أخبار - 2018.05.30

اقتصاديات كأس العالم 2018 في ستّة أسئلة: المموّلون والرّابحون والخاسرون والبزنس الصّغير

اقتصاديات كأس العالم 2018 في ستّة أسئلة: المموّلون والرّابحون والخاسرون والبزنس الصّغير

وراء الملاعب وما تشاهدونه على شاشات تلفزاتكم من منافسات رياضية، يشكّل كأس العالم لكرة القدم مشروعا اقتصاديا ضخما تضخّ فيه أموال هائلة وتتقاطع فيه مصالح مختلفة تجعل من هذه التظاهرة الرياضية مناسبة للكسب الوافر لبعض الجهات (الفيفا مثلا)، بينما تكتفي جهات أخرى، كالبلد المنظّم، بالكسب السياسي والأدبي، وتستفيد أطراف ثانية من استغلال حقوق البثّ التلفزي أو من تقديم الخدمات لزائري البلد المنظم.

وسوف نسعى في هذا الجزء من الملفّ الخاصّ باقتصاديات كأس العالم، ومن خلال الإجابة عن ستّة أسئلة، إلقاء بعض الضّوء على الجوانب المتعلّقة بحجم تمويل كأس العالم 2018 ومصادره، وأوجه الصّرف عليها، ومظاهر الكسب والخسارة في هذه العمليّة الاقتصادية الضّخمة.

تقدّر مصاريـف روسـيا على تنظـيم دورة كـأس العالم 2018 حـوالي مـا يعـادل ثلاثين مليــارا من الدينارات التونسية (مقابل أربعــة وعشرين مليارا في دورة البرازيل 2014). وقـد رُصــد الجـانب الأكبر من هذا المبلغ لبناء تسعة ملاعب جديدة وتجديد ثلاثة ملاعب أخرى في إحدى عشرة مدينة. بطاقة استيعاب تبلغ 560 ألـف متفرّج، فيما خصّص الباقي لتطوير البنية التحتية المتصلة بالنّقل (الطرقات، السكك كالحديدية، المطارات)، والإقامة (تهيئة نزل لاستقبال 180 ألف شخص يوميا)، والأمن، والخدمات الأخرى (المستشفيات، مراكز العلاج، ملاعب التدريب...).

من أيّ مصادر تُموّل هذه المصاريف؟

توزّعت مصادر تمويل هذه المصاريف على ثلاثة أطراف:

  • الـدولــة: أسهمـت في هــذه والمصـاريف بنسبـة 58 بالمائة، وتمثلـت مســاهمـتها في مــجـابهــة نفقـات البنيـــة التحتيـــة واللـــوجستية الفنـــدقية والأمنية.
  • الجهات: بلغت نسبة مساهمتها 14 بالمائة وخصّصت للمشاركة في البنية التحتية على وجه الخصوص.
  • المؤسسات العمومية ومؤسّسات القطاع الخاص: ساهمت بنسبة 28 بالمائة في مختلف أوجه الصرف على الدورة. ومن الأمثلة على ذلك مشاركة نادي سبارتاك موسكو في تمويل الجزء الأكبر من بناء ملعب «سبارتاك أرينا»، علما بأنّ هذا النّادي تابع لمؤسّسة بترولية.

ماذا ستكسب روسيا من كأس العالم  2018؟ وما هي الجدوى الاقتصادية من تنظيم كأس العالم؟

بغضّ النظر عن المكاسب السياسية التي تتطلّع إليها روسيا من خلال تنظيم كأس العالم 2018 فإنّ حساب الرّبح والخسارة من النّاحية المالية لا ينبئ بحصاد مربح للبلد المنظّم. ففي مقابل صرف ما يعادل 30 مليارا من الدينارات التونسية، سوف تقتصر المداخيل المباشرة على مبلغ 2010 ملايين دينار تتوزّع كالآتي:

  • 510 ملايين دينار تونسي: منحة الجامعة الدولة لكرة القدم إلى لجنة التّنظيم المحليّة لدورة كأس العالم،
  • مبلغ أقصاه 1500 مليون دينار متأتّ من مبيعات التّذاكر، وذلك في صورة امتلاء كلّ الملاعب إلى أقصى طاقات استيعابها خلال كلّ مقابلات الدّورة.

على أنّ  وجود حوالي مليون مشجّع في روسيا خلال الفترة من 14 جوان إلى 15 جويلية سوف يمكّن من إدارة عجلة الاقتصاد على مستوى التجارة والخدمات الفندقية والنّقل (باستثناء القطار) وبيــع الأقمصـــة وغيرها من الهدايا الحاملة لشعـار «روسيا 2018»، ويتوقّع أن يصرف كل مشجّع مبلغ 900 دينار تونسي يوميا في هذه الأغراض.

