كيف نثري الأرشيف الوطني ونحميه (فيديو)
بخصوص مساعي المؤسسة لجلب الأرشيف التونسي في الخارج قال السيد الهادي جلّاب المدير العام للارشيف الوطني: في الواقع السّعي إلى جلب هذا الأرشيف أو على الأقل نسخ منه بدأ منذ ثمانينات القرن العشرين خاصّة مع فرنسا وتمّ جلب ما يقارب 3500 بكرة Microfilm من الوثائق المصوّرة أي ما يقارب نصف مليون وثيقة تهمّ تاريخ تونس ويتمّ الآن الإطّلاع عليها بالمعهد العالي لتاريخ تونس المعاصر بجامعة منوبة وتحفظ البكرات الأمّ بالأرشيف الوطني، علما أنّ الجانب التونسي المفاوض على الاستقلال الداخلي غفل عن المطالبة بالأرشيف. كما تمّ جلب مجموعة من الوثائق الرّقمية من الأرشيف الإسباني وهناك آلاف الوثائق محفوظة في الأرشيف الوطني تهمّ العلاقات التونسية الإسبانية في الفترة الحديثة. وتتواصل المساعي مع دول أخرى علما أنّ تونس هي أوّل بلد بدأ في جلب نسخ من الوثائق التي تهمّه من أرشيفات خارجية.
وعن الوثائق التي تهمّ تونس في عهد الامبراطورية العثمانية أكّد أنّه لا توجد في الأرشيف إلا 1500 وثيقة مكتوبة باللغة العصمانلية.
وبشأن إشعاع التّجربة التونسية في مجال الأرشيف وعن مدى إشعاع النّجاح التونسي في مجال الأرشيف خارجيًّا، أكّد السيد الهادي جلّاب أنّ نجاح تونس في تنظيم الوثائق بالإدارة منذ ما يقارب قرنا ونصف القرن جعل بلادنا تبني أرشيفا ثريّا ومنظّما. وقد ارتفع عدد الباحثين الأجانب المهتمّين بهذا الأرشيف مثل الجزائريين والليبيين باعتبار الفترات التي قضّوها بتونس هربا من الاستعمارين الإيطالي والفرنسي أو انتسابهم إلى المؤسسات التعليمية بتونس مثل الزيتونة. كما نجد باحثين أفارقة وأوروبيين باعتبار وجود وثائق تهمّ منظمة الوحدة الإفريقية والأمم المتحدة أو المتوسّط وبلدان أوروبية. والجدير بالذّكر أنّ إطلاع الأجانب على أرشيفنا يخضع لإجراءات أهمّها تقديم طلب تتمّ دراسته والردّ عليه.
حماية الأرشيف
ونظـرا إلى أنّه مـن البديهي حمـاية هذه الذّخيرة الوثـائقية مـن كلّ المخــاطر أكّـد السيـد الهادي جلّاب أنّ سبل الحماية تكون بتوفير ظروف حفظ ملائمة حسب المواصفات العالمية المعتمدة في المجال من ناحية المبنى (الحرارة، الرطوبة، الإضاءة....) وكذلك الحماية من المخاطر الممكنة كالسّرقة والحرائق والخلع والفيضانات وغيرها من المخاطر التي يمكن أن يتعرّض لها الأرشيف.ولاحظنا أنّ مقرّ الأرشيف الوطني محمي بعدد هامّ من كاميرات المراقبة.
وبخــصـوص حمايـة الأرشيـف بعـد 14 جانفي 2011 أشار محدّثنا إلى أنّ الأرشيف الرّسمي في تونس لم يصب بأذى بعد الثّورة. وأكّد أنّ الأرشيف الوطني قام بمجهود استثنائي بجمع وحماية الأرشيف المهدّد بعد الثّورة مثل أرشيف التجمّع الدستوري الديمقراطي ومجلس المستشارين والمجلس الاقتصادي والاجتمـــاعي ودار العمل ووكالة الاتّصال الخـارجي ووزارة الإعلام.
