أخبار - 2020.01.14

محمد النفطي : على هامش الثورة: وأحرّ قلباه !

على هامش الثورة: وأحرّ قلباه !

"وأحرّ قلباهُ ممّن قلبه شَِبِمُ". لعلّ هذا ما تعدّده الثورة في ذكراها التاسعة وقد نبت الربيع على دمنتها. وصدر البيت ،وهو للمتنبّي، على وزن البسيط لكن على البسيط لا يبنى الأمل إلا في الشعر وفي الكلام. أما والحال كما هي في البلاد فإنّ الذكرى لم تعد تنفع وما بقي من الثورة إلا الغبار. بلى بقي يوم بطالة.  عزف التونسيون عن 14 جانفي وشروه بثمن بخس دراهم معدودة وأقروه يوم بطالة خالص الأجر. وطالب آخرون بيوم 17 ديسمبر عيدا للثورة ويوم بطالة. وأصرّ البعض الآخر على اختيار 8 جانفي يوم الثورة الحقيقية. ونسي الكثيرون  الثورة لأنّهم لم يرثوا منها شيئا ولأنّ الثورة في لسان العرب غضب وانتفاض كما أنّ نفض الثوب يزيل أخر ما لصق به من غبار وكأنّ الانتفاضة (وهي كما يحلو لنا تسمية ثورتنا ) ترمز إلى صورة التونسي الذي أزيل عنه آخر ما يملك و أعز ما يطلب.

نسينا الثورة ونسينا ما أنجبته لنا. كظم التونسي على غيظه لأنّ الثورة خذلته وأنجبت له أنثى تدعى الحرية. وأرادها ذكرا يدعى المال. التونسي كأبيه العربي القرشي يحبّ المال حبّا جمّا ولا يجوز أن نعايره بحبه لزينة الحياة الدنيا (صنعة بوه لا يعايروه).

اليوم وبعد أن وأدنا الثورة يحل لنا أن ننعم بيوم بطالة خالص الأجر ونمحى أثر الانتفاضة لأنّها أنثى  وعورة وغير شرعية ولأنّها ليست من صلب زعيم أو فحل ولا نملك إلا أن نستبدلها بالليالي السود التي تتزامن مع ولادة  ثورة الحرية ينبت فيها كل عود.

طويت الليالي البيض ولم تثمر المفاوضات السياسية غير الديمقراطية. تمّ وأد حكومة الكفاءات وفرح التونسيون بهذا الانجاز . أنجزوا على حكومة الكفاءات. وسيشرعون في المفاوضات طيلة الليالي السود لإنجاب حكومة أخرى قبل أن تصيبهم القرّة. قرّة العزارى الذكور . وليس الذكر كالأنثى.

هل يفرح التونسي في هذا اليوم الأغر يوم 14 جانفي؟ أم أنّه يتحسر ويتأسف على ما ناله جزاء لما اختاره؟ أم أنّه سيردد ما قالت الثورة: وأحرّ قلباه! 

محمد النفطي 

 

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.