جابر غنيمي: الزواج المثلي في القانون التونسي

الزواج المثلي في القانون التونسي

المقدمة

الزواج لغويّاً يعني اقتران شيءٍ بآخر وارتباطه به، بعد أن كان كلّ واحدٍ منهما مُنفصلاً عن الآخر ويُشكّل كياناً خاصاً به، و قد ورد هذا المعنى في قوله عز و جل (و اذا النفوس زوجت)، بمعنى قرن كل فرد بقرينه، و في قوله ايضا سبحانه و تعالى ( احشروا الذين ظلموا وازواجهم).

وتعددت تعاريف الزواج عند الفقهاء المسلمين، إلا أننا نجدها تقريبا متفقة على الغرض المبدئي له و ذلك رغم إختلافهم في التعابير فإنها تدور حول نفس المعنى، فهناك من عرّفه بأنه عقد يفيد حل إستمتاع كل من العاقدين بالآخر على الوجه المشروع، ويعرّفه آخرون بأنه عقد وضع لتملك المتعة بالأنثى قصدا.

و يعد الزواج من  أعظم وأقدس سنة حثه  علينا الدين الاسلامي  وأمرنا  به وجعله سنة للمرسلين  من أجل عبادة الله  وحده وإعمار الأرض واستمرارية الجنس لبشري ويعد كل من الزواج والزوجة سكنا وملجأ للآخر، قال تعالى في سورة الأعراف (هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها).

وللزواج مقاصد عظيمة وحكم منها المحافظة على الجنس البشري و إعفاف الزوجين, فقد ثبت في صحيح البخاري عن عبدلله بن مسعود رضي الله عنه حينما قال له عثمان بن عفان (ألا نزوجك لتتذكر سالف أيامك فقال له  سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فانه غض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فان له وجاء)).

ولا نجد في القانون التونسي تعريفًا تشريعيًا للزواج، ومقابل هذا الصمت نجد أن فقه القضاء قد عرفه على غرار القرار التعقيبي المدني عدد 13678 المؤرخ في 7 جوان 2007 الذي يعرف الزواج بأنه "عقد يتعايش بمقتضاه رجل وامرأة تحت سقف واحد ليلتقيا عاطفيًا وجنسيًا للمحافظة على الجنس ويمكن القول أن هذا التعريف يتماشى مع مبادئ الشريعةّ الإسلامية".

وورد في المادة 4 من مدونة الأسرة  المغربي من الفصل الثالث ان الزواج " هو ميثاق تراض وترابط شرعي بين  رجل وامرأة على وجه الدوام" .
و ورد بالمادة الرابعة من قانون الأسرة الجزائري '' الزواج هو عقد يتم بين رجل وإمرأة على الوجه الشرعي … ".

و الزواج يفترض كشرط اساسي الاختلاف بين الزوجين في الجنس أي ان يكون احدهما ذكر و الاخر أنثى، و لكن العصر الحديث عرف ابرام عقود زواج بين المثليين (ذكرين او انثيين).

و زواج المثليين (المعروف أيضا باسم  الزواج من نفس الجنس) هو زواج يُعقد بين شخصين من نفس الجنس أو من نفس الجندر، سواء في مراسم زواج مدني أو ديني. و هناك سجلات لزواج المثليين ترجع إلى القرن الأول ميلادي.

وبدأ تقنين زواج المثليين في بداية القرن الواحد و العشرين. و تُعد هولندا أول بلد اعترف بزواج المثليين قانونيًا منذ عام 2001 . وتبعتها بعدها عدة بلدان في أوروبا ( النرويج- فرنسا – كندا- السويد- المانيا...) وعدة بلدان في القارة الأمريكية ( الولايات المتحدة الامريكية- كندا- كولومبيا- البرازيل- الارجنتين...) وبعض الدول في قارة أوقيانوسيا ( استراليا...).

