عادل الأحمر: خـرج م المـولــد بـلاش عصيـدة
قبل مدّة من المولد النبوي الشريف، لقيت صديقي العيّاش وأمورو تعمـــل الكيــف، يمضّي في سنّيــه ع العصيدة يتهيّــأ لشـــراء الزڤوڤو ومعه فاكية جديدة، ولم يمنعــه ذلـــك إلا إبـــطاء الشهـــرية، وكأنها عملت عليــه بالعــاني في المناسبة هاذيه.
ومع اقتراب الاحتفال بمولد النبيّ الكريـــم، صادفت العيّاش في السوق يهيم ووجهه أصفر مثل كعبة ليم، فقال لي : «ألم تر أسعار الزڤوڤو الغالية؟. لقد اشتعلت فيها نار حــامية، رفعت العصيدة إلى مقام عليّ، لا يقدر عليه إلا الغنيّ، أو تريدني والحال بهذا الغــلاء، أن أطلق صوتي بالغناء». قلت: «وما العمل يا صديقي؟» فقال: «و الله وقد شاح ريقي، وفكري في هذا الموضوع احتار، فكيف لي أن اقدم على عصيدة تكلف أكثر من مائة دينار وإذا لم أفعل فماذا أقول للمدمّة والصغار؟
أجبته: «ما عليك إلا أن تحزم أمرك، وتأخذ بنصيحة جمعية الدفاع عن المستهلك»، قال: «وبماذا نصحت هذه الجمعية؟ قلت: «تقاطع الزڤوڤو في الحين، وتقصّ قصة عربي ع المضاربين، أما المدمّه ولولاد فأقنعهم بالعصيدة العربي وفوائدها الصّحية، فضلا عن انخفاض كلفتها المالية!». وعلى الفور وجدت من العيّاش للمقاطعة حماسا منقطع النظير، بل أكّد لي أنّه سيكون لهذه المبادرة أحسن سفير، إذ وعد بأنّه سيبثّ الدعوة بين أفراد عائلته وكل أصحابه ومعارفه في حملة شعواء، عنوانها: «الزڤوڤو لا !».
وبالفعل وجدت في الإبّان، صدى لحملة العيّاش لدى الجيران، فقد حصل بينهم شبه إجماع، على ترك الزقوقو، «على قلب كل بيّاع» يشارك في ابتزاز المواطنين، وركوب فرصة الأعياد لاستغلال مشين، فقلت في نفسي: «يعطي الصّحة للعيّاش، وهكّه روح المواطنة والا بلاش!».
لكن ليلة المولد كذبت حسن ظني بصديقي وذلك لما صادفته في طريقي، متستّرا بالظلام، يكالي في قفته مثقلة وعليها لكلام. ففهمت بالبديهة، إنّها قضية العصيدة. وعبثا حاول العيّاش إخفاء ما في قفّته، فقد اكتشفت أنّ صديقي قد تخلّى عن مقاطعته وتسّر بجناح الظلام، ليعود بقضية العصيدة إلى الأولاد والمدام.
وبالفعل أمام إصراري على معرفة سرّ القفة الخفية واتّهامي إياه بخيانة القضية، اعترف العيّاش بأنّه تقهقر عن مبادئه، إزاء ضغط عائلته، ولما قلت له: «إنّ هذه فتوى للجيعان وما تتعداش عليّ، لم ينكر قسطه من المسؤولية : «تحبّ الصحيح؟ لا لولاد ولا المدام! أنا ما يدخلشي لمخي مولد بلا عصيدة والسلام! ولي يحب يقاطع يقاطع هو حرّ، أما آنا منحبش نهار المولد يتعدى لي مرّ» ثــم أضاف متوسلا: «أمّا بربّي مــاتحـكي ها لحكاية لحدّ وسأكون مدينا لك بهذا الجميل إلى الأبد»، فقلت: «لكن لي شروط وهي ليست بالشديدة آتيك إلى البيت إذا لأتناول صحفة عصيدة «فقال العيّاش: «هذه مساومة لئيمة، يا صاحب المبادئ العظيمة»، لكنه لم يجد من حلّ إلاّ الموافقة بالسّيف عليه، لعلمه بأنّ الاختيار ماهوش بيديه.
ومن الغد كنت مع طلوع الشمس أمام باب صديقي الأثير، فإذا به يستقبلني بوجه عابس قنطرير، فبادرته: «ما الخطب قل لي إن شاء الله خيرا !». فأجابني: وهو لي يشوف وجهك يشوف الخير! ماو جرّة عينك الحرشة وحسد الحسّاد، رصاتلنا بلاش عصيدة لا أنا ولا المدام ولا لولاد. قلت : «وكيف ذلك؟ قال: «سرقو لي قضية العصيدة، وأنا عند العطّار نشري في باكو سواقر ووقيدة، حطيت القفة في القاعة فإذا بيد وسط الزحمة تطير بها وبما فيها من بضاعة».
قلت للعيّاش مواسيا : «إن شاء الله دفعة بلاء»، فأجاب حانقا: «واش باش يزيدني دفع البلاء وقضية العصيدة ذهبت هباء! قلتلك عين والعياذ بالله من شرّ الحاسدين»، فرددت عليه بكلام موزون : «لا عين ولاهم يحزنون هذاكه ربي في الوجود، وحسابو موجود، بل تلك عاقبة المخاوز الذي يقول : ما لا يقوم بفعله وينهى عن أمر ويأتي بمثله. وعلى هذه الكلمات، تركت العياش وهو فاغر فاه لا يعرف كيف يردّ على هذه الكلمات».
عادل الأحمر
- اكتب تعليق
- تعليق