غسّان سلامة : لا بدّ من تفتيت النظام الاقتصادي القائم على النهب في ليبيا
أكّد المبعوث الخاصّ للأمين العام للأمم المتحدة غسّان سلامة في الكلمة التي توجّه بها يوم الأربعاء 21 مارس 2018 إلى مجلس الأمن أنّ النظام الاقتصادي القائم على السلب يشكّل واحداً من أكبر المشكلات التي تعصف بليبيا؛ الأمر الذي أدى إلى المستوى المعيشي للمواطن الليبي العادي خدمة لمصالح أصحاب النفوذ. وهذا ما يقف كحجر عثرة رئيسي أمام العملية السياسية ويرسخ الوضع الراهن.
وقال: "لا بد من تفتيت هذا النظام، ولا بد من أن تتدفق الموارد نحو بناء دولة قوية تسودها المساواة بين الجميع، لا أن تنتهي هذه الموارد في جيوب القلّة القليلة"، مبرزا ضرورة أن تتصدّى الأمم المتحدة لهذا النهب الاقتصادي.
وأضاف : " وما الاتجار بالبشر إلا واحداً من عناصر هذا الإقتصاد المنحرف. وهو أيضاً أمر مستهجن أخلاقياً. فقد أصبحت هذه التجارة من أكبر مصادر الرزق لدى البعض، فأعمت أبصارهم عن رؤية أقرانهم من بني البشر وهم يُتاجر بهم شأنهم شأن أي بضاعة أو أن يلقى بالمهاجرين ليلاقوا حتفهم فور سقوطهم من الشاحنات المكتظة بالبشر.
إنّ ليبيا وجهة للمهاجرين ومحطة عبور كما أنّها مصدر للمهاجرين. إذن لا بد من معالجة مثل هذه القضية المهمة التي تمس حياة مئات الآلاف من البشر بطريقة تستراتيجية وعبر الحدود.
وأوضح غسّان سلامة أنّ الوضع المالي لليبيا لا يزال مدعاة للقلق، مبيّنا أنّه على الرغم من إنتاج البلاد الآن لما يزيد عن مليون برميل نفط في اليوم الواحد وتوليدها لمؤشرات إقتصاد كلي تبعث على التفاؤل، إلا أنّ ليبيا لم تنتعش انتعاشاً حقيقياً على الصعيد الاقتصادي.
وأشار إلى أنّه بدلاً من ذلك، يزداد فقر الشعب الليبي أكثر فأكثر على مر السنين. حتى أنّ نساء طرابلس اللواتي كن ذات يوم من الطبقة البرجوازية الغنية يعترفن بقيامهن بدفع أولادهن القاصرين إلى العمل. ويشكو شيوخ المنطقة الشرقية من نضوب احتياطي الأموال التي ترصدها القبائل للحالات الطارئة.
وقال :"وأخذت الخدمات الصحية والتعليمية الأساسية بالتراجع، مع عدم قدرة المواطن المحبط على فهم لمَ يتسبب الإنتاج النفطي في مزيد من التدهور في مستوى معيشته .وبغية تلبية احتياجات الفئات الأكثر ضعفاً والنازحين داخلياً، أطلقنا في 25 كانون الثاني/يناير خطة الاستجابة الإنسانية بهدف إنقاذ أرواح ما يقارب المليون شخص في العام الواحد".
وأفاد أنّه تلوح في الأفق حالياً بوادر أزمة مادية ونقدية. فعوائد النفط، رغم ارتفاعها في الوقت الحالي، عرضة لسوء الاستثمار أو التخريب. فالمؤسسات المالية تعاني من الانقسام. والإنفاق الحكومي يعاني من التضخم وهذا التضخم آخذ في الإزدياد، غير أنّ زيادة الإنفاق لم تسفر، حتى الآن، عن تحسين الخدمات.
وأوضح أنّ عجز الحكومة عن توفير الخدمات وتنفيذ الإصلاحات اللازمة يسهم في إدخال البلاد في حلقة مفرغة.فهو يعزز حجج أولئك المتبجحين الذين يدّعون أنّ تدخلهم كفيل بسد الفراغ الحاصل جراء غياب الدولة. وبالمقابل، فإنّ ما يقوم به هؤلاء الأفراد والجماعات يقوّض من قدرة الدولة نفسها على الوفاء بالتزاماتها. ويرى العديد من الليبيين أن هذا الوضع الغريب الذي تشهده ليبيا قد أصبح الوضع الطبيعي الجديد. وعليه، يجب لهذه الحلقة المفرغة أن تنتهي.
قراءة المزيد
غسّان سلامة : قبل إجراء الانتخابات في ليبيا، التأكّد من أنّها ستكون شاملة ونتائجها مقبولة
غسّان سلامة : توحيد الليبيين حول سرد وطني مشترك بعد الفرقة والانقسام
استمرار أعمال العنف والنزاعات المحلية في ليبيا مدعاة للقلق حسب غسّان سلامة
في كلمته إلى مجلس الأمن، غسّان سلامة يشدّد على ضروة الاستمرار في العملية السياسية في ليبيا
- اكتب تعليق
- تعليق