وفاة الدكتور حامد القروي: رحيل مناضل وطني ورجل دولة (1927-2020) (ألبوم صور)

الله أكبر، غيّب الموت فجر اليوم الجمعة 27 مارس الطبيب والمسؤول البلدي والرياضي ورجل الدولة، الدكتور حامد القروي. لم أعرف الرجل عن قرب، بل كمواطن من متساكني مدينة سوسة زمن توليه رئاسة مجلسها البلدي بين 1985 و 1990 سوسة. لكن بعد خروجه من سدّة الحكم تعرّفت على الرجل عن قرب عند إعدادي لمؤلف عن صديقه ورفيق دربه رجل الأعمال ورائد القطاع السياحي بمدينة سوسة، السيّد الحبيب بنّور بعنوان: "Mélodie d’une vie L’hôtelier et le mélomane Habib Bennour: Parcours d’un autodidacte" (الصادر باللغة الفرنسية عن مؤسّسة سمباكت، تونس 2009، 240 صفحة من القطع الكبير) حيث حدثني عن علاقته بالمترجم له وذكرياته معه...

وفي خريف سنة 2015 اتصلت به  لترتيب إجراء حوار معه في برنامجي الاذاعي التاريخي "شهادات حية" بإذاعة المنستير حول مسيرته وعودته للنشاط السياسي بعد 2011 وقرائته للوضع السياسي العام بالبلاد حينها، فلبى مشكورا الدعوة واستقبلني ببيته بضاحية المنزه أحسن استقبال وكان حوارا ممتعا ومطولا قمنا ببثه بعد عملية الإخراج على امتداد 04 حلقات (بين 08 و 29 نوفمبر 2015) ثمّ  عبر صهره، الصديق الدكتور هشام بن سعيد، سلمته نسخة من التسجيل ولم أتردد في الاتصال به هاتفيا من حين لآخر في المناسبات الوطنية والأعياد الدينية للسؤال عن صحته. وكان صهره المذكور مشكورا حريصا  كل الحرص على ترتيب لقاءات أخرى بيننا بغاية تحويل تلك الحلقات الأربعة إلى مؤلَّفٍ يرسم مسيرة الرجل بعد إثراءه بوثائق وصور نادرة بدأ في جمعها وإعدادها لي، لكنّ تعكّر وضعه الصحّي منذ سنة 2018 قد حال دون ذلك.

وبهذه المناسبة الأليمة وتعميما للفائدة أسوق نبذة عن حياة الفقيد وأهمّ المحطات التي مرّ با خلال مسيرته المهنية والسياسية الطويلة مع إرفاقها ببعض الصور النادرة التي أمدني بها مشكورا صديقه الحبيب بنور وصهره الدكتور هشام بن سعيد.

ولد  الدكتور حامد القروي بمدينة سوسة في 30 ديسمبر 1927 وسط أسرة دين وعلم أصيلة مدينة القيروان (دار وادة) استقرت بمدينة سوسة منذ القرن 18م. زاول دراسته الابتدائية بالمدرسة القرآنية "التريكية" بسوسة ثمّ الثانوية بمعهد سوسة بين 1940 و 1946. منذ سنّ الخامسة عشر انخرط في الحزب الدستوري الجديد و في الكشافة التونسية وتحديدا بـ "الكشّاف المسلم التونسي" (فرع مدينة سوسة) الذي كان يديره السيّد يوسف العبيدي وكُلّف بإصدار نشريّتها السريّة " الكفاح ".

وإثر حصوله على البكالوريا سنة 1946 سافر إلى فرنسا لدراسة الطبّ بباريس والتخصّص في الأمراض الصدرية. وأثناء دراسته العليا ناضل صلب جمعية طلبة شمال إفريقيا المسلمين بفرنسا وكان من مؤسّسي الاتحاد العام لطلبة تونس سنة 1953 والشعبة الدستورية بباريس كما ترأس الجامعة الدستورية للحزب بفرنسا بين و 1955 و 1957.

وإثر عودته النهائية إلى تونس سنة 1957 عُيّن طبيبا للصحّة العمومية بالمستشفى الجهوي بسوسة ثمّ رئيسا لقسم الأمراض الصدريّة بنفس المؤسّسة وذلك بالتوازي مع ممارسته لنفس الاختصاص في القطاع الخاصّ.

وبالتوازي مع ممارسته للطبّ ترأس فريق النجم الرياضي الساحلي من سنة 1961 إلى غاية سنة 1981 وفريق الملعب السوسي خلال سنتي 1962 و 1963 اثر اندماج النجم الرياضي الساحل معه نتيجة حله سنة 1961. كما ترأس الشعبة الدستورية امحمِّد معروف بسوسة بين 1957 و 1988 وانتُخب مرارا في اللجنة المركزية للحزب الدستوري الحاكم.

وبين 1957 و 1972 انتخب عضوا بالمجلس البلدي لمدينة سوسة ثمّ رئيسا لنفس المجلس بين 1985 و 1990. كما انتخب نائبا بمجلس النواب في انتخابات1981 و 1986 و 1989.

وفي 07 أفريل 1987 عيّنه الرئيس الحبيب بورقيبة وزيرا للشباب والرياضة وفي 17 أكتوبر من نفس السنة أمينا عاما للحزب الاشتراكي الدستوري. وفي 27 جويلية 1988 تمّ تعيينه من قبل الرئيس الجديد بن علي وزيرا للعدل وذلك إلى غاية 27  سبتمبر 1989 تاريخ تعيينه وزيرا أوّل خلفا للأستاذ الهادي البكوش. وقد بقي في منصبه هذا إلى غاية 17 نوفمبر  1999 حيث خَلفَهُ الأستاذ محمّد الغنوشي إلى غاية 27 فيفري 2011.َ

وفي 09 أكتوبر 1988 عُيّن نائبا لرئيس التجمّع الدستوري الديمقراطي المحدث منذ 27 فيفري 1988.

ورغم مغادرته الوزارة الأولى بقي نائبا أولا للتجمع الدستوري الديمقراطي، وقد حافظ على هذا المنصب إلى 5 سبتمبر 2008.

وبعد حل التجمّع الدستوري الديمقراطي في 09 مارس 2011، عاد للبروز على الساحة بإحياء الحزب الدستوري وحصل في 23 سبتمبر 2013 على تأشيرة حزب يحمل اسم "الحركة الدستورية" الذي تحوّل يوم 13 أوت 2016 إلى "الحزب الدستوري الحرّ" الذي ترأسه اليوم الأستاذة عبير موسي و تقدّم للانتخابات التشريعية لسنة 2014. ورغم كونه لم يظفر بأيّ مقعد من مقاعد مجلس نواب الشعب حينها فقد ظفر في انتخابات 06 أكتوبر 2019 بـ 17 مقعدا بمجلس نواب الشعب.

د. عادل بن يوسف

قراءة المزيد:

عبد اللطيف الفراتي : حامد القروي شمعة أضات سماء تونس ولن تنطفئ (ألبوم صور)
الدكتور حامد القروي في ذمة الله

الطيب اليوسفي: كان الفقيد حامد القروي رجل دولة بأتمّ معني الدولة متشبعا بمفهوم الدولة وقيمها ونواميسها (ألبوم صور)