أخبار - 2019.12.09

حوار في عمّان حول مكافحة الفساد وتعزيز النزاهة في البلدان العربية بمبادرة من المكتب الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (ألبوم صور)

حوار في عمّان حول مكافحة الفساد وتعزيز النزاهة في البلدان العربية بمبادرة من المكتب الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي

من مبعوث ليدرز إلى عمّان, عبد الحفيظ الهرقام - بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الفساد، الذي يحتفى به في9 ديسمبر من كلّ  سنة منذ سنة 2003، نظّم المركز الإقليمي للدول العربية التابع لـ "برنامج الأمم المتحدة الإنمائي" يوم الإثنين 9 ديسمبر 2019 بالعاصمة الأردنية عمّان لقاء رفيع المستوى بعنوان "مستقبل جهود مكافحة الفساد وتعزيز النزاهة في الدول العربية في ضوء خطة التنمية المستدامة لعام2030".وشارك في اللقاء مسؤولون رفيعو المستوى وناشطون بارزون من عدد من الدول العربية، إضافة إلى خبراء وباحثين وصحافيين من أصحاب الاختصاص.

من إنكار الظاهرة إلى الاعتراف بها 

انطلق تنظيم هذا اللقاء من رصد لظاهرة الفساد في المنطقة العربية إذ كان يتمّ التعامل معها إلى وقت ليس بالبعيد باعتبارها من المحرّمات فقلّ النقاش العامّ حولها وتمّ تقويض مكافحتها بالتركيز المفرط على الحلول التقنية المتفرقة، حسب ما ورد في ورقة التقديم التي أعدّها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
كما لوحظ، وفق الورقة ذاتها، شروع عدد من الدول العربية، تحث تأثير الضغوط الداخلية والخارجية، في اعتماد استراتيجيات وطنية لمكافحة الفساد وإنشاء هيئات متخصصة لهذه الغاية أو اعتماد آليات تشمل هيئات متعدّدة ذات صلة بالمسألة (10 دول اعتمدت استراتيجيات و 12 دولة أنشأت هيئات متخصّصة).
وهكذا مرّ العالم العربي في ظرف عقد من الزمن من مرحلة إنكار هذه الظاهرة إلى مرحلة الاعتراف بها، ممّا أفضى إلى صياغة سياسات عموميّة لمحاربتها وإن كانت وليدة الضغوط المشار إليها آنفا.
ويندرج لقاء عمّان في إطار المبادرة الإقليمية الجديدة التي صمّمها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي قصد توفير مساحة تسمح لمؤسّسات الدول العربية ومنظوماتها برفع درجة الوعي بموضوع الفساد وتعزيز الوقاية منه وفرض إنفاذ القانون لمكافحته، وذلك لضمان الحدّ الأقصى من الموارد للقضاء على الفقر وتوطيد أركان الحوكمة الشاملة والفعالة، والتي يكون في صلبها النساء والشباب ومنظمات المجتمع المدني، تماشيا مع الهدف 16 من أهداف التنمية المستدامة بشأن "السلام والعدالة والمؤسسات القوية."
لذلك كانت الغاية من تنظيم اللقاء فسح المجال للمشاركين فيه للتحاور بشأن الإنجازات السابقة والتحديات القائمة والأولويات المستقبلية المتعلّقة بمكافحة الفساد وتعزيز النزاهة في بلدان المنطقة مع التركيز على الأولويات التشريعية والممارسات الجيّدة والدروس المستفادة في الوقاية من الفساد ومكافحته، وآليات التعاون بين الحكومات ومجموعات أصحاب المصلحة، بما فيهم منظّمات المجتمع المدني والنساء والشباب.

شراكة بين برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والوكالة الكورية للتعاون الدولي

شهد اللقاء إعلان "المشروع المشترك بين برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والوكالة الكورية للتعاون الدولي (KOICA) بخصوص مكافحة الفساد وتعزيز النزاهة في البلدان العربية للفترة الممتدّة بين 2019 و2023. ويعطي هذا المشروع الإقليمي الذي تقوم بتمويله الوكالة الأولوية لدعم مصر والعراق والأردن ولبنان والمغرب والفلسطين وتونس.

أضواء على التجربة التونسية

تمّ خلال هذا اللقاء تسليط الضوء على تجارب بلدان عربية في مجالي مكافحة الفساد والحوكمة الرشيدة وهي المغرب ولبنان وفلسطين والأردن وتونس.
وقدّم الدكتور محمد مفتاح، مدير عام الوحدة المركزية للحوكمة ومكافحة الفساد بوزارة الصحة بيانات عن التجربة التونسية التي تعتبر من التجارب الرائدة في هذا المجال إذ أنّ تونس كانت أوّل دولة عربية اعتمدت النهج الوقائي لإدارة المخاطر في قطاع الصحّة العمومية فوضعت منظومة إلكترونية لتقييم هذه المخاطر وتأثيراتها على الصعيدين البشري والمادّي.وتشمل التطبيقة المستخدمة في نطاق المنظومة مختلف حلقات السلسلة الصحية منذ تسجيل المريض بالمستشفى ، اعتبارا إلى أنّ ذلك يمكن أن يكون  منطلقا للفساد في حال عدم أحقية المريض بتلقي العلاج ، إلى آخر حلقة من السلسلة.

