أخبار - 2019.07.17

العميد الجديد إبراهيم بودربالة: المثـابر المـــتــوّج

العميد الجديد إبراهيم بودربالة: المثـابر المـــتــوّج

الأستاذ إبراهيم بودربالة الذي انتخب يوم 6 جويلية الجاري عميدا للهيئة الوطنية للمحامين لمدّة ثلاث سنوات (2019 - 2022) هو واحد من أبرز وجوه قطاع المحاماة في تونس منذ أن اختار هذه المهنة النبيلة في سنة 1977.

يعتبر في نظر العديد من زملائه وكلّ من واكب مسيرته مدّة ثلاثة عقود ونيّف رمزا «للخطّ المهني المستقلّ عن أيّ التزام حزبي أو سياسي وحاملا لتجربة مهنية واسعة في هياكل المحاماة التمثيلية«.
ولعلّ ما يميّز الأستاذ إبراهيم بودربالة مثابرته على الترشّح لمنصب العمادة طيلة 21 سنة فلم يفتّ إخفاقه في المرّات السابقة في عزمه على إدراك مبتغاه رغبة منه في خدمة هذا القطاع وتكريس استقلاليته إزاء السلطة والتيارات السياسية  حتّى كان له في المرّة الثامنة   ما أراد إذ انتخب مؤخّرا عميدا للمحامين التونسيين خلفا للأستاذ عامر المحرزي (2016-2019) بعد تنافس مع زميله الأستاذ بوبكر بن ثابت.

يقول في حديث لمجلّة ليدرز العربية بنبرة مازحة: «في المرّة الثامنة اقتنع قومي بجدارتي بالعمادة والحمد للّه وهي علامة لعودة الوعي لدى زملائي فأنا لم أتخلّ يوما عن مبادئي التي ظللت مؤمنا بها ولا عن قيم المهنة السامية ونأيت بنفــسي عن كلّ صراع حزبي».

من باب الفلّة كانت البداية

الأستاذ إبراهيم بودربالة هو الابن الأصغر لأسرة وافرة العدد أصيلة الحامّة من ولاية قابس ولد بنهج سيدي منصور بحيّ باب الفلّة بالعاصمة في 7 أوت 1952. انتقل للسكنى من والديه وأشقائه في سنة 1955 إلى شوشة رادس في الضاحية الجنوبية التي كانت وقتئذ منطقة شبه فلاحية معظم سكّانها من الإيطاليين. درس بالمدرسة الابتدائية بمقرين الرياض ثمّ بمدرسة شوشة رادس حيث نال شهادة ختم الدروس الابتدائية ونجح في مناظرة الدخول للتعليم الثانوي.

التحق بمعهد ابن شرف بالعاصمة وبعد حصوله على شهادة الباكالوريا في جوان 1972 درس الحقوق بكليّة الحقوق والعلوم الاقتصادية وتحصّل على الإجازة في جوان 1976. وفي السنة نفسها نال شهادة الكفاءة لممارسة مهنة المحاماة ورُسِّم بجدول المحامين المتربّصين في 6 ماي 1977 وأدّى اليمين القانونية بعد ستّة أيّام من ذلك. أمّا التّربّص فقد قضّاه في مكتب الأستاذ الصادق مرزوق ثمّ بمكتب الأستاذ المرحوم محمّد عزّوز.

هل كان الأستاذ إبراهيم بودربالة يطمح منذ بداية طريقه محاميا إلى أن يكون في يوم من الأيّام عميدا للسلك؟ يبدو من خلال النظر في مسيرته أنّه كان قد حدّد لنفسه مراحل للوصول إلى هذه الغاية من خلال اكتساب تجربة في مجال تمثيل المحامين.

فقد انتخب في سنة 1979 عضوا بالهيئة المديرة لجمعية المحامين الشبّان ثمّ أعيــــد انتخـــابه في سنــــة 1981وأسنـــدت له خـــطّة أمين عـــــام الجمعية قبل أن ينتخـــــب رئيسا لها في سنـــة 1983. وإثر ترسيمه بجدول المحامين المخوّل لهم الترافــــع أمام محكمــــة التعقيب في 8 ماي 1987 انتخب عضوا بالهيئة القومية للمحــــامين وكلّف بخطّة رئيس محاضرات التّربّص وأعيد انتخابه في سنـــة 1989 بالهيئــة نفسهــــا وحافظ على هـــذه الخطّة طيلة 5 سنـــوات.

