في تقرير للمرصد الاجتماعي التونسي: 4948 تحرُّكا احتجاجيا و146 حالة ومحاولة انتحار خلال السداسية الأولى 2019
سجلّ خلال السداسية الأولى من السنة الجارية 4948 تحرُّكا احتجاجيا في مختلف جهات البلاد و146 حالة ومحاولة انتحار.وتأتي ولاية القيروان في حالة الاحتقان الاجتماعي وكذلك في عدد حالات الانتحار.ذلك ما كشف عنه المرصد الاجتماعي التونسية في نشريته للسداسية الأولى 2019.
وتضمّن التقرير بيانات مُفَصَّلة حول توزّع الحركات الاحتجاجية الاجتماعية الفردية والجماعية وجغرافيات التمرّد والرفض والفاعلين في الاحتجاجات وتوزَّع الحركات الاجتماعية حسب المجال الجغرافي وتوزّعها حسب القطاعات ورصد لحالات ومحاولات الانتحار حسب الفئات العمرية والولايات.
وجاء في التقرير أنّ "استمرارية الاحتجاجات في تونس هو نتاج سياسة اللامساواة التي تتبناها الدولة والتي خلقت أزمة هيكلية مسّت جلّ القطاعات جراء الخيارات السياسية المرتبطة بما تقرره الصناديق الدولية ذات الفكر الليبرالي إضافة إلى عزوفها التام عن أن تكون دولة راعية لمصالح كل الفئات الاجتماعية علاوة على غياب رؤية سيادية لمسار التنمية والخطط الاقتصادية الشاملة والمتوازنة ، فبرزت سياسة اللامساواة من خلال ظاهرة التنمية غير المتوازنة والتوزيع غيرالعادل للموارد بين الجهات و تراجع المعيشة وكساد الاقتصاد والتدهور البيئي ومن خلال اقتصاد سياسي يقوم على عملية إنتاج اللامساواة والفوارق الاجتماعية فتراجعت المكاسب الاجتماعية والخدمات العمومية وارتفعت البطالة واتسم التشغيل بالهشاشة كما ساهمت أدوار المسؤولين كلاعبين سياسيين في الدولة والفئة الرأسمالية المحلية فيه إلى تعميق هذه السياسة الليبرالية وإلى تهميش اجتماعي و عملية إفقار الفلاحين وإضعاف للسيادة والأمن الغذائي الوطني والى خصخصة القطاع العام وأغلب مؤسسات الدولة. إنّ سياسة الدولة وخياراتها الاقتصادية والاجتماعية تترجم " افتقار الدولة إلى أجهزة الحكم الرشيد نتيجة خوصصة المؤسسات العمومية وما ارتبط بها من تسريح عمال وطرد تعسفي جراء تطبيق سياسة الإصلاح الهيكلي وهو ما يشكل سببا مهمّا لازدهار الاقتصاد غير المهيكل"حالة الوطن أضحت حالة انهيار داخلي تفوح منها أزمة مهاجرين و أخرى لاجئين و أخرى نازحين تعبر عن سياق مشحون باللامساواة الاجتماعية والاقتصادية".
التحركات الاحتجاجية الاجتماعية خلال السداسية الأولى 2019
وفق ذات التقرير تميّزالسداسي الأول من السنة االجارية بتواصل حالة الاحتقان الاجتماعي الرافض لتدهور الأوضاع المعيشية وتنامي الأزمة الاقتصادية والاجتماعية. ورغم النسق المتراجع الذي اتخذته الاحتجاجات الاجتماعية المرصودة من قبل المرصد الاجتماعي التونسي عبر عينة العمل التي يتم الاشتغال عليها، حيث سجل تراجع بفارق 870 تحركا احتجاجيا في مقارنة بين شهري أفريل وجوان، إّلا ان الوضع ينفتح على ربع ثالث ساخن من العام سيتزامن مع العودة المدرسية.
وأشار التقرير إلى تزامن فترة عرف فيها الحراك الاجتماعي هدوء نسبيّا مع شهر الصيام. وبلغ مجموع التحركات الاحتجاجية الاجتماعية لهذه السداسية الأولى من العام الجاري 4948 تحركا احتجاجيا وفقا لما تم رصده من قبل وحدة الرصد في المرصد الاجتماعي التونسي،كما بلغ مجموع عدد حالات ومحاولات الانتحار 146 حالة.
الحركات الاحتجاجية وجغرافيات التمرّد والرفض
تميـزت الحـركات الاحتجاجيـة بتنـوع الفاعليـن فنجـد الأوليـاء والمتسـاكنين ونشـطاء حقـوق الانسـان والأسـاتذة والمعلميـن النـواب والتلاميـذ والعمـال والموظفـين وأصحـاب الشـهادات المعطليـن عـن العمـل وأصحـاب الشـهائد العليـا والأسـاتذة الجامعيـبن والاطبـاء والإطـارات شــبه الصحيــة وعمــال الحضائــر والفلاحــين وســائقي ســيارات الأجــرة والتاكســي وســائقي النقل الريفي والامنيين والبحارة والصحفيين.
