أين وفاؤنا لمبدعينا؟
ونحن نتبادل التهاني بالعيد مع الأهل والأصدقاء، مرت بالذاكرة أسماء عدد من المبدعين في مجالات الفن المختلفة، كانوا أثَّثوا لنا، على مرِّ العقود الماضية، أجمل السهرات في المسارح وفي فضاءات المهرجانات وعلى شاشات التلفزيون وعبر الأثير، وهم الآن بحكم كبر السن أو اعتلال الصحة، لم يعودوا مطلوبين للعمل كما كانوا، مما ألحق بهم فادح الأضرار المعنوية والمادية.
فهل يُعقل أن تكفي بضع مئات من الدنانير التي تمثلها منحة وزارة الثقافة المخصصة لهم، لحفظ كرامتهم، وأن تلبي احتياجاتهم اليومية في ظل غلاء المعيشة الفاحش؟ وهل تهون علينا كفاءاتنا إلى هذا الحد، ونحن نراها في أسوإ الأوضاع الخارجة عن كل نص أو سيناريو درامي؟ ثم هل إلى هذا الحد أُصبنا بآفة النسيان إلى درجة فقدان الذاكرة بعد كل الجهد الذي بذلوه وكل العطاء الذي قدَّموه،إثراءً للحياة الثقافية عموما وللساحة الفنية خصوصا، في وطننا وخارجه؟
صحيح أنّ هناك أصواتا ارتفعت من قبل، تنادي بوجوب الإلتفات إلى هذه الكنوز التي زخر ولا زال يزخر بها مجتمعنا، وإنقاذها من الإهمال الذي آلت إليه، ولكن لا مجيب لتلك الدعوات لأنّ وزارة الثقافة على ما يظهر مهتمة بأولويات أخرى على رأسها المهرجانات ربّما.
يبقى الأمر موكولا في جانب كبير إلى نقابة الفنانين حتى تكثّف من جهودها للضغط من أجل إيجاد حلول جذرية.
وفي انتظار أن يحدث ذلك، نقترح:
1 - بعث مؤسسة ثقافية تكون ذات اختصاصات متعددة وتعود مرابيح مداخيلها إلى الفنانين المبدعين الذين أصبحوا خارج دائرة الإنتاج.
2 - إقرار نسبة من مداخيل الرهانات الرياضية (Promo sport) أيضا للمساهمة في تمويل هذه المؤسسة من ناحية، ولصرف جرايات مكملة للجرايات الجاري صرفها إليهم حاليا، من قبل وزارة الثقافة، من ناحية أخرى.
3 - تخصيص حلقة إذاعية أسبوعية، تنتقل، كل مرة، إلى أحد بيوت هؤلاء المبدعين كي يحكوا لنا عن تجربتهم في إطار المدة الزمنية لعطائهم وكي يعرضوا تسجيلاتهم لحفلات خاصة وصور تذكارية، يمكن اعتبارها كلُّها جزءً من ذاكرتنا كشعب ذواق ومحب للفن. وهذا ما أقره ما شهد به مرارا وتكرارا كل الفنانين والمبدعين الذين زاروا بلادنا، مثل الفنانة العملاقة أم كلثوم، وعبد الحليم، إلى الشيخ إمام وأحمد فؤاد نجم وغيرهم.
4 - وريثما يتم تحقيق هذه المشاريع، على وزارة الثقافة أن ترفع في مقدار الجراية التي تصرفها لهم حاليا في أقرب الآجال بما يضمن الحدّ الأدنى لحفظ كرامتهم.
5 - وكنقطة بداية ولإعطاء المثال، على وزارة الثقافة، وعلى المؤسسات الخاصة ذات الاهتمام بالشأن الثقافي، سواء كانت صناعية أو تجارية، أن تدعم تلك المؤسسة المشار إليها في النقطة الأولى، وذلك بتوفير رأس مالها وضمان انطلاق نشاطها.
6 - وأخيرا وليس آخرا، على المواطنين، ذوي الحسّ الإنساني والفني الراقي، بما في ذلك الفنانون الناشطون في الميدان حاليا وجاليتنا المقيمة في الخارج، وأصحاب الرأس مال الوطني، أن يساهموا بحسب إمكانياتهم، في رأس مال تلك المؤسسة تأكيدا لوفائهم وعرفانهم بالجميل لما قدمه أولئك المبدعون طيلة مسيرتهم الفنية من عطاء فني متنوع للمجتمع ككلّ.
خديجة معلَّى ومختار اللواتي
- اكتب تعليق
- تعليق