عبدالقادر المعالج: هل هي عودة إلى غزو البحار؟
في برنامج تونس اليوم الذي تبثه قناة الحوار سئل وزير التجارة عن سبب النقص المسجل في بعض المواد الطبية فأجاب بأنّ الإيطاليين قاموا بالسطو على سفينة متوجهة إلى تونس ونهبوا كميات الكحول الطبية التي كانت تحملها و قال إنّ التشيك قاموا هم أيضا بالسطو على باخرة كانت محملة بكميات من الكمامات وجهتها الصين إلى إيطاليا.
الحادثتان تذكران بما كان يحدث من قرصنة أو ما كان يسمى بغزو البحار في القرون السابع والثامن والتاسع عشر، كانت البواخر الأوروبية تهاجم بعضها بعضا أو بعض البواخر المغاربية، كانت سكان مدينة صفاقس أكثر الناس تضررا من هذه الممارسات وضاقوا ذرعا بها، ولما عاد العالم سيدي علي النوري المتوفى سنة 1706 إلى تونس بعد أن أنهى دراسته بجامعة الأزهر التف حوله أهل المدينة وطلبوا منه إيجاد حلّ لمشكل الغزو البحري الذي كان سببا لنهب أموالهم وحتى سبي نسائهم، فأشار عليهم بإنشاء معمل لصناعة السفن ففعلوا وشرع الصفاقسيون بدورهم في ممارسة الغزو البحري وجنوا بفضل ذلك أموالا وسلعا جامة، ومنذ ذلك الحين قويت شوكة التونسيين في ميدان غزو البحار ووصل الأمر إلى أن بعض البلدان الأوروبية طلبت من السلطات التونسية إبرام صلح معها كي تقلع سفن أحد البلدين من مهاجمة سفن البلد الآخر ومن تلك البلدان السويد، واستمر التونسيون في ممارسة غزو البحار واشتهرت بعض العائلات في هذا العمل وخاصة عائلة بن عياد من جربة والجلولي من صفاقس وكان لمحمود الجلولي (1750-1839) 21 سفينة مختصة في غزو البحار وذلك طبعا علاوة على السفن التي يملكها الباي نفسه.
هل يعني ما حدث هذه الأيام أننا سنعود إلى هذا النوع من القرصنة، وهل ستتوجه بعض البلدان القوية التي ضربها الوباء إلى نهب السلع والمعدات الموجهة إلى بعض البلدان المعتبرة ضعيفة مثل البلدان المغاربية، أملنا أن لا يكون ذلك.
عبدالقادر المعالج
إعلامي سابق
- اكتب تعليق
- تعليق