و قد اسال الخبر الذي اعلنت عنه "جمعية شمس للمثليين" المتعلق بترسيم بلدية تونس عقد زواج رجل من جنسية تونسية برجل من جنسية فرنسية كثيرا من الحبر، باعتباره يتنافي مع خصوصية الثقافة و الهوية الاسلامية للشعب التونسي.

و من هذا المنطلق و للإجابة عن موضوع موقف المشرع التونسي من الزواج المثلي سأستعرض شروط عقد في القانون التونسي (الجزء الاول) و آثار الزواج المثلي ( الجزء الثاني)

الجزء الاول: شروط عقد الزواج

تنقسم شروط عقد الزواج الى شروط اصلية ( الفقرة الاولى) و شروط شكلية ( الفقرة الثانية)
الفقرة الاولى: الشروط الاصلية

و هي ثلاثة أنواع. شرط بيولوجي، شرط نفساني و شرط اجتماعي.
1-  الشرط البيولوجي: و يتمثل في:

• اختلاف الجنس: ان الاسرة هي اساس المجتمع و الخلية الاولى التي تطورت لتشكل المجتمعات في مختلف الشرائع و الاديان، الا ان تلك الاسرة لا تنشا الا عن طريق زواج شرعي بين رجل و امرأة، و على اساس ذلك العقد يحل لكل من الزوجين الحق في المعاشرة الجنسية، أي ان ما يميز عقد الزواج في اغلب المجتمعات هو الاختلاف الجنسي. 
ان الاختلاف في الجنس مسالة جوهرية في عقد الزواج، بحيث لا يمكن ان تبنى الرابطة الزوجية الا على اساسها.

و لئن لم يعرف المشرع التونسي الزواج ضمن مجلة الاحوال الشخصية التي لم تتضمن تعريفا للزواج ، مثلما هو الحال بالمشرع الجزائري الذي ينص في المادة 4 من من قانون الاسرة الجزائري الذي يعرف عقد الزواج بانه" عقد يتم بين رجل و امراة على الوجه الشرعي"، و كذلك المشرع المغربي في المادة  4 من مدونة الأسرة  المغربي الذي يعرف الزواج بانه " هو ميثاق تراض وترابط شرعي بين  رجل وامرأة على وجه الدوام" ، غير اننا نستشف ان عقد الزواج لا يكون في القانون التونسي الا بين ذكر  و انثى، و ذلك في العديد من نصوص مجلة الاحوال الشخصية من ذلك الفصل 12  الذي ينص" كل ما كان مباحا و مقوما بمال تصلح تسميته مهر و هو ملك للمراة"، و الفصل 13 الذي ينص" ليس للزوج ان يجبر المراة على البناء اذا لم يدفع المهر، و يعتبر المهر بعد البناء دينا في الذمة لا يتسنى للمراة الا المطالبة به فقط و لا يترتب عن تعذر الوفاء به الطلاق"، و الفصل 22 الذي ينص على " يبطل الزواج الفاسد وجوبا بدون طلاق. ولا يترتب على مجرّد العقد أي أثر. ويترتّب على الدخول الآثار التالية فقط:

أ- استحقاق المرأة المهر المسمى أو تعيين مهر لها من طرف الحاكم.

ب- ثبوت النسب.

ج- وجوب العدّة على الزوجة وتبتدئ هذه العدّة من يوم التفريق.

د- حرمة المصاهرة". 

و الفصل 26 الذي ينص" اذا اختلف الزوجان في متاع البيت و لا بينة لهما فالقول للزوج بيمينه في المعتاد للرجال و للزوجة بيمينها في المعتاد للنساء..."، و الفصل 34 الذي ينص " يجب على كل امرأة فارقها زوجها بطلاق بعد الدخول او مات عنها قبل الدخول او بعده ان تتربص مدة العدة...".    

