أخبار - 2018.01.07

قبس من الذّاكرة للنوري بوشعّالة

قبس من الذّاكرة للنوري بوشعّالة

عن مركز الأبحاث التابع لمنظّمة التحرير الفلسطينية صدر كتاب يقع في أكثر من 500 صفحة بعنوان «قبس من الذاكرة، مذكّرات ضابط أمن» من تأليف النوري بوشعّالة. المؤلّف عمل مدّة 35 عاما في سلك الأمن الوطني وانتمى بداية من سنة 1972 إلى إدارة أمن رئيس الدولة والشخصيات الرسمية وكُلَّف من سنة 1982 إلى غاية سنة 1999، سنة إحالته على التقاعد، بالحماية الأمنية للقيادة الفلسطينية بتونس.

الكتاب الزاخر بالصور يجمع بين المذكّرات الشخصية وعرض لمسائل وأحداث وطنية وعربية نالت اهتمام النوري بوشعّالة، فقد خُصِّص محوره الأوّل لتسليط الأضواء على ما اختزلته الذّاكرة من وقائع في فترة النشأة، من الطفولة والشباب في مسقط الرأس مدينة صفاقس، عبر مراحل متعاقبة بين الحقبة الاستعمارية وعهد الاستقلال وكذلك بين مدن تونسية خصوصا في شمال البلاد، بينما حظيت فلسطين التاريخ والحضارة والقضية والمقاومة بالحيّز الأوفر من الكتاب. وفِي هذا الصدد يتوقّف النوري بوشعّالة عند صفحات مضيئة في تاريخ العلاقات التونسية الفلسطنية ويدوّن بكثير من الدقّة والتفصيل المحطّات المؤلمة التي مرّت بها المقاومة الفلسطينية وقياداتها بدءا بالغارة الإسرائيلية على مقرّات القيادة الفلسطينية بحمّام الشطّ واغتيال أبي جهاد واغتيال القياديين الثلاثة أبي إياد وإبي الهول وفخري العامري. وإضافة إلى السير الذاتية لهؤلاء القياديين أورد سيرة ضافية للزعيم الراحل ياسر عرفات الذي عرفه عن قرب بحكم مهمّته الأمنية.  وفِي المحور الثّالث من الكتاب وعنوانه «المؤسسة الأمنية بين الواجب الوطني والتّوظيف السياسي»، يلقي النوري بوشعّالة أضواء كاشفة على طبيعة عمل هذه المؤسّسة والضّغوط الواقعة تحتها قبل الثورة لتوظيفها سياسيّا ويبرز الآفاق الجديدة المتاحة أمامها اليوم.

هذا الكتاب في نظر الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس «إضافة نوعية ستثري المدوّنة الفلسطينية تاريخا وحضارة ومقاومة»، ومن جهته يعتبر فاروق القدومي عضو اللجنة التنفيذية لمنظّمة التحرير الفلسطينية أنّ المؤلَّف «ثريّ بالمعلومات والسّرديات المتتالية والاستخبارات الهامّة لحقبة بالغة الأهميّة خصوصا على الصّعيد الفلسطيني».

كيف تمّت عملية اغتيال أبي جهاد؟

من الأحداث الأليمة التي يذكرها الكاتب عملية اغتيال أبي جهاد فجر 16 أفريل 1988 في بيته في ضاحية سيدي بوسعيد وبشأنها نورد هذه المقتطفات:

«ليلة الاغتيال زار المرحوم أبو جهاد فاروق القدومي رئيس الدائرة السياسية لمنظّمة التحرير الفلسطينية في ضاحية المنزه البعيدة عن مسكنه حوالي 20 كلم على غير عادته. وبعد المقابلة، عاد أبو جهاد إلى مسكنه رفقة سائقه سعيد والمسؤول عن أمنه ماهر الصغير. وكان في البيت حارس آخر اسمه نبيه سليمان أبو كريشان. كما كانت في البيت أسرته المكوّنة من ابنته حنان وعقيلته ورضيعها نضال والخادمة إضافة إلى البستاني التونسي الحبيب بن حسن الدخيلي الذي كان الفقيد يؤويه على سبيل الفضل...

يروى عن أمّ جهاد من قبل بعض الفلسطينين الذين عايشوا الحادثة الأليمة أنّها بينما كانت تجهّز حقائب زوجها المنهمك بمعالجة بعض الملّفات المتعلّقة بالانتفاضة، سمعوا جلبة وصوتا لافتا خارج البيت، ويبدو أنّ ذلك كان بعد نجاح القتلة في خلع الباب الداخلي الرئيسي للبيت، ذلك أنّ أبا جهاد ما إن استلّ مسدّسه وهمّ بالنزول إلى الطابق السفلي لفتح الباب واستطلاع الأمر حتّى باغتوه ووصلوا إليه أمام غرفة نومه، أي على بعد مترين أو ثلاثة أمتار من باب غرفتها. وتضيف أم جهاد أنّها شاهدت زوجها وقد أطلق طلقة من مسدّسه تجاه أحد المهاجمين الذين صوّبوا أسلحتهم نحو يده ومسدّسه الذي انفجر في يده. وبعد أن أمطروه بالتداول، بحوالي سبعين طلقة تقول أم جهاد إنّها صرخت من هول المشهد طالبة منهم الكفّ عن إطلاق النار وتمزيق الجثّة، بينما كان أحدهم يصوّر المشهد، فما كان من أحدهم إلا أن خيّرها بين ملاقاة نفس المصير أو السّكوت وإدارة وجهها نحو الحائط.

وتضيف أنّهم بعد إتمام العملية، توجّه أحدهم إلى هاتف البيت وانتزع قطعة منه، ثمّ غادروا ممتطين بعض السيارات...».

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.