إلاّ أنّ هـــذا غــير كــاف لتغطيــة المصاريف الباهظة التي تحمّلتها الدولة الروسية، وهو ما يطرح قضيّة الجدوى الاقتصادية من تنظيم كأس العالم، وهل الأمر مربح للدولة المنظّمة؟ وبالرّجوع إلى الدّورات الثّلاث السّابقة لكأس العالم، تبدو الإجابة متفاوتة، إذ سجّلت ألمانيا (2006) وإفريقيا الجنوبية (2010) هامش ربح قُدّر بــ 2.2 مليار دولار بالنسبة إلى الأولى و بـ 0.9 مليار دولار بالنسبة إلى الثانية، بينما سجّلت البرازيل عجزا بـ 2.3 مليار دولار، وهذا يدلّ أنّ هامش الريح يتقلّص كلّما تقدّمنا في الزمن (2006 و2010) وكلّما ارتفعت المصاريف، إلى حدّ بلوغ العجز في 2014.

ماذا ستكسب المنتخبات المشاركة؟

1032 مليون دينار تونسي (1032 مليار من المليمات) هو قيمة المبلغ الذي سيوزّع، عند تحويله إلى عملتنا المحلية، على المنتخبات الإثنين والثلاثين المشاركة في دورة كأس العالم 2018 (مقابل 924 مليون دينار في دورة البرازيل).

ويعتمد توزيع هذا المبلغ النتائج المحقّقة على الميدان، ولا يكون التّساوي بين المنتخبات المشاركة إلا في مرحلة الانطلاق، حيث يُخصّص لكلّ منتخب مبدئيا مبلغ يعادل 24 مليون دينار تونسي (24 مليارا من المليمات) يُدفع ربعه قبل وصول الفرق إلى روسيا، ليمكّنها من مواجهة مصاريف النّقل والإقامة وغيرها.

لكنّ هذا المبلغ المبدئي تقع مراجعته بعد ذلك، وفق تقدّم  سير المنتخبات في التصفيات. وعلى هذا الأساس تكون المكافآت كالتالي:

  • 27 مليون دينار تونسي للمنتخبات بعد تصفيات المجموعات ( الدّور ثمن النهائي)،
  • 42 مليون دينار تونسي للمنتخبات التي تغادر في الدور ربع النهائي،
  • 60 مليون دينار تونسي للمنتخب صاحب المرتبة الرابعة،
  • 66 مليون دينار تونسي للمنتخب صاحب المرتبة الثالثة،
  • 75 مليون دينار تونسي للمنتخب صاحب المرتبة الثانية (المنهزم في الدور النهائي)،
  • 105 ملايـــين دينــار تونسي للمنتخب الفائز بالكأس.

ماذا ستكسب الفيفا؟

ما من شكّ أنّ الجامعة الدولية لكرة القدم (الفيفا) هي أكبر مستفيد ماليا من مسابقة كأس العالم، وذلك على حساب البلد المنظّم. فهي تحقّق مداخيل خيالية من بيع حقوق النّقل التلفزي وحقوق كلّ المنتجات التي تحمل شعار الدّورة.

وعلى سبيل المثال فقد صرفت «الفيفا» في دورة 2006 بألمانيا مبلغا قُدّر بـــ 750 مليون أورو (2250  مليون دينار)، وذلك في شكل منحة للجنة التنظيم المحليّة ولمجابهة مصاريف التسويق ومكافآت المنتخبات المشاركة. أما المداخيل فقد بلغت 2.35 مليار أورو (7 مليار دينار)، وهي متأتية من حقوق النقل التلفزي والحقوق المتصلة بالمنتجات الحاملة لشعار الدورة... وأترك لكم حساب هامش الرّبح.

أمّا في دورة موسكو فسوف ترصد «الفيفا» حوالي مليارين من الدولارات (5 مليار دينار)، وانتظروا، بعد انتهاء الدورة، هامش ربح يفوق رقم «ألمانيا 2006». بكثير.

عادل الأحمر

قراءة المزيد

كأس العالم بين الرياضة والسياسة: مقاطعة وحرب باردة وتسويق لصورة روسيا

اقتصاديات كأس العالم 2018 في ستّة أسئلة: المموّلون والرّابحون والخاسرون والبزنس الصّغير

في تونس؟ كأس العالم »يدوّر الزيرو«؟

بــورصـة اللاعبيـن: مليـارات تجـــري علــى العــشـــب!

الإرهاب و«الهوليغان»: ثـنــائي الــرّعــب فــي كـأس العالم

كأس العالم 2018: بين زابيفاكا وياشين

كأس العالم: ستّة كيلوغرامات من الذّهب

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.