و اشتراط الاختلاف في الجنس ركن جوهري في عقد الزواج بحكم ان اغلب احكام المجلة  مستمدة من الشريعة الاسلامية التي تحرم زواج المثلين و تماشيا مع احكام الدستور في الفصل الاول الذي ينص على " تونس دولة حرّة، مستقلّة، ذات سيادة، الإسلام دينها، والعربية لغتها، والجمهورية نظامها...".

و يتم اثبات الاختلاف في الجنس عن طريق تقديم مضمون من رسم الولادة لكل من الزوجين و الشهادة الطبية لكليهما ونسخة من بطاقة التعريف أو أي وثيقة رسمية أخرى تثبت هوية الزوجين

يجب كذلك ان يتثبت ضابط الحالة المدنية او عدل الاشهاد من جنس الزوجين الحاضرين امامه.
• السن الأدنى للزواج: أصبح السن الأدنى للزواج 18 سنة كاملة للذكور و الإناث على حد السواء، وهو ذاته سن الرشد، فكل من لم يبلغ بعد هذه السن الأدنى للزواج لا يمكنه الزواج إلا بعد استصدار إذن خاص من المحاكم ولا يعطى الإذن المذكور إلا لأسباب خطيرة وللمصلحة الواضحة للزوجين...

• الشهادة الطبية للزواج: لا يمكن لضابط الحالة المدنية وعدول الإشهاد تحرير عقود الزواج إلا بعد أن يتسلموا من كلا الشخصين العازمين على الزواج شهادة طبية لا يزيد تاريخها على الشهرين تثبت أن المعني بالأمر قد وقع فحصه قصد الزواج.

2- الشرط النفساني: هذا الشرط يتعلق برضا المترشحين للزواج فالرضا يجب أن يوجد وأن يكون جديا، و أن يكون سليما من العيوب، كما يجب أن يلقى مساندة الولي بالنسبة للقاصر.

3- الشرط الاجتماعي للزواج: هذا الشرط يتمثل في المهر و في موانع الزواج 

• المهر: هو كل ما يقدمه الرجل للمرأة من مال بقصد التزوج منها.

و ينص الفصل 3 " لا ينعقد الزّواج إلا برضا الزوجين. ويشترط لصحّة الزواج إشهاد شاهدين من أهل الثقة وتسمية مهر للزوجة".

• موانع الزواج:  ينص الفصل 5 م ا ش " يجب أن يكون كلّ من الزوجين خلوا من الموانع الشرعية، وزيادة على ذلك فكل من لم يبلغ عشرين سنة كاملة من الرجال وسبع عشرة سنة كاملة من النساء لا يمكنه أن يبرم عقد الزواج. وإبرام عقد الزواج دون السن المقرّر يتوقف على إذن خاص من الحاكم. ولا يعطى الإذن المذكور إلا لأسباب خطيرة وللمصلحة الواضحة للزّوجين." 

وموانع الزواج قسمان: موانع مؤبدة و موانع مؤقتة، فـالمؤبدة هي القرابة كأصول الرجل        ( والدته، جدته) وفصوله (أبنائه، بنات الابن، بنات البنت) وشقيقاته، بناتهن و عماته و خالاته،  و عمات وخالات أبيه و أمه أو المصاهرة كأصول الزوجات لمجرد العقد (والدتها) وفصولهن بشرط الدخول بالأم ( ابنتها وابنة ابنتها,...) زوجات الآباء و إن علوا، وزوجات الأولاد وإن سفلوا بمجرد العقد.أو الرضاعة إذا وقعت في الحولين الأولين أو التطليق ثلاثا.

