـدَا سِرَّا وأَدْلَجَ في الظَّلْمَا ولَــمْ يَنْتَظِرْ فَجْرَا
لقد رَحل الأستاذ الكبير ولم يُبْق للأجيال مذكراتٍ عن مسيرته المتواصلة منذ بداية الانْخراط في العمل الاجتماعي والوطني، كما فعل بعض المهتمّين بذاتهم ومَنزلتهم في حركة التاريخ، وكما لم يَفْعل الكثيرُ من أصحابه المتميزيّن المؤثّرين، وهي عادةٌ من التواضع وإنكار الذات درج عليها المغاربة، وشَذّ منهم عبد الرحمان بن خَلدون الذي أَلْحق بتاريخه عناصرَ لكتابة سيرة، التقطها من ذاكرته المُجْهَدة وهو في مِصْر بعد أن تَجاوز الستّين.
إنّ في كتب الأستاذ الشاذلي الأخيرة، وفي بعض أحاديثه الصحفية شذراتٌ مهمّة عن فكره السياسي والثّقافي مُفيدة للدارسين، ويقيني أن تاريخ فكره الحقيقي مُثْبت في قَوانين وقَراراته في وَزارة الثّقافة وفي الصّحافة المعاصرة في تونس وغيرها وفي خُطبه، ولعل من أساتذة الجامعة من يوُجّه بعضَ شبابنا الدّارس ليهتمّ بهذه الجوانب منمسيرته وتقييم أثرها، كما فَعل صديقُنا محيي الدّين المصري الذي أعدّ رسالة جامعيّة عن "العمل العربي المشترك"، أبرز فيها الحقبة التونسية في تاريخ الجامعة وما لَها من الخصائص؛ وأشير إلَى شهادات المعاصرين من أَصْدقائه ومن عمل معه في مُختلف القطاعات، ومنْ لازَمه في حقْبة عمله بالجامعة وعرف عن فكْره السياسي ومُحاوراته في الخارج، وتجمّع لديه الكثير المهمّ ممّا يمكن أن يُفضي به للتّاريخ، وأعني هنا الأسْتاذ أحمد الهرڨام الذي لازَمه في الحل والترحال؛ وكذلك شهادات الوُلاة الذين عاصروا وُجودَه في أيامهم، وبعض كبار رجال المسرح الذين يعرفون كيف عَبّد لهم المسالك وآزر مَسيرتهم، والفنّانين التّشكيليّين، فإن إفاداتهم جميعًا بما احتفظت به ذاكرتُهم عنصرٌ مُهمّ لكتابة حياة إنسان كبير.
وفي هذا المنْحَى رأيتُ أن أقدّم "نَماذج" مُتباعدةً في الزّمن، تتّصل بصلتي به في وَزارة الثقافة، وفي ديوان الرئاسة، وفي الجامعة العربية، وفي مرحلة تفرّغه بعد ذلك، حيث كنت أهاتفه أو أزورُه منفردًا أو مع الصّديق المثقّف الأستاذ عبد العزيز قاسم.
وهذه النّماذج من ذكرياتي التيشدّتني إليه، تعبّر عن عميق أنظاره، ورُوحه المسْتنيرة، وأفق تفكيره الواسع السّديد، وكيف كان يَنْظر إلى مقاصد الأشياء فيَرْعاها ويُدرك جدوى أثرها بأسلوب هادئ رَصين.
۞۞۞
1- في سنة 1973 دَعوتُه للإشراف على الاجتماع التأْسيسي لجمعية صيانة مدينة القيروان وتُراثها، وكتبتُ لها قانونًا مُخْتلفا عن صِيَغ قوانين الجمعيات المماثلة، وذلك بالتّنصيص فيه على أن يكونَ رئيسُ الجمعية أو كاتبُها العامّ من ذوي الاختصاص الآثاريّ ومن أسْرة المعهد القومي للآثار والفنون، وَوُوفقَ عليه في وزارة الداخلية بدَعْمه وتزكيته، وبذلك أقدَمْتُ على عمليّات صيانة مَعالم المدينة التي لم تُدْرج في بَرامج المعهد، وليس في إمكاناته ما يَفي بها. ونظّمتُ حَملةً بعدَ سقوط جانب من أسْوار المدينة أقْنعت بها المدير العامّ للمنظمة العربية للتّربية والثّقافة والعُلوم، فأصْدَر في يومٍ مشهود بالتّعاون مع وَزارة الثقافة "نداءَ القيروان" حيث أخذتُ الكلمة في ساحة المسجد بحُضُور وُزراء تونس والمجلس التّنفيذي للمنظمة والضّيوف والسُّلط المحليّة؛
وانطلَقْنا في ترميم معالم المدينة بلا توقّف بفَضْل إخلاص أعضاء الهيئة الأولى، وَتلافينا ما استَطَعْنا تلافيه من مشاكل الجامع الكبيربَعْد أن تلقّينا دعمًا عربيّا لفائدته. وهكذا أُنجز هذا العمل الكبير الصامِت بنَفقات مالية مُتواضعة. ويَرْجع الفضل في كلّ هذا للدّعْم المخْلص الذي قدّمه الأستاذ في اجْتماع تأسيس الجمعية ودَفْعه لها ومُوافقته على البُنْد المتفرّد، إدراكًا منه أنّه المخرجُ لحريّة العمل بالوَسائل المتاحَة، ولما لا يمكن للمَعْهد القومي للآثار أن يُوفّره من إمكانات العمل.
