الملتقـى العربي حول التجارب الدستورية العربية من إلى 4 إلى 5 أكتوبر 2017 بتونس
بمناسبة الذكرى المائة والستين لصدور "عهد الأمان"، ينظّم مركز الجامعة العربية بتونس من 4 إلى 5 أكتوبر القادم ملتقى عربيا حول التجارب الدستورية العربية.
ورقــة الملتقـــــى
ولتنزيل الملتقى في سياقه التاريخي وإلقاء الضوء على الأبعاد الهامّة لتجارب دستورية عربية في تونس ومصر وبلدان عربية أخرى وبسط الأهداف المراد بلوغها من وراء عقده، أعدّ المنظّمون ورقة جاء فيها:
"لقد كان من نتائج اتصال الوطن العربي والعالم الإسلامي، منذ بدايات القرن التاسع عشر، بالحضارة الغربية الحديثة بمختلف مظاهرها، بما في ذلك أنظمة الحكم والإدارة، التعرّف على الأفكار والمؤسسات الدستورية أوّلا ثم العمل على نقلها بالاقتباس والتوفيق مع مقتضيات الواقع السياسي والثقافي للمجتمعات العربية والإسلامية التقليدية ثانيا.
وبالإضافة إلى التأثير الغربي فإنّ الإصلاحات التي كانت تشهدها السلطنة العثمانية في النصف الأوّل من القرن التاسع عشر والمتمثلة أساسا في إصدار "تنظيمات خطّ كلخانة" سنة 1839، قد كانت مصدرا أساسيا ألهم واضعي الدساتير العربية اللاحقة لتلك "التنظيمات" التي هي، بدورها، متأثرة بـ"إعلان حقوق الإنسان والمواطن"، ذلك الإعلان العظيم الذي صدر بفرنسا سنة 1789 وكان له صدى كبير في جلّ أرجاء العالم، بل إنّه لا يزال مرجعيّة أساسيّة تلهم العالم بأسره.
وفي تونس، كان من أهم مظاهر الحركة الإصلاحية التي عرفتها "الإيالة" التونسية في عهد المشير أحمد باشا باي (1837 – 1855) خاصة تأسيس المدرسة الحربية بباردو سنة 1840 وصدور قانون "إلغاء الرقّ وعتق العبيد" سنة 1846 قبيل زيارة هذا الباي المصلح إلى فرنسا، ثم خاصّة صدور إعلان "حقوق الراعي والرعية" الذي عرف بـ"عهد الأمان"، وذلك في 9 سبتمبر 1857، أي منذ مائة وستين عاما.
ويعدّ "عهد الأمان"، في نظر الكثير من الباحثين، أوّل وثيقة دستورية في تاريخ الدول العربية كلها، وحدثا بارزا بل مفصليا بالنسبة إلى هذه المجتمعات الإسلامية التي تستند أساسا إلى القرآن والسنة كمرجعية لممارسة الحكم. ولئن ركّز "عهد الأمان"على حماية حقوق رعايا الدول الأجنبية فإنّه قد مهّد الطريق لإصدار أوّل دستور في الوطن العربي هو "دستور سنة 1861" الذي يعدّ تطويرا لـ"عهد الأمان" نفسه وإن كان العمل به قد تعطل بعد سنوات قليلة من صدوره (1864) أثناء "ثورة علي بن غذاهم" وذلك لأسباب عديدة أساسها الصعوبات الاقتصادية والسياسية التي كانت تمرّ بها البلاد التونسيّة قبل أقلّ من عقدين من الحماية الفرنسيّة (1881)..
وفي دول عربية أخرى، أبرزها مصر، ظهر فكر دستوري ضمن الحركة الإصلاحية التي عرفها الوطن العربي والعالم الإسلامي ينادي بالحدّ من الحكم المطلق وحماية حقوق "الرعية" ونبذ الاستبداد، استنادا إلى القيم الدينية والمبادئ الفلسفية وتأثرا بالمنجزات الحضارية الغربية في مجال تنظيم الحكم والإدارة.