وأما الموانع المؤقتة فهي تعلق حق الغير بالزواج أو بالعدة، ذلك أنه يحجر التزوج بزوجة الغير أو معتدته قبل انقضاء عدتها و العدة هي الفترة التي لا يمكن خلالها المرأة أن تتزوج بعد انقضاء زواجها الأول بموت أو بطلاق، ومدة العدة 3 أشهر كاملة بالنسبة للمطلقة غير الحامل، و4 أشهر و 10 أيام كاملة للمتوفى عنها زوجها ، أما الحامل فعدتها وضع حملها وأقصى مدة الحمل سنة من تاريخ الطلاق أو تاريخ الوفاة. والغاية من العدة هي التحقق من براءة رحم الزوجة وذلك لتفادي اختلاط الأنساب.  

  الفقرة الثانية: الشروط الشكلية للزواج ينص الفصل 3 م ا ش " لا ينعقد الزّواج إلا برضا الزوجين. ويشترط لصحّة الزواج إشهاد شاهدين من أهل الثقة وتسمية مهر للزوجة".  

الكتب الرسمي هو شرط صحة الزواج و وسيلة الإثبات الوحيدة له، إذ أن الزواج بالبلاد التونسية لا يتم وجوبا إلا أمام المأمور العمومي المتمثل إما في عدلي إشهاد أو ضابط الحالة المدنية بمحضر شاهدين من أهل الثقة.

و كل من يعقد زواجا على خلاف الصورتين المذكورتين يكون محل تتبعات جزائية من اجل التزوج خلافا للصيغ القانونية، فقد نص الفصل 36 من قانون الحالة المدنية المؤرخ في اول اوت 1957 و المتعلق بالحالة المدنية " يعتبر الزواج المبرم خلافا لأحكام الفصل 31 أعلاه باطلا ويعاقب الزوجان زيادة على ذلك بالسجن مدة ثلاثة أشهر. وإذا وقعت تتبعات جزائية بمقتضى أحكام الفقرة السابقة يقع البتّ بحكم واحد في الجريمة وإبطال الزواج. وإذا استأنف أو استمر الزوجان على المعاشرة رغم التصريح بإبطال زواجهما يعاقبان بالسجن مدة ستة أشهر. ولا ينطبق الفصل 53 من المجلة الجنائية على المخالفات المقررة بهذا الفصل". 

الجزء الثاني: آثار الزواج المثلي

يجرم القانون  الزواج المثلي (الفقرة الاولى) كما يترتب عنه البطلان (الفقرة الثانية)

الفقرة الاولى: تجريم الزواج المثلي

لقد كان الزواج المثلي ممنوها منذ القدم. ففي عام 342 م، أصدر الأمبراطوريان الرومانيان "المسيحيان قنسطانطيوس الثاني" و"قنسطنس" قانونًا في "قانون ثيودوسي" يحظر زواج المثليين في روما ويأمر بالإعدام للمتزوجين من المثليين.

و تحرم الشريعة الإسلامية  المثلية الجنسية و تنظر اليها على انها شذوذ جنسي وخروج عن فطرة الإنسان.

و يوجد في القرآن سبع آيات تتحدث عن "قوم لوط"، وتدميرهم من قبل الله يرتبط بشكل واضح بممارساتهم الجنسية المثلية.  فقد ورد في سورة الشعراء: ﴿أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ﴾ ﴿وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ﴾. وفي سورة الأعراف: ﴿وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ﴾ ﴿إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ﴾.

وأورد الترمذي وأبو داود ومحمد بن ماجة وغيرهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به). وهو حديث صحيح صريح في عقوبة القتل للفاعل والمفعول به مطلقاً مرتكبي هذه الجريمة.

و خلافا لبعض المجتمعات الغربية المتحررة ( في فرنسا مثلا تقر المجلة المدنية الفرنسية ضمن أحكام الفصل 143 منها إمكانية " إبرام عقد زواج بين شخصين من جنسين مختلفين أو من نفس الجنس")، التي خولت قوانينها زواج الشواذ جنسيا، يعاقب القانون التونسي الشخصين الذين ينتميان إلى نفس الجنس والذين تجمع بينهما علاقة جنسية سواء كانت علاقة لواط (بين ذكرين) أو مساحقة ( بين أنثتين )، حيث نص الفصل 230 من المجلة الجزائية ان "مرتكب اللواط أو المساحقة إذا لم يكن داخلاً في أي صورة من الصور المقررة في الفصول المتقدمة بالسجن مدة 3 أعوام".