لقد كان بعيدَ النظر فمهّد لنا بأن يكون العمل في شُؤون الصيانة التاريخية يتمّ في إطار القانون وتوفّر الشّروط.
2- حضَرْت أعمال اللّجنة الدائمة للآثار والمتاحف في مَدينة سَيْئون من وادي حضرموت في اليمن الجنوبي، قبل الاتحاد، ووصلتُ بعد أسفار بأنواع من طائرات الحرب الكونية 39-44 في مُغامرة رحلة لا تُنسى.
حدّثني صديقي مدير الآثار هناك الأستاذ عبد الله محيرز أنّ خارجَ العاصمة عَدَن على مسافة 20 كيلو شرقا موقعٌ أثريّ بِكْر لم يُدرس ولم يُفْهم ولم يدخله داخل، واقترح عليّ أن أراه، وتحقّق لنا ذلك بعد العودة إلى عدَن، وانضمّ إليّ الصديق المرحوم الأثري الفلسطيني شوقي شعث وإذا نحن في سهل شاسع صحراوي على البحر، تتوزّع فيه بقايا أبْنية صغيرة مُتشابهة تراكمت عليها الرمال من كل جانب، وأخذْتُ أَلْحظ حولَ تلك المرتفعات العددَ الوافر من اللُّقَى والخَزف المُتناثر، فبدأْتُ في التقاطه، وإذا أكثره قطعٌ مُشوّهة لاختلال وضعها في الأفْران عند الصّهر، أو تكاثُف مادّة التلوين بعد الطلاء في مكان واحدٍ على سطحها وتصدّعه بعد الصَّهْر، وغير ذلك من أنواع التحوّلات، وأكثرُ هذه الكِسَر من نمط الخزف الصّيني ذي الطّلاء الأزرق، إلّا أن طينَته داكنةٌ في سواد وغير مضغوطة، وتَنْتشر فيها فقاقيع وتجوّف. وأزالَ العامِلان المصاحِبان الرّمالَ عن اثنين من الأَبْنية المتناثرة، فإذا هي أفرانٌ مهَدّمة من طابقين يفصلهما حسبَ البقايا قُبّة صغيرة مُخرّمة خرومًا واسعة منتظمة، ويتمّ الحرق في القسْم الذي تحت القبة.
وأدركتُ فورًا أهميّة هذَا الكَشْف: ذلك أنّ المصادر التّاريخية تَذكـرُ إقبالَ المياسير منذ العصر العباسي على اقْتناء الخزف الصّيني والتّفاخر بمجْموعاته- ولا تَزال منه إلى اليوم كمياتٌ عَتيقة في مُدن عُمان وقلاعها التاريخية - ونظرًا لصُعوبات نَقْله في البرّ والبحر وما يَعْرض له من الكَسْر والغَرَق والتعرُّض له ، قام تُجّار عَدَن باستِقْدام الصُنّاع من الصّين وإقامة هذه المصَانع ولأَفْران القريبة من طُرق التَّصدير إلى المشرق العربي ومِصْر، وقد ذكَرْت النّصوص فُروقَ التمّييز بين الصّيني الأصليّ والمقلّد، بمُغايَرة لون الطّينة، ونِسْبة ضَغْطها، وانتشار فقاقيع الفراغات فيها.