وأشار الدكتور محمّد مفتاح إلى أنّ هذه  المنظومة مكّنت من كشف الإخلالات والتجاوزات تمهيدا لرسم خارطة الأخطار في قطاع الصحة العمومية ووضع أولويات التدخّل لمكافحة الفساد وإرساء الحوكمة الرشيدة. وذكر على سبيل المثال أنّ استخدام التطبيقة الإلكترونية مكّن من النزول بنسبة الفواتير المرفوضة من قبل الصندوق الوطني للتأمين على المريض من 35 إلى 12 بالمائة في سنة واحدة في مستشفى فرحات حشّاد بسوسة، ممّا سمح بتوفير مبلغ قدره 400 ألف دينار.

وجدير بالذكر أنّه شرع في إعداد هذه المنظومة في سنة 2016 بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدّة الإنمائي الذي وفّر مساعدة في جانب التكوين في حين تكفّلت بالتمويل الوكالة الكورية للتعاون الدولي. ويسهر على عملية تقييم المخاطر في قطاع الصحة العمومية فريق يضمّ 25 ممثلا عن وزارة الصحة والصندوق الوطني للتأمين على المرض والهيئة الوطنية لمقاومة الفساد والمجتمع المدني

مكافحة الفساد مسار شاقّ وطويل

ممّا يستخلص من مداخلات المتحدّثين والمشاركين في النقاش أنّ مسار مكافحة الفساد شاقّ وطويل بعد أن انتقلت الدول العربية من تحريم الخوض في هذه الظاهرة إلى إقرار خطط واستراتيجيات لمحاربتها.

وأوضح السيد محمد بنعليلو وسيط المملكة المغربية (ombudsman) أنّنا نقف اليوم أمام تحدّ وتخوّف في التعامل مع الفساد.

فالتحدي يكمن في المنهجية التي ينبغي اتباعها قبل التفكير في الحصيلة إذ ينبغي أن نتساءل أوّلا : كيف حقّقنا مكاسب في التصدي للفساد؟ وكيف سنحقّق المزيد منها؟ ولماذا أخفقنا في جوانب معيّنة فكانت النتائج دون المؤمول؟

وفِي ضوء تجربته الشخصية قاضيٓ تحقيق في جرائم الفساد ثمّ مديرا في وزارة العدل قبل أن يصبح وسيط المملكة المغربية لاحظ أنّ قناعاته قد تغيّرت كلّما مارس مسؤولية جديدة ممّا حمله على الإقرار في نهاية المطاف بأنّ رقمنة الإدارة هي الضامن للشفافية وبأنّ الاشتغال على الموارد البشرية أمر مؤكَّد وبأنّ مكافحة الفساد ليست شأنا قطاعيا ولا شأنا حكوميا خالصا وإنّما هو شأن عامّ  وشأن تنموي في الآن ذاته. أمّا التخوّف الذي أبداه فهو يكمن في ابتذال مكافحة الفساد عندما يصبح الفاسد يتحدّث عن الفساد ممّا ينجرّ عنه انعكاسات سلبيّة على المجتمع.

كما يستنج من الحوار أنّ البلدان العربية قطعت خطوات في مجال مكافحة الفساد لكنها تظلّ غير كافية. وأبرز السيد عزمي الشعيبي (فلسطين) عضو مجلس إدارة "مجموعة برلمانيين عرب ضدّ الفساد" وعضو مؤسّس للمجموعة غير الحكومية في الشبكة العربية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد دور المجتمع المدني ووسائل الإعلام في توسيع مجال مساءلة الفاسدين في عدد من الدول العربية.
وممّا تمّ تأكيده أيضا دور الوعي المجتمعي والوعي السياسي في التشهير بالفساد وهو ما أظهره الحراك الشعبي في لبنان كما بيّنت ذلك ناتاشا سركيس مسؤولة مكافحة الفساد بوزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية بلبنان.

وعلاوة على ذلك، أبان الحوار الدور المتعاظم الذي يضطلع به الشباب في عدد من الدول العربية في مكافحة الفساد من خلال تجربة "حرَّاس النزاهة" وهي مجموعة شبابية من الأردن ولبنان وتونس تضمّ ألف شابّ وشابة أرادت كسر قواعد العمل الكلاسيكية في التعامل مع هذه الظاهرة  بتبادل الأراء بشأنها عبر و"اتسآب". وقد عرضت هذه التجربة غالية حتاملة من الأردن وبثينة جهيمي من تونس.  

عبد الحفيظ الهرقام

قراءة المزيد

شراكة جديدة بين برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والوكالة الكورية للتعاون الدولي في مجال مكافحة الفساد في المنطقة العربية

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.