و تعاقب اغلب القوانين العربية اللواط و السحاق، فالمشرع المغربي في الفصل 489  من مجموعة القانون الجنائي المغربي يعاقب بـ"الحبس من 6 أشهر إلى 3 سنوات، وغرامة من 120 إلى 1000 درهم من ارتكب فعلاً من أفعال الشذوذ الجنسي مع شخص من جنسه، ما لم يكن فعله جريمة أشد".

و يعاقب القانون الجزائري في المادة 338  من قانون العقوبات الجزائري" كل من ارتكب فعلاً من أفعال الشذوذ الجنسي على شخص من نفس جنسه بالحبس من شهرين إلى سنتين وبغرامة من 500 إلى 2000 دينار جزائري، وإذا كان أحد من الجناة قاصراً لم يكمل 18 فيجوز أن تزداد عقوبة البالغ إلى الحبس لمدة 3 سنوات وغرامة 10 آلاف دينار جزائري". وفي المادة 333 "يعاقب بالحبس من شهرين إلى سنتين وبغرامة 500 إلى 2000 دينار من ارتكب فعلاً علنياً مخلاً بالحياء،... وإذا كان الفعل العلني المخل بالحياء من أفعال الشذوذ الجنسي ارتكب ضد شخص من نفس الجنس تكون العقوبة بالحبس من 6 أشهر إلى 3 سنوات، وغرامة من 1000 إلى 10 آلاف دينار جزائري".

وفي القانون السوداني، تتدرج المواد القانونية المتعلقة بالمثلية الجنسية على 3 درجات، في المادة 148 من القانون الجنائي السوداني"يعد مرتكباً جريمة اللواط كل رجل أدخل حشفته أو ما يعادلها في دبر امرأة أو رجل آخر أو مكن رجلاً آخر من إدخال حشفته أو ما يعادله فى دبره"... ومن يرتكب جريمة اللواط يعاقب بالجلد 100 جلدة كما تجوز معاقبته بالسجن مدة لا تجاوز 5 سنوات... إذا أدين الجاني للمرة الثانية، يعاقب بالجلد 100 جلدة والسجن مدة لا تجاوز 5 سنوات، و ...إذا أدين الجاني للمرة الثالثة يعاقب بالإعدام أو بالسجن المؤبد".

و تنص المادتين 407 و408 من قانون العقوبات الليبي "كل إنسان واقع إنساناً برضاه يعاقب هو وشريكه بالسجن مدة لا تزيد على 5 سنوات، وكل من هتك عرض إنسان برضاه يعاقب هو وشريكه بالحبس".

و ينص الفصل 308 من قانون العقوبات الموريتاني على أن " كل فرد بالغ ومسلم يضبط متلبساً بممارسة أفعال مخالفة للطبيعة مع فرد آخر من نفس جنسه يعاقب بتطبيق حد الرجم على الملأ، وإذا كان الفعل بين امرأتين، يعاقب من قبل العقاب المنصوص عليه في الفقرة الأولى من المادة 306 ( السجن من 3 اشهر الى سنتين و غرامة من 5000 الى 60000)".

وتنص المادة 520 من قانون العقوبات السوري: "تحظر إقامة علاقات مجامعة على خلاف الطبيعة، ويعاقب عليها بالسجن بمدة تصل إلى 3 سنوات".