فعرضتُ على صديقي أن نَتَعاون على كَشْف هذا المَوْقع الشّاسع، ولعلّي أُوفَّق في الحُصول على مُوافقة رَسْمية في بلَدي بعد أن اتفقنا على بنُود هذا التعاون وأعضاء البعثة المختصّين وسَفرهم وإقامتهم. وعجّلت بعد العودة لمقابلة الوزير الأستاذ الشّاذلي في مقرّ وزارة الإعلام، وقدّمت الموضوع وقلت له: إنّنا نَسْتقبل في تونس بَعثات "السّادة" ويَعْمل شبابُنا الأَكفياء مساعدين لهم، فهذه مناسبة تَجْعلنا نَشْعر بأَنْفسنا وبأنّنا نَتعاون مع إخْوة من العرب المتميزين بعِلْمهم وكفاءَتهم، وليس في تعاوننا اسْتِعلاءُ أحدٍ على الآخر، وقدْ خَصّوني بهذه الفُرصة ويَسّرْنا على بعضنا حملَ التّكاليف بقبولهم استضافة الفَريق. ثم هذا الموضوع يَشْرح جانبا من التّاريخ الحضاري والاقتصادي والعلاقات بين الشّعوب. فتأمّلَ بعض اللّقى التي عرضتُها عليه، وابتسَم ودَعاني لكتابة تقرير مفصّل أعددته، فأشّر عليه بالموافقة والاسْتعداد، وأن يتمّ التّنسيق بالتعاون مع"الألكسو" المُمَثّلة بحكومة اليمَن الجنوبي، وفاتَح الدكتور صابر في الأمر، وسعدتُ بتفهّمه وتشجيعه لهذا التفتّح، وبَشّرت الصّديق "محيرز" ودعَوْته ليبدأَ الإجراءات الإعدادية التي اتّفقنا عليها. وفوجِئْنا بعد أيامٍ قليلة بتغيير وَزاري، فعَجّلت في أول مناسبة بإعلام الوَزير بمشروع عَدَن، فأجاب بغلْظَة لا أنساها: "حتّى نُكْمل بضاعَتَنا"، وخَفِيتْ عليه المعاني البَعيدة التي كانت ماثلة في ذهن سَلفه الكبير وفعْلها في تَطْوير الخِبْرة وفَتْح الآفاق ودعم الثّقة بالذات. وعرَفْت وقتَها أنّ مهْنة الوزير لا تَصُبّها قوالبٌ ثابتةٌ مُتماثِلة نَجِدها حَسْب الطلب، أو هي كما ينبغي لها أن تكون، فكرٌ كبير ومَعْرفة واسِعة وثَقافة عميقةٌ متفاعلة، وحُبّ وإخلاص للناس والوطن. وهي أدبُ صِناعة الحياة للآخر؛ وعرفت الفروق بين وَزير ووزير.
3- هاتفني من الدّيوان الرئاسي أن أحضر في موعد حَدَّده ومعي وَثيقةٌ كنتُ أطلعتُه عليها ضمن مجموعة من الوثائق هي نُصوصُ مخاطبات رسمية بين آخر سلاطين الدولة الحفصية "أبي عبد الله محمّد الحسن" سلطان حَضْرة تونس - كما يَذْكر في مستهل الرّسائل - وبين "القائد بيزالري فرناند كنزاغة خليفة الامبراطور بجزيرة سلسيلية"، والوثيقة المَطلوبة اتّفاقية من خمسة بُنود كما أذكر- وليست أمامي الآن- يُبيح له السلطان فيها قدوم عمارة [حملة بحرية] تَسْتبيحُ خمس مُدُن من تونس، بينها: تونس وحصن الحمّامات والمُنَستير، ومع تحديد الفِدْية لكلّ من يُسْبَى من الرجال والنساء والأطفال والأتراك، وأن يسلّمَ له ابنَه محمدًا رَهنيةً في هذا الأمر.
دخلت معه مكتب الرّئيس وقدّمني، فتصفّح الرئيس الصفحةَ ذات الخطّ الحَفْصي المُتداخل والكلمات العاميّة المَبْثوثة، وبدأ القراءة جهرًا، ثم توقّف، فطلب الأستاذ أن أتولّى الأمر،فباشرت القراءَةَ المتأنّية، فاستعادني في قراءة بعض الفصول غيرَ مرّة. كان يتوقف ويَعْجب كيف يصل منْ حكَم هذا الوطن إلى مثل هذا الاستخْذاء والتملّق وطلَب المناصرة بأيّ مقابل، خوفا على عرشه من التسلّل التركي من الجزائر، ومن تمرد المدن عليه، ومن اقتطاع الشابيّة للقيروان، قال فيما قال: هذا أسلوبٌ في التّسلل للمسلمين تعلّمه الإسبان من تقاليد تَعاملهم مع مُلوك الطّوائف في الأندلس؛ وهذا الحسَنُ صفحةُ خزْيٍ ليس لها شبيه فيما يُعْلم.