وقد تواصلت الحركة الإصلاحية في بدايات القرن العشرين بل ومنذ نهايات القرن التاسع عشر ووقوع دول عربية عديدة تحت نير الاستعمار الأجنبي.
وأثناء حركة التحرّر الوطني أصبحت المطالبة بالدستور سلاحا آخر حملته النخب الوطنية في وجه القوى الاستعمارية. ثم انخرطت دول عربية عديدة مستقلّة، مثل العراق والمغرب وليبيا ولبنان والكويت والبحرين...الخ، في حركة وضع دساتير وطني تمثّلت في محاولات جادّة للفصل بين السلطات وضمان الحقوق والحريات.
ولا تزال جهود الدول العربية في وضع الدساتير أو تطويرها، تماشيا مع تطوّر مجتمعاتها من جهة ومع مقتضيات العصر من جهة ثانية، جهودا متواصلة.
وفي السنوات الأخيرة، وتحديدا منذ الثّورة التونسية مطلع سنة 2011 وما تلاها من أحداث ضمن ما يسمّى بالربيع العربي، نشطت حركة الدسترة(وضع دساتير أو تحويرها) في اتجاه الاستجابة لمطالب الشعوب، وخاصة الفئات الشبابية، في ضمان حقيقي للحقوق الفردية والجماعية التي تتضمنها الدساتير، واستبعاد فعلي للاستبداد.
إن التجارب الدستورية العربية، على امتداد القرنين التاسع عشر والعشرين ثمّ في مطلع القرن الحادي والعشرين، تجارب جديرة بالدراسة التاريخية والقانونية والفكرية،لأنها مظهر أساسي من مظاهر سعي الوطن العربي إلى تحقيق نهضته الحضارية وتنميته الشاملة السياسية منها والاقتصادية والاجتماعية والفكريّة، لذلك فإنّ مركز جامعة الدول العربية بتونس و " وحدة البحث في القانون الدولي والمحاكم الدولية والقانون الدستوري المقارن" بكلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية بتونس (جامعة قرطاج بالجمهورية التونسية) يعقدان، بمشاركة الاتحاد الدولي للمؤرخين للتنمية والثقافة والعلوم الاجتماعية، هذا الملتقى العربي الذي يدعوان إليه باحثين في التاريخ والقانون الدستوري ومسؤولين في البرلمانات الوطنية والقومية، بمناسبة الذكرى المائة والستين لصدور " عهد الأمان" (9/ 9 /1857) تحقيقا للأهداف التالية:
1- عرض وتقييم مسيرة التجارب الدستورية العربية مغربا ومشرقا.
2- التعرّف على علاقة التجارب الدستورية العربية بـ:
- الحركة الإصلاحية في القرن التاسع عشر
- حركة التحرّر الوطني منذ مطلع القرن العشرين
- متطلبات تطوّر المجتمعات والدول العربية.
3- محاولة التعرّف على مختلف أصداء وضع الدساتير العربية الأولى خارج أقطارها.
4- إصدار تقرير / بيان يستخلص الدروس من التجارب الدستورية العربية ويقترح بعض التوجهات من أجل المزيد من التطوير والسير على درب التنمية والتقدّم.
محــــاور الملتقى:
يشارك الباحثون بموضوع يحدّدون عنوانه ضمن أحد المحاور التالية خاصّة:
1- العلاقة بين التجارب الدستورية العربية الأولى والحركة الإصلاحية في القرن التاسع عشر.
2- صدى الدساتير العربية الأولى في القرن التاسع عشر خارج أقطارها.
3- تطور التجربة الدستورية التونسية من "عهد الأمان" (1857) إلى الدستور الحالي (2014) :
- عهد الأمان
- دستور 1861
- دستور دولة الاستقلال (1 جوان 1959)
- دستور( 27 جانفي 2014)
4- الحركة الدستورية العربية في القرن العشرين (فترة الاستعمار الأجنبي وحركة التحرّر الوطني).
5- الحقوق والحريات بين النصوص الدستورية العربية والممارسة الفعلية.
6- الهويّة والانتماء في الدساتير العربية.
7- البرلمانات العربية : الدّواعي والتأسيس والأهداف والمنجزات".
- اكتب تعليق
- تعليق