وفي الامارات العربية المتحدة تعتبر العلاقات الجنسية المثلية أو خارج إطار الزواج جريمة. وتراوح العقوبات بين عقوبة السجن، والغرامات، والترحيل، والإخصاء الكيميائي، وعقوبة الإعدام. ويواجه الشخص المُدان بالمثليّة الجنسية تهمة الخيانة الزوجية، في حال كان لديه قرين مع وجود علاقة جنسية مع شخص من الجنس نفسه. وتنص المادة 354 من قانون العقوبات الاتحادي الإماراتي: "مع عدم الإخلال بأحكام قانون الأحداث الجانحين والمشردين، يعاقب بالإعدام كل شخص استخدم الإكراه في مواقعة أنثى أو اللواط مع ذكر، كما يعتبر الإكراه قائماً إذا كان عمر المجني عليه أقل من 14 عاماً وقت ارتكاب الجريمة". وفي المادة 80 من قانون العقوبات لإمارة أبو ظبي يحدّد عقاب اللواط بالسجن 14 عاماً، وتصل حسب المادة 177 من قانون العقوبات لدبي، عقوبة المتهمين بممارسة اللواط إلى 10 سنوات، بينما يسجل اعتقال العديد من الأجانب وترحيلهم.

و يعاقب قانون العقوبات الكويتي في مادته 193 الفعل المثلي بسبع سنوات.

و يعاقب القانون القطري حسب المادة 281 بالحبس سبع سنوات لمن يعتقل بتهمة المثلية الجنسية.

و تنص المادة 223 من قانون الجزاء العماني على السجن من 6 أشهر إلى 3 سنوات " كل من ارتكب مع شخص من نفس الجنس أفعالاً شهوانية يلاحق فاعلا اللواط أو السحاق بدون شكوى إذا أدى الأمر إلى الفضيحة".

و في لبنان تعاقب الفقرة رقم 543 من قانون العقوبات اللبناني "العلاقات الجنسية المخالفة للطبيعة". وتصل هذه العقوبة، بحسب ذات القانون، إلى السجن لمدة عام.
الفقرة الثانية: بطلان عقد  الزواج المثلي
   ينص الفصل 21 م اش "الزواج الفاسد هو الذي اقترن بشرط يتنافى مع جوهر العقد أو انعقد بدون مراعاة أحكام الفقرة الأولى من الفصل الثالث والفقرة الأولى من الفصل الخامس والفصول 15 و16 و17 و18 و19 و20 من هذه المجلة. وإذا وقعت تتبّعات جزائية تطبيقا لأحكام الفصل 18 أعلاه، فإنّه يقع البتّ بحكم واحد في الجريمة وفساد الزواج.
ويعاقب بالسجن مدّة ستة أشهر الزوجان اللذان يستأنفان أو يستمرّان على المعاشرة رغم التصريح بفساد زواجهما.
ولا ينطبق الفصل 53 من القانون الجنائي على الجرائم المقرّرة بهذا الفصل".

ان الزواج الذي يبرم في تونس بين مثليين هو زواج باطل و بمثابة المعدوم كأنه لم يكن.

و هو امر نظري و لم يقع في الى حد الآن، بحكم ان ضباط الحالة المدنية و عدول الاشهاد لا يبرمون هذا النوع من الزواج مطلقا. و ان تم فانهم يتعرضون الى المؤاخذة التاديبية و الجزائية.

و قد طرح اشكال بخصوص مدى شرعية وصلوحية عقد الزواج المبرم بين شخصين من نفس الجنس أحدهما من أصل تونسي وحامل للجنسية الفرنسية والآخر فرنسي.

لقد اجاز المشرع الفرنسي الزواج المثلي سنة 2013 . و تقر المجلة المدنية الفرنسية ضمن أحكام الفصل 143 منها إمكانية "إبرام عقد زواج بين شخصين من جنسين مختلفين أو من نفس الجنس".

وتنص أحكام الفقرة 2 من الفصل 202-1 من المجلة المذكورة تنص عل أنه "يمكن لشخصين من نفس الجنس أن يبرما عقد زواج إذا سمح بذلك لواحد منهما على الأقل إما قانونه الشخصي أو قانون الدولة التي يتواجد بإقليمها مقره أو إقامته".

