وداد بوشمّاوي: الرئيـس البـاجي قائد السبـسـي هو مـن رشّـح الرباعي لجائزة نوبل
وم 9 أكتوبر 2015 خبرا أسعـد التونسيين والتونسيّات وزاد بلادهم رفعــة وشأنا وعزّز مكانتها بين الأمم إذ أعلن في ذلك اليوم التاريخي إسنـاد جائزة نوبل إلى رباعي الحوار الوطني (الاتحاد العـام التونسي للشغــل والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليـدية والرابطـة التونسية لحقوق الإنسان والهيئـة الوطنيـة للمحامين. مــن كان وراء ترشيح الرباعي لنيــل هذه الجـــائزة الدولية الـرفيعة؟
ظلّ هذا الأمر محاطا بكثير من السريّة والكتمان إلى أن حرصت السيدة وداد بوشماوي الرئيسة السابقة للاتّحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية على أن تفي صاحب الفضل حقّه ليعلم الجميع أنّ الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي هو الذي بادر بتوجيه رسالة إلى لجنة جائزة نوبل لترشيح الرباعي وذلك يوم 20 جانفي 2015. لم يفصح الرئيس الراحل يوما عن هذه المبادرة التي استجابت لها لجنة جائزة نوبل وكأنّه أراد من خلال ذلك القول إنّه لم يكن يبتغي جزاء ولا شكورا وإنّما الواجب الوطني هو الذي دفعه إلى تقديم هذا الترشيح الذي ارتكن إلى جملة من الاعتبارات استعرضها في رسالته:
- الدور الجوهري الذي قام به الرباعي في الفترة التي تلت الثورة حيث كانت مخاطر الحرب الأهلية وتصاعد العنف والتطرّف تتهدّد البلاد وقد تسنّى للرباعي إقرار السلم والاستقرار وإرساء حوار وطني أنقذ البلاد وأفضى إلى وفاق وطني، ممّا سمح بالمصادقة على الدستور الجديد ومهّد الطريق لانتقال ديمقراطي آمن، في الترشيح إشادة بتونس، هذا البلد الصغيّر الذي أعطى للعالم درسا في الشجاعة والمثابرة وفيه أيضا اعتراف بثورة الياسمين، من شأن الترشيح تثمين قيمتي الوفاق والحوار في عالم تطغى عليه النزاعات،
- أثبتت تونس للعالم أنّ ثورة سلميّة ممكنة وبمقدورها أن تقود نحو الديمقراطية.
تعود السيدة وداد بوشماوي إلى أطوار هذا الترشيح في نعيها للرئيس الباجي قائد السبسي فتقول:
«ماذا عساني أقول حول لوعة فراق الرئيس الباجي قائد السبسي بعد الجنازة المهيبة التي كرّمه بها الشعب التونسي وحضرها العديد من كبار العالم.. وبعد كلّ ذلك الحبّ الذي عبّر عنه التونسيون بخشوع وحزن تحت شمس حارقة .. وماذا عساني أضيف تكريما لروحه وقد اختار القدر أن تكون ذكرى الجمهورية موعدا لرحيله.. ليكرمه على العقود التي قضّاها في خدمة الجمهورية من مواقع مختلفة بتفان وصدق..؟
كنت محظوظة في أن يكون اقترابي من عالم السياسة بحكم ترؤسّي للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية في حضرة رجل كالباجي قائد السبسي.. كان سي الباجي رجل الوفاق والتوافق.. ورجل التحديّات الذي قاد السفينة باقتدار.. رغم صعوبات المرحلة ورياحها العاتية.. ورغم أعين المتربّصين والحاقدين.. كان رجل الدولة وسفيرها الخارق للعادة عبر عقود صبغت تاريخا حافلا ومميّزا لرجل استثنائي.. لن ننساه.. وستذكره بفخر صفحات تاريخنا الوطني.. كان أوّل لقاء رسمي لي مع الراحل الباجي قائد السبسي سنة 2011 بعد تولّيه رئاسة الحكومة... جلبت انتباهي فصاحته وحكمته.. وكذلك مرحه.. أذكر جيّدا كلامه وهو يشدّ من أزرنا أنا وزملائي في المكتب التنفيذي للاتحاد حينا ..ويمازحنا حينا آخر في تلك المرحلة الصعبة التي كان يمرّ بها الاتحاد وتمرّ بها بلادنا ككلّ تتالت بعد ذلك لقاءاتنا وخاصّة خلال مراحل الحوار الوطني الشاقّة والمتّعبة..
كان حضوره مؤثّرا وإيجابيا، كان رجلا محنّكا وعمليا وتوافقيا..بعد انتخابه رئيسا للجمهورية التونسية.. كنت إحدى نساء تونس الفخورات بالصورة التي كان يعطيها عن بلادي في المحافل الدولية..
كنت فخورة بمواقفه من المرأة التونسية.. وخاصّة بحرصه على دعم مكاسبها وحقوقها.. ولكن وللأسف فإن الوقت وأشياء أخرى لم تساعده على تجسيد هذا الطموح العزيز على قلبه.. يوم 9 أكتوبر 2015 حين أذيع خبر حصول تونس على جائزة نوبل للسلام لسنة 2015 كان الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي أوّل من هاتفته إيمانا مني أنّه يستحق مكالمتي الهاتفية الأولى.. لأنّه ساهم في نيل تونس ذلك الفخر والتتويج.. ولا يمكنني أن أنسى دوره في حصول الرباعي على هذه الجائزة بما أنّه هو الذي قام بترشيح الرباعي للجائزة بعد أن طلبت منه ذلك وقبل دون أدنى تردّد.
لن ننساك سي الباجي .. ستبقى في قلوبنا .. وستكون لمسيرتك مكانة مميّزة وبارزه في تاريخ تونس.
وداعا سي الباجي.. وداعا سيّدي الرئيس..».
وداد بوشمّاوي
- اكتب تعليق
- تعليق