الأرشيف الخاصّ يثري الرّصيد الوطني
وبشأن قسط الأرشيف الخاصّ في ما يجمعه الأرشيف الوطني قال السيد الهادي جلّاب: لايجب أن ننسى أنّ الأرشيف العمومي ليس المصدر الوحيد لبناء الذّاكرة وكتابة التّاريخ بل هناك مصادر أخرى مثل التّاريخ الشفوي والأرشيف الخاصّ الذي يمثّل مصدرا من مصادرالمعلومات، وهو مصدر مكمّل للأرشيف العام ... وقد أسند القانون عدد 95 لسنة 1988، المؤرخ في 2 أوت 1988 لمؤسّسة الأرشيف الوطني مهمّة الحصول على الأرشيف الخاصّ وحفظه ووضعه على ذمّة المستفيدين. وقد بدأت مساعي جمعه منذ ما يقارب 20 سنة وقد أمكن جمع أرصدة هامة تعود لشخصيات أو جمعيات ومنظّمات يمكن ذكر بعضها: محمد عابد مزالي، أبو القاسم محمد كرّو، عبد الجليل التميمي ،قلاديس عدّة، حسن القلاتي محمد كمال الشعبوني، سهير بلحسن، كمال بن ناجي، بوخاري بوصلاح، محسن الرّايس، محمد المنجي بنيعيش، عزالدين عزّوز، Geneviève Bédoucha، عبد الوهاب الدخلي، فاروق بن ميلاد، عبد الكريم قابوس، جورج عدّة، محمد المنذر بالرحال، محمد الصالح التومي، عمر الغنوشي، أحمدعثماني، سيمون للّوش، الحبيب قرفال، مرشد الشابّي، نورة البورصالي، حسين رؤوف حمزة وأيضا جمعية آفاق، الاتحاد العام لطلبة تونس، معهد البحوث والتنمية وجمعية قدماء المدرسة الصادقية...
أمّا بخصوص أرشيف المؤسّسات الخاصّة والمنّظمات الوطنية والجمعيات، فإنّ الأرشيف الوطني ليس لديه نصّ قانوني يسمح له بتوثيق أرشيفها وحفظه. ولعلّه حان الوقت لإصدار قانون في الغرض مما سيسمح بحفظ وثائق مهمّة مثل ذاكرة الحركة النقابية والعمالية في تونس وذاكرة نشاط منظّمة الأعراف وذاكرة الاتّحادات المهنية كاتّحاد الفلاحين وذاكرة العمادات المهنية وغيرها، علما أنّ الكشّافة التونسية سلّمت أرشيفها إلى الأرشيف الوطني (1200 وعاء).
الأرشيف الوطني: من المحامل الورقية إلى المحامل الرّقمية
يهتمّ الأرشيف التونسي حسب قانون 1988 بكلّ وثيقة تحمل معلومات مهما كان شكلها ووعاؤها وتاريخها. لذلك تعتبر المحامل الرقمية والسمعية البصرية أيضا أرشيفا ويجب جمع هذا الأرشيف وحفظه وإتاحته للعموم. وهنا أشار السيد الهادي جلّاب إلى أنّ مؤسسة الأرشيف الوطني انطلقت في هذا التوجّه، حيث تمّ إنشاء إدارة للوثائق السمعية البصرية والإلكترونية، وقد بدأت في جمع هذا الأرشيف ومعالجته. ويبقى السؤال المطروح هنا: هل تستجيب المؤسّسات السمعية البصرية العمومية لما تستجيب له المؤسّسات العمومية بخصوص مدّ الأرشيف الوطني بأرشيفها أم أنّ أمر الحفاظ على رصيدها الأرشيفي موكول إليها بصفة حصرية؟
إنّ الأرشيف ركيزة من ركائز الذّاكرة الوطنية وهو مصدر أساسي لكتابة التاريخ وفهم الماضي وبناء المستقبل. والأرشيف إلى جانب كونه ركيزة للذاكرة والتاريخ هو سند للحقوق وإثبات لها وكذلك إثبات للتجاوزات والانتهاكات فهو يتضمّن الإجابي والسلبي ولابدّ من جمعه ومعالجته ووصفه وتكشيفه وتركه للأجيال القادمة في أحسن حال ليكوّن صورة وفيّة لما كنّا عليه حتى نبني على ما هو إيجابي ونبتعد عمَا هو سلبي.
عبد الحفيظ الهرقام وخالد الشابّي
قراءة المزيد:
كيف نثري الأرشيف الوطني ونحميه
الهـادي جــلّاب: سعي دؤوب للنهوض بقطاع الأرشيف وحفظ الذّاكرة الوطنية
الرّائـد التّــونـــســي من أهمّ الوثائق في الأرشيف الوطني
المرحوم المنصف الفخفاخ, باني مؤسّسة الأرشيف العصرية
من وثائق الأرشيف الوطني : قرار إلغاء العبودية في تونس
رسم معاوضة من صفاقس: أقدم وثيــقــة فـي الأرشيـف الـوطـني
في الأرشيف الوطني: دفــتــر لإثـبـات تسليــم »الصرّة« إلى مستحقّـيـها بمــكّـة والمدينــة
في الأرشيف الوطني: النّسخة الأصلية لعهد الأمـان
من أطرف وثائق الأرشيف الوطني: رسالة تهنئة من الخليفة الأموي بإسبانيا إلى الأمين باي
في الأرشيف الوطني: رسالة إلى بورڤيـبة في مقرّ إقامته بباريس يوم إعـلان الاستقلال
في الأرشيف الوطني: فرمان يثمّن مشاركة الجيش التـونسي في حرب القرم
- اكتب تعليق
- تعليق