من وجهة نظر القانون التونسي سواء بالرجوع إلى مجلة الأحوال الشخصية أو القانون عدد 3 لسنة 1957 ، فإن عقد الزواج يبرم بين "زوج" و "زوجة" أي بين شخصين من جنسين مختلفين مخالف للقانون.

فعقد الزواج المبرم بين شخصين من نفس الجنس أحدهما من أصل تونسي وحامل للجنسية الفرنسية والآخر فرنسي لا وجود قانونيا له ضمن المنظومة التونسية التي جرمت العلاقة الجنسية بين شخصين من نفس الجنس بقطع النظر عن وجود عقد زواج من عدمه.
فالزواج باطلا في ظل المعدوم و ذلك للاعتبارات التالية:

نص  الفصل 45 من مجلة القانون الدولي الخاص على ان " الشروط الأصلية للزواج تخضع للقانون الشخصي للزوجين كل على حدة ". و القانون التونسي يمنع الزواج المثلي.

أبرمت تونس مع فرنسا اتفاقية قضائية ثنائية تتعلق بالتعاون القضائي في مجال الاحوال الشخصية سنة 1958 تقتضي إخضاع مواطني كل من دولة إلى القانون الشخصي الذين يحملون جنسيتها، مع التذكير أنه طبقا للدستورين التونسي ضمن ال والفرنسي فان الاتفاقيات المصادق عليها تعلو القوانين. فقد نص الفصل 20 من الدستور التونسي على" المعاهدات الموافق عليها من قبل المجلس النيابي والمصادق عليها، أعلى من القوانين وأدنى من الدستور".  و نص الفصل 55 من الدستور الفرنسي "المعاهدات المصادق عليها بقانون اعلى من القوانين..."

و تجدر الاشارة الى انه كانت قد صدرت بتاريخ 29 ماي 2013 مذكرة موقعة من وزيرة العدل كريستين توبيرا، توضح أن مواطني 11 بلدا لا يحق لهم الزواج المثلي. وهذه الدول هي : تونس والجزائر والمغرب وبولندا والبوسنا والهرسك ومونتينيغرو وصربيا وكوسوفو وسلوفينيا وكمبوديا ولاوس. وجاء في المذكرة "في حال التفكير في زواج بين شخصين من نفس الجنس، وإذا كان أحدهما مواطن إحدى هذه البلدان، فلا يمكن لضابط الحالة المدنية أن يعقد قرانهما".

و لكن القضاء الفرنسي قضى بتعميم  قانون اباحة زواج المثليين، بغض النظر عن الجنسية وفقا لقرار محكمة التعقيب الفرنسية عدد 96 بتاريخ 28 جانفي 2015 و الذي سمح بزواج مغربي بفرنسي رغم وجود اتفاقية بين فرنسا و المغرب تمنع على المواطنين المغاربة ابرام عقد زواج مع فرنسي من نفس الجنس و عللت قرارها بسمو الحرية في الزواج على الاتفاقيات الدولية، حيث صادقت الغرفة المدنية الاولى لمحكمة النقض الفرنسية في قرار لها رقم 96 على شرعية زواج المثليين المقيمين في فرنسا بمعزل عن جنسياتهم. وقد جاء هذا القرار ليقر ما وصلت اليه محكمة الدرجة الاولى ومن ثم محكمة الاستئناف في شامبيري في 2013.

