حاتم قطران: تركوا فلسطيناً ليهاجموا غزالة!

انتظرت كباقي المهتمين بالشأن الوطني موقفا صريحا لرئاسة الجمهورية ووزارة الخارجية يتم فيه الإعراب عن استياء تونس الشديد إزاء إعلان الرئيس دونالد ترامب عن خطة الولايات المتحدة للشرق الأوسط والتي تشكل هجومًا صارخًا جديدًا على الشرعية الدولية وعلى القرارات ذات الصلة الصادرة عن مجلس الأمن والجمعية العامة، لا سيما من خلال محاولة إضفاء الشرعية على ضم إسرائيل نهر الأردن ومناطق استراتيجية أخرى والاعتراف بالقدس باعتبارها "عاصمة إسرائيل غير القابلة للتجزئة".

وإلى غاية يومنا هذا لم يصدر بيانا يندّد بطريقة واضحة بهذا الإعلان الظالم والمخالف لقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة ومبادئ القانون الدولي الثابتة، بما في ذلك مبدأ حق الشعب الفلسطيني الشقيق في تشكيل دولته ذات السيادة على أساس حدود ما قبل عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وكذلك حق العودة للاجئين الفلسطينيين.

وفي المقابل صدر بيان بتاريخ الأربعاء 5 فيفري عن وزارة الشؤون الخارجية أكّدت فيه أنّ "أيّ شكل من أشكال العلاقات مع الكيان الصهيوني حتى وإن تعلّق الأمر بمقابلات رياضية، مرفوض"، مؤكدا أن "خوض المنتخب الوطني للتنس سيدات مباراة مع منتخب كيان الاحتلال الإسرائيلي في إطار بطولة كأس الاتحاد الدولي للتنس المُقامة حاليًا بهلسنكي، يعتبر تجاوزًا لتعهدات تونس والتزاماتها التاريخية إزاء القضية الفلسطينية العادلة ومخالفا للموقف الرسمي للدولة التونسية الداعم والمساند لحقوق الشعب الفلسطيني الشقيق في إقامة دولته المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية على أساس قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية''!

موقف غريب، تتخلى فيه وزارة الخارجية عن دورها الحقيقي في العلاقات الدولية الذي يحتّم عليها تحديد موقفها الصريح في مناصرة القضية الفلسطينية إزاء الدول الأخرى والتصدّي لكل محاولات النيل من الحقوق الفلسطينية الثابتة، وتقوم في المقابل بمهاجمة فتاتين/ من بينهما غزالة التنس التونسي، أنس جابر، بتهمة التخلّي عن تعهدات تونس والتزاماتها التاريخية إزاء القضية الفلسطينية العادلة وكأن أنس جابر طرف في العلاقات الدولية، يمكن لوزارة ذات سيادة أن تنشر بلاغا يدينها!

لم يسبق لي أن قرأت عن وزارة خارجية في أية دولة تنحرف عن دورها بهذا الشكل المفضوح: ألا يصح القول باقتباس لما كتبه نزار قباني في رثاء بلقيس: تركوا فلسطيناً ليهاجموا غزالة!

حاتم قطران
أستاذ بكلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية بتونس