سوء تفاهم بشأن البلاغ المشترك الموقّع بين الحكومة وهيئة الحقيقة والكرامة
يومين بعد توجيه يوسف الشاهد رئيس الحكومة رسالة رسمية إلى رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة يعلمها فيها بوجوب إنهاء أعمال الهيئة قبل موفّى شهر ماي 2018، وتسليم العهدة المالية وذلك تنفيذا لقرار مجلس نواب الشعب، وفِي الوقت الذي كان ينتظر فيه الرأي العام ردّ فعل سهام بن سدرين على هذه المراسلة، وقّع يوم الخميس 24 ماي 2018 مهدي بن غربية وزير العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الانسان، بوصفه ممثلا للحكومة، ورئيسة الهيئة على بلاغ مشترك يقضي بإحالة الملفات المتعلقة بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان على الدوائر القضائية المتخصصة وضبط المعايير اللازمة لجبر الضرر للضحايا وتحديد طرق صرف التعويضات المحمولة على صندوق الكرامة ورد الاعتبار وإحالة التقرير الختامي الشامل على الرئاسات الثلاث.
وجاء في البلاغ المشترك أنّ الوزارة والهيئة بصدد التنسيق من أجل إنجاح منظومة العدالة الانتقالية وتواصلها بما في ذلك الأعمال الختامية للهيئة وإجراءات التسليم والتسلّم وهو ما سيتيح للحكومة أفضل الظروف لتنفيذ الالتزامات المحمولة عليها، حتى تتمكّن من الإيفاء بمختلف الالتزامات في مجالات العدالة الانتقالية.
هل يعني توقيع الطرفين انتهاء أعمال الهيئة في نهاية شهر ماي وتسليم سهام بن سدرين بذلك؟
في الواقع، لكلّ طرف قراءته لهذا النصّ، فقد اعتبر رئيس لجنة التحكيم والمصالحة بهيئة الحقيقة والكرامة خالد الكريشي في برنامج ميدي شو على إذاعة موزاييك أنّ الاتفاق الموقّع لم بحدّد آجالا لإنهاء الهيئة أعمالها.
وقال من المستحيل ماديا وواقعيا وقانونيا أن يكون يوم 31 ماي 2018 تاريخا لإنهاء أعمال هيئة الحقيقة والكرامة وذلك باتفاق مع وزارة بن غربية وبالمراسلة التي تلقّتها الهيئة، مضيفا أنّ الأعمال المتبقّية للهيئة لن تستكمل قبل 6 أشهر بمعنى أنّ الهيئة مواصلة في عملها إلى حد ديسمبر 2018.''
وأوضح أنّ ''مراسلة الحكومة جاءت كرد فعل على مراسلة للهيئة وجهتها للمطبعة الوطنية من أجل نشر التمديد في أعمال الهيئة، لكن الحكومة أجابتنا في مراسلة بأنّه لا يمكن التمديد للهيئة بعد إعلامها بتصويت مجلس الشعب على إنهاء إعمالها''.
وأشار إلى أنّه ''لم يتم استعمل كلمة ''قرار'' مجلس نواب في المراسلة، ونحن مؤسسة من مؤسسات الدولة ومرفق عام استثنائي ولسنا في خصومة مع أي طرف''.
وأضاف أنّ التمديد فرضته أعمال لم يتم استكمالها والمجلس لم يصدر قرارا يلزم الهيئة بإنهاء أعمالها في 31 ومراسلة الحكومة خير دليل على ذلك.
وعقّب مهدي بن غربية، في نفس البرنامج على تصريحات خالد الكريشي فلاحظ أنّ الاتفاق الذي تمّ توقيعه يذكّر بالمقتضيات القانونية وبقرار مجلس نواب الشعب الذي ينصّ على أنّ هيئة الحقيقة والكرامة تنتهي أعمالها في 31 ماي 2018، وهو ما يبقى ساريا، كما أنّ ميزانية الهيئة تنتهي بهذا التاريخ، حسب تأكيده.
وأوضح بن غربية وجود "إجراءات يجب أن تستكمل مع الهيئة على غرار إحالة الملفات إلى الأرشيف الوطني ومدّ الرئاسات الثلاث بالتقرير الختامي، وينتهي العمل مع انتهاء إجراءات التسليم والتسلّم التي ستتمّ بتفاهم ''للحفاظ على المسار''. وأضاف : "الآجال مضبوطة بقرار المجلس.. والحكومة ستنسق لاستيفاء الاستتباعات القانونية" .
وأكّد وزير العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان، أنّ الحكومة تريد لمسار العدالة الانتقالية أن يتواصل، وأن تحال الملفّات على القضاء ويتمّ جبر الضرر للضحايا، مشيرا إلى أنّ "أعمال الهيئة تنتهي في 31 ماي والمسار لا يجب أن ينتهي".
إن لم يكن الأمر واضحا بالنسبة إلى الطرفين عند التوقيع على البلاغ المشترك، فعلى ماذا اتّفاقا إذن؟
- اكتب تعليق
- تعليق
سي بن غربية واضح في كلامو : الهيئة تنتهي في 31ماى...و مسار العدالة متواصل