وكانت النيابة العامة قد طعنت في القرار الاستئنافي أمام محكمة التمييز معتبرةً ان تشريع هذا الزواج يشكل انتهاكاُ  للاتفاق الثنائي الفرنسي- المغربي الذي ينظم الزواج والعلاقات الشخصية منذ سنة 1981. وبشكل تفصيلي، استند الطعن  على المادة الخامسة من الاتفاقية المذكورة والتي تنص على ان الزواج بين المغاربة والفرنسيين يتم وفقاً لقوانين البلدين، مع العلم ان القانون المغربي يمنع زواج المثليين خلافاً للقانون الفرنسي الذي سمح ب"الزواج للجميع" منذ 17-05-2013. كما استند الطعن على التعميم الصادر عن وزارة العدل تبعاً لاقرار قانون الزواج للجميع والذي يستثني المواطنين المنتمين ل 11 بلداً من بينها المغرب من الزواج المثلي احتراماً لاتفاقيات ثنائية تربط هذه الدول مع فرنسا. وبالطبع، ارتكزت حجج النيابة العامة على سمو الاتفاقات الدولية على النصوص الداخلية.

وفي ردّها على الطعن، أثارت محكمة النقض الفرنسية المادة الرابعة من الاتفاقية التي تنص على امكانية عدم تطبيق القوانين المخالفة للانتظام العام الذي يرعى الحقوق والحريات الاساسية للافراد. وخلصت تبعا لذلك الى عدم جواز تطبيق القانون المغربي لتعارضه مع  حرية أساسية هي حرية الزواج ومن ضمنها حرية زواج المثليين.

ودعت اثر ذلك وزارة العدل الفرنسية حافظي الأختام وقضاة المحاكم إلى عدم الاعتراض منم الآن فصاعدا على هذا النوع من الزواج حين يكون فيه طرف من البلدان سالفة الذكر، أي الجزائر والمغرب وبقية البلدان، بمجرد أن تجتمع الشروط المطلوبة له. و هو ما يطرح مسألة قيمة هذه المعاهدات الثنائية التي تعتبر اعلى من القوانين و الغاية منها؟

و على كل يمكن ان نستنتج ان الزواج المبرم بين رجل من اصل تونسي و رجل من جنسية فرنسية هو زواج باطل و بمثابة المعدوم. و يتجه تبعا لذلك على النيابة العمومية رفع قضية في الابطال. و لا يمكن الحديث عن سحب ترسيم من طرف احد المتعاقدين ( سحب اختياري من احد المثليين) حيث لا يمكن المساس بدفتر الرسوم إلا بحكم من المحكمة.

الخاتمة

لقد خلق الله الذكر و الانثى و جعل من الزواج بينهما اساسا لتكوين اسرة وتلبية الرغبات الجنسية و تحقيق النسل و استمرار البشرية. و ان ما تقوم به بعض الدول الغربية من اباحة زواج المثليين يتنافي مع الفطرة البشرية و مع مبادئ الشريعة الاسلامية التي تحرم ذلك، و يرتب اضرار صحية خطيرة على المثليين.

و يتجه لتفادي اشكاليات زواج المثليين التي يكون احد اطرافها تونسي في الدول التي تبيح ذلك:

حث القنصليات التونسية في الخارج على مزيد المراقبة و التحري و التثبت من عقود الزواج.

امام اقرار القضاء الفرنسي بتطبيق الزواج المثلي على الجميع بما في ذلك المواطنين التونسيين المقيمين في فرنسا  رغم وجود اتفاقية بين تونس و فرنسا في منع الزواج المثلي لا بد من طرح الامر ديبلوماسيا على الجانب الفرنسي في قيمة هذه المعاهدات.

تنقيح قانون الحالة المدنية يسمح بالتشطيب عن عقد الزواج المثلي من ضابط الحالة المدنية نفسه بمجرد التفطن بكون الزواج مثلي، دون اللجوء الى التقاضي، فهو ممنوع بصفة واضحة و لا غبار عليها قانونا و لا يقتضي عرض الامر على المحكمة، تسهيلا للاجراءات و تخفيفا للعبئ القضائي.

الدكتور جابر غنيمي
المساعد الاول لوكيل الجمهورية لدى المحكمة الابتدائية بالمهدية
مدرس جامعي



 

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.