القروض الصغرى: سلطة الرقابة - الإشكالات والمقترحات
حرص المشّرع التونسي على إصدار نصوص قانونة تنظّم مراقبة قطاع التمويل الصغير وآليات حماية حرفاء مؤسّسات التمويل الصغير فتمّ إحداث هيئة رقابة سمّيت بـسلطة رقابة التمويل الصغير وخصّ حماية الحرفاء بقرار من وزير المالية.
أحدث المرسوم 117 في فصله 43 سلطة رقابة التمويل الصغير وحدّد مهامها بتكليفها بتسليط عقوبات إدارية أو خطايا – ماعدا سحب التراخيص – في حال مخالفة أحكام المرسوم ونصوصه التطبيقية . ويؤكّد الفصل 56 من نفس المرسوم أنّه علاوة على تطبيق العقوبات المنصوص عليها بهذا المرسوم تعرض المخالفات للتشريع والتراتيب المنظمة لنشاط التمويل الصغير مقترفيها للتتبعات العدلية طبقا للقوانين الجاري بها العمل.
وضبط الأمر عدد 2128 لسنة 2012 المؤرخ في 28 سبتمبر 2012 طرق تسيير سلطة رقابة التمويل الصغير. ومن بين ماكلّف به مجلس إدارة سلطة رقابة التمويل الصغير في الفصل 2 من هذا القرار في نطاق ما تقتضيه المهامّ الموكولة إليه:
- النظر في ملفّات الترخيص لمؤسّسات التمويل الصغير واتحاداتها وإبداء الرأي فيها،
- اقتراح سحب الترخيص لمؤسّسات التمويل الصغير واتحاداتها،
- النظر في محاضر التحقيقات واتّخاذ القرارات في شأنها،
- إبداء الرأي بخصوص التشاريع المتعلّقة بالتمويل الصغير.
كما أكدّ قرار وزير المالية المؤرخ في 24 أوت 2016 أنّ سلطة رقابة التمويل الصغير تقوم برقابة الممارسات المعتمدة في إجراءات استخلاص الديون على الحرفاء وأنّه يمكن أن تتدخّل في حالة ثبوت تجاوزات لوضع حدّ للمخالفة.
آليات حماية المنتفعين بالقروض
أمّا بخصوص حماية حرفاء مؤسّسات التمويل الصغير فقد جاء قرار وزير المالية المؤرّخ في 24 أوت 2016 ليوضّح ويدقّق بعض الإجراءات من ذلك أنّه على تلك المؤسّسات أن تعرض داخل مقرّاتها في مكان واضح للعموم الشروط المتعلّقة بعمليات التمويل الصغير وأن تنصّ عقود التمويلات الصغرى على الشروط المتعلّقة بعمليات التمويل الصغير وأن تتضمّن بصفة واضحة مبلغ التمويل الصغير ونسبة الفائدة الاسمية السنوية أو هامش الربح السنوي للتمويل الصغير ومختلف المصاريف والعمولات والتكلفة الجملية للتمويل الصغير والنسبة الفعلية الجملية السنوية وطرق السداد ووجود تأمين مرتبط بالتمويل الصغير من عدمه.
وفي إطار نشاط توفير الخدمات أوجب القرار على كلّ مؤسّسة تمويل صغير أن تعتمد تسعيرة مسؤولة تكون فيها الشروط والطرق محدّدة بصفة تناسب الحرفاء وتأخذ بعين الاعتبار المصاريف الفعلية اللازمة لإسناد تلك القروض وخاصّة كلفة الموارد وعمليات الإحاطة والتكوين ومصاريف الاستغلال. وأكدّ القرار على أن تكون طرق التتّبع في استخلاص الديون تجاه الحرفاء المعتمدة من قبل مؤسّسات التمويل الصغير رضائية أو قضائية. وأن تتمّ التتبعات القضائية طبقا للتشريع الجاري به العمل. وألَّا تكون الوسائل المعتمدة من قبل مؤسّسات التمويل الصغير في إجراءات الاستخلاص في أيّ حال من الأحوال مهينة أو قائمة على سذاجة أو ضعف الحريف أو في شكل تهديد أو إكراه أو تهدف إلى تشويه سمعة المدين.
الإشكالات
تعيش مؤسّسات التمويل الصغير إن كانت جمعيات أو شركات بعض الإشكالات نسوق أهمّها كما استقيناها من العاملين في القطاع والحرفاء:
- تشتّت الجمعيات المسدية للقروض الصغرى في كامل أرجاء الجمهورية
- خضوع نشاط الجمعيات المسندة للقروض إلى قانونين، القانون العام للجمعيات وقانون المؤسّسات المسندة للقروض الصغرى
- صعوبات في توفير التمويل ممّا مثلّ صعوبة الاستجابة لكلّ الطلبات التي تتزايد من سنة إلى أخرى
- خطورة الإفراط في التداين لدى الحرفاء أو ما يسميه البعض بالإدمان على التداين. لأن جمع قروض من مؤسّسات مختلفة قد يؤدّي إلى العجز عن الخلاص ويجعل الحريف في حالة مديونية متواصلة ممّا يزيد في مديونية الأسرة التونسية.
المقترحات
تتمثّل أهمّ المقترحات الخاصة بالتمويل الصغير والتي تسنّى لليدرز العربية جمعها فيما يلي:
- تنقيح القانون المنظم للقطاع ليكون ضمن مقاربة تنمية شاملة تتفاعل مع العناصر الأخرى في منظومة الإقراض
- إعادة النظر في دور بنك التضامن ليصبح شريكا فعليا وليس مجرّد ممّول
- إدخال مؤسّسات التمويل الصغير في المنظومة البنكية مثلما تمّ ذلك في عدّة بلدان
- بعث صندوق تمويل لجمعيات القرض الصغير يمّول من القطاع الخاصّ والقطاع البنكي
- إحداث صندوق متخصّص في إعادة تمويل شركات التمويل الصغير بنسب تفاضلية ممّا يساعد على تعزيز الاستثمار وتوسيع قاعدة المموّلين
- الإسراع بإحداث مرصد الإدماج المالي المشار إليه في المرسوم 117
- عدم تحميل الحريف ما تصرفه مؤسّسات التمويل الصغير ببذخ على مكاتبها
- تحديد السقف الأقصى للفائدة الموظفة من قبل شركات التمويل الصغير حتّى لا تكون مبالغا فيها
- إرساء قاعدة بيانات مركزية لدى سلطة الرقابة تتجمّع فيها كلّ المعطيات عن طلبات القروض والعقود المبرمة مع الحرفاء مما سيمنع ازدواجية القروض ويراقب المؤسّسات ويحميها من التجاوزات
- الحذر من أن تنزلق مؤسّسات التمويل الصغير نحو تقديم قروض استهلاكية كما وقع في عدّة دول
- السماح للبريد التونسي بالدخول إلى سوق القروض الصغرى
- الإسراع ببعث بنك الجهات الذي سيهتمّ بتمويل المشاريع في الجهات وسيخلق مزيدا من مواطن الشغل ويدفع التنمية في الجهات
- مراقبة التزام الشركات بنشر التسعيرة في مكاتبها للعموم
- إدراج الميكرو إدّخار في منظومة التمويل الصغير ليساعد الأفراد على تمويل مشاريعهم
خالد الشّابي
قراءة المزيد:
القروض الصّغرى: أكـثــر مـن 400 ألـف قــرض في مــوفّى جـوان 2018, حــلّ أم عـبء؟
القروض الصغرى: تطوّر التشريع وازدياد عدد المنتفعين
- اكتب تعليق
- تعليق