ماهر الزعق - أطباء القطاع الخاصّ للكنام: إذا طفح الكيل فطلاق للضرر

بقلم الدكتور ماهر الزعق - من الحقّ المواطن الاطّلاع على ما يجري بين نقابة أطبّاء القطاع الخاصّ والصندوق الوطني للتأمين عن المرض، من حقّه معرفة كيف وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه، لِما في ذلك من انعكاسات و تأثيرات مباشرة على  حقه في تلقي العلاج اللائق والعناية الصحية الملائمة.

يجب التذكير بأنّ الاتفاقية القطاعية بين نقابة أطباء القطاع الخاصّ والصندوق الوطني للتأمين عن المرض قد انتهت منذ شهر فيفري 2018 و لأنّ أطباء القطاع الخاصّ حريصون على تواصل العلاقة التعاقدية مع الكنام، فقد التزموا بتمديد العمل  بالاتفاقية المُنتهية  الصلوحية في أكثر من مناسبة وآخرها بعد إمضاء اتّفاق 11 فيفري 2020 مع إدارة الكنام، كما وجب التذكير بأن من أهمّ مطالب النقابة  ،هي توسيع الخدمات الطبية والجراحية  المشمولة بالتغطية الاجتماعية وكذلك الترفيع في مقدار سقف التغطية، الذي بقي في مستوى 200 د سنويا منذ سنة 2006 ..

يجب الإقرار أن القطاع الخاصّ يقدّم خدمات كبيرة ومتنوعة  في المجال الصحي، وللمفارقة فإنّه يتعرض للتشويه  والشيطنة باستمرار وللمفارقة أيضا فإنّ العديد من الناس باتوا يلجئون إلى المعالجة في القطاع الخاصّ رغم تكاليفه الباهظة، والسبب هو التدهور المتواصل للقطاع العمومي، إذ يكفي النظر   إلى الميزانية المخصّصة لوزارة الصحّة وإلى  قرار الحكومة إيقاف الانتدابات  وإلى هجرة  المئات من الكفاءات و إلى بطالة  الآلاف من أعوان الصحّة والصيادلة والأطبّاء ولسنا في حاجة إلى كثير من الفطنة لمعاينة سوء التصرّف الذي ينخر العديد من المستشفيات و التي أصبحت ميدانا للمحسوبية و للعمل الحرّ والكسب الفاحش على حساب الدولة وعلى ظهر المواطن

رغم انتهاء كل رابط قانوني بين الكنام وأطبّاء القطاع الخاص بحلول 1 جويلية 2020، فإن  وضع هذا القرار حيز التنفيذ  لم يكن سهلا ولا اختيار بل مريرا و اضطرار وذلك:

1/ لعدم التزام إدارة الصندوق  بالاتّفاقيات الممضاة و لاستمرارها في  المُماطلة والمُناورة والتعلّل حينا بالأزمة الاقتصادية وحينا آخر بتغيير الحاصل على رأس الإدارة وأخيرا بالأزمة الصحية الناجمة عن وباء الكوفيد  وذلك من أجل ربح الوقت و الإمعان في استبلاه المواطن  وتحميل الأطبّاء  والمرضى فاتورة أزمة  لم يكن لهم فيها شأن ولا مسؤولية

2/ لتجاهل إدارة الصندوق مقترحات النقابة واستخفافها بتنازلات الأطبّاء وتضحياتهم، و لأنّ المتضرّر الأوّل من استمرار الوضع على ما هو عليه ،هم المرضى والأطبّاء على حدّ السواء

3/ لأنّ إصلاح منظومة التأمين عن المرض باتت مهمّة عاجلة لا تتحمّل التهرّب ولا التأجيل

4/ لأنّ نقابة أطبّاء القطاع الخاصّ ترفض أن تكون شريكا ولا حتى شاهد زور في انتهاك حقّ المواطن في الصحّة والتأمين الاجتماعي وفي تكريس التفاوت وترسيخ صحّة للأثرياء وأخرى للمُفقّرين

5/ لأنّ التداوي في  القطاع الخاصّ لا يجب أن يكون حكرا على الأثرياء والميسورين

6/ لأنّ الأطبّاء لا يتخلّون عن المرضى مهما كانت الأسباب والمُغريات و لأنّهم يرفضون مُعادلة/ مقايضة: التعاقد مقابل الخضوع

نطمئن الجميع، بأنّ الأطبّاء سيواصلون إسداء الخدمات الطبية ومُراعاة الحالات الخاصّة و تداعيات الفترة الانتقالية ،كما أن النقابة و بغاية التوصّل إلى إبرام اتفاقية جديدة ،تضمن حقّ المرضى والأطبّاء وصلابة ونجاعة منظومة التأمين عن المرض، فإنها تعبّر مرّة أخرى عن استعدادها  مُواصلة التفاوض مع إدارة الصندوق الوطني للتأمين عن المرض شرط التزامها الجديّة  وتجنّب  الاستفزاز و التسويف.

الدكتور ماهر الزعق
عضو الهيئة الإدارية لنقابة أطباء الممارسة الحرّة