وانتخب في 5 جويلية 1992 رئيسا للفرع الجهوي للمحامين بتونس وأعيد انتخابه في 1995 لعهدة ثانية امتدت إلى سنة  1998 إثرها ظلّ يترشّح لمنصب عميد الهيئة الوطنية للمحامين بدون انقطاع إلى أن حالفه الحظّ في المرّة الثامنة هذه السنة.

الترافع عن طواعية في قضايا سياسية

دفع الالتزام برسالة المحاماة السامية الأستاذ إبراهيم بودربالة إلى الترافع طوعا في قضايا سياسية منها القضية المرفوعة ضدّ قياديّي الاتحاد العام التونسي للشغل إثر إحداث 26 جانفي 1978 ناب فيها عن إسماعيل السحبــاني والمرحومين حسين بن قدّور وحسن حمــــّودية وحسن قاقي الذين كانوا، كما قال، يستبشــرون كلّما كنّا نزورهم في السجن. كما ترافع في قضية قفصة في جانفي 1980 كما توّلى النيابة عن زملائه المحامين في قضية الاتّجــــاه الإســــلامي في مرّة أولى في سنة 1981 وفي المــرّة الثانية في سنة 1987. وكان أيضا ضمن لسان الدفاع عن حمّة الهمامي في عدّة قضايا جابه بسببها القضاء منها قضية بمحكمــة قابس.

دافع كذلك عن طلبة يساريين وقوميين في قضايا تخصّ حرية الرأي والتظاهر والتنظّم وقد ذكّره الشهيد محمّد البراهمي ذات مرّة بأنّه كان أحد محاميه. ومن منطلق واجب التضامن مع الأستاذ أحمد المستيري انضمّ إلى فريق المحامين الذين تولّوا الدفاع عنه في سنة 1981 على إثر اتهامه السلطة آنذاك بتزوير الانتخابات التشريعية.

خطّة عمل في ثلاثة محاور

وبخصوص ما ينوي القيام به على رأس العمادة أفاد الأستاذ إبراهيم بودربالة أنّه سيحرص على إيلاء الاهتمام اللازم لأوضاع زملائه ولاسيّما حديثي العهد منهم بالمهنة، فضلا عن العناية بعلاقة المحامين بإدارة الجباية حتّى يتمّ إدرَاك التحديّات الكبرى التي يواجهها القطاع في حال توقيع تونس على اتفاق التبادل الحرّ الشامل والمعمّق مع الاتحاد الأوروبي وهو ما يتطلّب الرفع من الأداء المهني للمحامي وتعزيز قدرته على الصمود أمام المزاحمة الأجنبية. أمّا محور العمل الثالث فهو يتمثّل في النهوض بالتكوين المهني والترقية المهنية وتشجيع الاختصاص في ضوء التطوّر السريع الذي تشهده القوانين والتشريعات ممّا يتطلب التعامل مع كلّ المتغيّرات باقتدار وبروح إيجابية.

وكان الرئيس الباجي قايد السبسي قد وجّه إلى الأستاذ إبراهيم بودربالة رسالة تهنئة أشاد فيها بدور قطاع (المحاماة) «عريق عراقة نضال المحامين الذين ألفناهم دوما في ريادة الكفاح الوطني سواء بالأمس في معركة التّحرر الوطني أو في مرحلة بناء الدّولة غداة الاستقلال أو في مواجهة التسلّط، ثمّ الاستبداد، لمّا انخرطوا في النّضال من أجل الحريّة والدّيمقراطية وسيادة القانون أو بعد الثّورة عندما أسهموا بنجاعة في إنجاح مسار الانتقال الدّيمقراطي السّلمي».

وأعرب الرئيس الباجي قايد السبسي عن «دائم الاعتزاز بشرف الانتماء إلى هذه المهنة النّبيلة»، وعن يقينه بأنّ الهيئة ستحافظ على استقلاليّة مهنة المحاماة ونبل رسالتها..

عبد الحفيظ الهرڤـــام

 

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.