وقد عجبت لأمر الأستاذ المفكر النّاعم فيما تولاه في هذا الأمر، فعَرْض هذه الوثيقة التّاريخية تدخل في رؤيته للتثاقف السياسي مع رئيس مثقف تعنيه تفاصيل مسيرة حياة الوطن الذي يقوم على مصائره، وتعنيه سِيَرُ حُكّامه الذين رافقوا حياته الطويلة وأسلوبُ مواجهاتهم لما يطرأ عليهم، ذكر لي الأستاذ بعد ذلك أنّ الرئيس شديدُ الاهتمام بسِير حكّام تونس، لتلمّس ما خلّفته طَرائقهم المُختلفة وعاداتهم في الحكم من أثر في الشّعب.
4- منذ بواكير أيّامه بالجامعة العربية دَعاني لمهمّة في مشروع بناء المَقَرّ، وعيّنني نائبا لرئيس لجنة البناء، وكان يعرف عن اختصاصي الدّقيق للعمارة العربية الإسلامية وطُرُز مدارسها الفنّية، وعَملي الميداني عندما عملت بعد التخرّج خبيرًا في مديرية آثار سوريا وباشَرْت عمليات الصيانة والتّرميم لمعالم القيروان؛ وكانت هُناك لجنة من المهندسين ممثلين لبعض الدول العربية، فشاركت في اجتماعهم وبحث ما يطرأ من إشكالات فنيّة أو إداريّة، واتصلت بالمختصين الذين راجعناهم في قضايا المبْنَى فتعلّمت الكثير، وكنتُ ألَخّص له سَيْر العمل وعَقباته في لقاءات أو مُهاتَفًة. واستقرّ الرأي بعد اليَأْس من التّوفيق والجمع بين مشروعَيْن قَدّمهما تَرْتيب التّحكيم. فأَوْفدنيبرسالة إلى الأستاذ المرحوم رَفيق الحريري بعدَ اتصاله به، وركّز على توجيهه أنّ مَبْنى المقرّ المطلوب ليس مدرسةً أو مستشفى أو قصرًا، إنه "بيت العرب"، وعَيّن أن يَصْحبني المهندسان المنصف ثريّا ومَرْوان عبد الحميد، وقابلنا الأستاذ الحريري يَرْحمه الله في الرّياض، فرحّب وعبّر عن شكره للثقة، وأعْلَنَ أنه سيكلفأَعْلَقَ مُهَنْدسيه بالإبداع وإدْراك جماليّات الوَظيفيَّة. وسافرنا بعدَ لَيْلة إلى مَرْكز "سُعودي أوجي" في باريس، حيث كان اللّقاء وبحث التّفاصيل. وأُعِدّ المخطّط الذي نُفِّذ مُختصرًا لوُجود تصدّع تكتوني في مَجال الموقع الذي أَهْدَتْه الدّولة التونسية. ثم تخَلّت الشّركة المُصَمِّمة، واعتبرَتْ كلَّ ما قامتْ به هديّةً وإسهامًا منها، فتوَجهنا لليُونان للقاء مُديري شركةccc فتولَّتتثبيت مَراحلالأسس المعقّدة ثم البناء،وأتمّت كامل الهيكل من غير إنهاء، وتعثر الأمرلعَدم انتظام السّداد للظروف العربية القائمة وقتها. وجدّت مُفاجئةُ الأحداث التي تَوقّف معها المَشْروع الذي اكتملت دراسَاتُه بما فيها مخَطّطات التَّغْطية الزّخرفية. هذا على وَجْه الاختصار والإلماع.