أمّا آليات حتجـاج فهي تتمثّل في التجمعـات والوقفـات الاحتجاجيـة والنـداءات عبـر وسـائل التواصـل الاجتماعــي وعبــر الإعــلام المرئــي والمســموع والمكتــوب وعمليــات غلــق الطــرق ومقــرات العمــل وحــرق العجــلات المطاطيــة والإضرابــات والســير علــى الأقــدام باتجــاه العاصمــة والعرائـض الاحتجاجيـة وحمـل الشـارة الحمـراء واقتحـام المؤسسـات الإداريـة واضرابـات الجـوع الوحشــية والعصيــان المدنــي وخياطــة الافــواه والهجــرة البحريــة بالمراكــب والهجــرة الجماعية.
كما تعدّدت الفضاءات التي شهدت تحركات الرفض والاحتجاج فنجد الطرقات والمقرات الإدارية والســاحات العامــة والمؤسســات التربويــة ومقــرات المؤسســات الحكوميــة مثــل الشـركة التونسـية للكهربـاء والشـركة التونسـية لتوزيـع الميـاه والشـركة التونسـية للنقـل والدواويــن والمنظمــات الوطنيــة والمستشــفيات والمصالــح البلديــة والمقــرات الوزاريــة ورئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية والمقرات القضائية. وكانــت مجمــل التحــركات الاحتجاجيــة المرصــودة فــي مختلــف الجهــات ذات طابــع جماعــي وكانت عفوية في مجملها حوالي %50.
ومـرة اخـرى تحتـل ولايـة القيـروان مرتبـة الصـدارة فـي حالـة الاحتقـان الاجتماعـي ويبـرز ذلـك مـن خـلال تصدرهـا المراتـب الأولـى فـي عـدد الاحتجاجـات الاجتماعيـة المرصـودة والمقـدرة بحوالــي %14 مــن مجمــوع الاحتجاجــات المرصــودة خــلال شــهر افريــل و22 % مــن مجمــوع الاحتجاجـات المرصـودة خـلال شـهر مـاي ثم ارتفعـت النسـبة إلى 18 % مـن مجمـوع الاحتجاجات المرصودة خلال شهر جوان إذ بلغ عدد التحركات الاحتجاجات بالقيروان 76 تحركا من مجموع 435 تحـركا طيلـة شـهر جوان. وفي المجمـل عرفت الجهة 543 تحـركا احتجاجيا طيلـة الثلاثية الثانية من العام الجاري.
ومثّل العطش ونقص المياه سببا من أسباب الاحتجاجات وتجلّت الاحتجاجات في مجالات التعليم والصحّة والفلاحة والتشغيل والتنمية والقطاع العمومي والبيئة.
حالات ومحاولات الانتحار
من خلال ما تم رصده تعتبر فئة الذكور من أكثر الفئات إقداما على الانتحار أمّا الفئة المهيمنة فهي التي تتراوح أعمارها مابين 26 و 35 سنة تليها الفئة العمرية من 36 الى 45 سنة و يكون هذا سببها عادة هشاشة الوضعية المهنية أو البطالة وأيضا المشاكل الأسرية والضغوطات والمسؤوليات التي يعيشها الفرد في المجتمع التونسي تليها في درجة ثالثة الفئة العمرية الأقل من 15 سنة وتكون أسبابها غالبا العنف الأسري المسلط على الاطفال، علاوة على عمليات الاغتصاب والتحرش التي يتعرضون لها ويمكن أحيانا ان يكون تقليدا لحالات انتحار أشخاص كبار فيعائلاتهم. وتحتل ولاية القيروان المرتبة الاولى في عدد حالات الانتحار.
وأكّد المرصد الاجتماعي التونسي في خاتمة تقريره أنّ الانتحار أو التهديد بالانتحار الفردي والجماعي والعنف بأشكاله المختلفة والمرصودة خلال الإشهر الستة الأولى يحمل كثيرا من الذاتية في ممارسته كفعل يتبناه الأفراد ويعبر عن عجز في الاندماج أو في تحقيق اعتراف اجتماعي يعكس فشل المؤسسة في الإصغاء إليه كطرف اجتماعي.
ولاحظ أنّ تعالي الأصوات بمرجعيات احتجاجية جديدة شملت البيئة والصحة ومرجعيات المواطنة الحقيقة والقيم, مسالة سوسيولوجية جديرة بالاهتمام تعكس استراتيجيات جديدة للفاعلين في أنماط فعلهم وفي فضاءات احتجاجهم والقطاعات التي يشتغلون فيها. وأضاف المرصد أنّ هؤلاء دفعوا بالحركات الاجتماعية إلى منطق الزوبعة والغليان فمرّة تطفو ومرة اخرى تنطفئ .وهي في نظر المرصد مسالة يتعيّن التأمّل فيها لاحتواء هذه الحركات الرافضة والناجمة أيضا عن تجاهل الدولة لمن يقومون بها وهو ما يجعلهم أحيانا يتوخّون سبل احتجاجية جديدة تصلأ أحيانا إلى حدّ الهجرة "أو الحرقة الجماعية" مع عائلاتهم أو تجاوز حدود الوطن إلى بلد آخر (الجزائر)، إلى غير ذلك من ممارسات الرفض لواقعهم الاجتماعي.
- اكتب تعليق
- تعليق