ومن بين ما يسجّل للأمين العام، هذا الجزء من جَوانب اهتمامه بالموضوع الفلسطيني وهو صيانة تُراث القدس، فقد احْتضنت إدارة الإسكان في الجامعة بتوجيهه مركزًا اعتمَد شرعيَّة ولادته في مُؤْتمر الجزائر، وقدّم مشروعَ قانونه وفدُ المملكة الأردنية الهاشمية، المرحومان حمد الله النّابلسي وزير الإسكان ورائف نَجْم وزير الأوقاف، وتَعاونتُ معهما في صياغة بُنود دستور المركز الذي سمّيناه "مركز تَسْجيل وتَرميم وصيانة مَعالم القُدس"، وكان من أعضائه إلى جانب الوزيرين، المجاهدُ المرحوم روحي الخطيب آخرُ أمناء مدينة القدس الذي هَجَّره الإسرائليون إلى الأردن، وإبراهيم شبوح، لاختصاصه الفنّي في الآثار الإسلامية، وعز الدين باش شاوش مدير عام الآثار في تونس، والمرحوم شوقي شعث الفلسطيني. وعملت هذه اللّجنة في ضَوْء تقرير أُعِدّ بإشراف المهندس ر. نجم وطَبَعَه المجمع الملكي لبُحوث الحضارة الإسلامية بالأُرْدن رُتّبتْ فيه مَعالم المدينة على أساس المهدّدة بالسقوط، والأقلّ تضرّرًا، بدرجات متفاوتة، وكانت القَوانين الإسرائيلية تعمد إلى إزالة أيّ مبنى متداع لأنه يهدّد حياة الناس !!وتُغفل الحديث عن إبقائه وترميمه، وكانت توصية الأستاذ الأمين العام: أنه علينا أن نَعمل على تَثْبيت كلّ شواهد الحضور العمراني العربي الإسلامي للمدينة، وأن عِمران كلّ المدينة وأسوارَها يؤكّدان ذلك. ووَفّر مكتب الأمانة العامة اعتمادًا مناسبًا انطلق به التنفيذ هناك.
وكانت الخطّة أن تجتمع لجنةُ المركز في عَمّان مع مهندس الموقع في القدس مصحوبًا بالمخططات التفصيلية للمبنى الذي بدأنا العمل في صيانته، لأهميته وتداعيه وتضرره وهو المدرسة الكيلانية، وأقومُوالأستاذ عزّ الدين باقتراح تفاصيل الإنقاذ الأثري وموادّه وأسلوب دعم المبنى؛ ويثَبَّتَ في التّقرير ما تَعْتمده اللّجنة. ويجري العملُ هناك تحتَ مظلَّة الأَوْقاف الأُرْدنية المسؤولة عن رعاية المقدسات، وقد حَقّق هذا المَرْكز إنقاذَ سبْعة عشَرَ مَعْلَمًا بين مدارس وأسواق ومَساجد ومَدافن، ويُسّرت وَسائِل الحياة للأبنية التي يَسْكنها بعض الأُسر المعوزة. وقد توقّف هذا العمل عند توقّف المسيرة.
أذكر أنّ اليونسكو تبنَّتْ تَسْجيل القُدس في قائمة التُّراث العالمي والُقْدس المهدّدة بالخطر، بفضْل ملَفّ أعدّه بإشرافي وإشراف زميلي مدير معهد الآثار،ونقَلْناه معًا إلى سفارة الأُردن بباريس، وتولّى الأستاذ عز الدين الدِّفاع عنه في مَدارج اليونسكو. وكان عملُنا في كل هذا المشروع عملاً تطوّعيّا.
وينبغي أن نَذكر أن "اليونسكو" اعتمدَاعْتِمادًامُناسِبًا لصيانة مدينة القدس، وتَقْتضي التّقاليد المألوفة أنْ يُصرف-رُبّما أكثر المبلغ- على الخُبراء الذين يكلّفون بتقديم أنظارهم في الموضوع، وبفضل تَدخّل الأستاذ الشاذلي وصاحب السموّ الملكي الأمير الحسن بن طلال مع الأستاذ أحمد مختار أمبو الأمين العام لـ"ليونسكو"، حُوّل كامل المبلغ لأوقاف القُدْس لتُدْرجَه في خِطّة الصيانة.
ويُذكر بالمناسبة فضلُ رجُلين كانَا إلى جانب هذا المَشْروع ويَسّرا تَحْقيقَه، هما المرحومان د. محيي الدين صابرالمدير العام لـ"لألكسو"الذي كان لدَعْمه "أثر يطول الحديث عنه، وللمناضل الصّامد الشيخ سعد الدين العلَمي المفتي العام لمدينة القدس والمشرف على الأوقاف، يرحمهم الله جميعًا، فقد مَرُّوا وهم يُقيمون النّشأة الأُخْرى المُسْتَأنفة لهذه الأمّة، ويوجّهون مالَهم من مَواقف ومَواقع لخدمة أمتهم وقِيَمِها الكُبْرَى.
إن شَرَفَ مَنازعنا ومَكارمنا هو أن نَذْكر الرّجال المجدّين المُناضلينونَعتبر ببَذْلهم، لتتجدّد الحياةُ وتتواصلَ في شَبابنا، وحياةُالأستاذ الشّاذلي القليبي المُشِعَّة المُمتدّة القَاصِدة، مُسْتعصيةٌ على النّسيان، يَرْحَمْهُ الله.
- اكتب تعليق
- تعليق