عادل الأحمر: مبــروك الفــايســــبــوك!
مثل كـل صبـاح، ويـا رزاق يا فتاح، أسرعت اليوم إلى فتح الفايسبوك، وأنا أقول في نفسي: «إن شاء الله النهار مبروك». فالأخبار على هذه الشبكة الاجتماعية، ليست دائما منعشة إيجابية، بين إعـــلان وفيـــات، وأنباء عن كوارث وحوادث طرقات، وجرائم قتل وسرقــات، وصور قاتمة عن أوضاع الإدارات والمستشفيات، أضف إليها شكوى الفايسبوكيين والفايسبوكيـــات، من قلق وضجر، وحبيب هجر، أو مــــن مرض خيالي، ووحدة في عقابات الليالي، إلى غير ذلك مما يسبب القرف، ومع ذلك فإننا لا نقول للفايسبوك «أف!»، بل إن إدماننا يرتفع كالزئبق في المحرار، كلما ساءت على الشبكة الأخبار.
لكن الفايسبوك كـذّب اليوم توقعاتي السلبية، إذ فاجأني بخبر كان عنـــدي كالهديـــة: لقد انضم صديقي العياش إلى الشبكـة الفايسبوكية، بعد مقاطعة لها كنت أحسبها أبدية.فقد كان له من الفايسبوك موقف عداء، لا يماثله إلا موقف المحور من الحلفاء، وقد شرح لي أكثر من مرة، أسباب هذه العداوة المرة: «قل لي براس بوك، آش يعجبك في هالفايسبوك؟ إنه فضاء للتفخفيخ والتفشفيش، وإن لم يكن لذلك فهو للتقطيع والترييش، أو لتبادل السباب والشتيمة، وزرع الفتنة والنميمة. ولا تنسى ما يدور فيه من أخبار زائفة، وإشاعات قاتلة، ومعلومات تافهة، وصور فاضحة، ونكت بائخة، ما أغنانا عنها نحن العرب، وقد عرفنا في العالم كله بأننا آخر من يقرأ الكتب!».
فما الذي غيّر رأي صديقي، بعد أن شيّح لي ريقي، وأنا أقنعـــه بالالتحاق بالشبكة ولو على سبيل التجريب، لكن هيهات، فما من مجيب... وعندما هاتفت العياش لأسأل عن الأسباب ، التي أدت إلى هذا الانقلاب، وجدته يبحث لنفسه عن الأعذار، وكأنه قد أتى ضربا من ضروب العار: «والله خذيت بخاطر لولاد، فقد ألحوا عليّ أن أفتح حسابا مثل كل العباد، وأقنعوني بأن الفايسبوك مثل الحياة، فيه الخير والشر بدرجات، وأنه يمكن لي أن أبقى متفرجا مــن ثقـــب الباب، وإذا لم يعجبني الجو أغلقت الحساب».
ثم جاء زمن انشغلت فيه عن الفايسبوك لأسباب طارئة، ولما عدت إلى الشبكة أخذت أبحث عن أخبار العيـــاش الطازجة، فوجدته معلنــا بكل أريحية، عن وجوده بنزل على شاطئ المهدية، لقضاء جانـــب مـــن العطلة الصيفية. وعندما هاتفته مهنئا ضحك من سذاجتي، وقلة نباهتي: «حتــى إنت جدّت عليك يا بهلول! يا ولدي، لا أوتيك ولا مهدية ولا هم يحزنون! أنا الآن أمام المكيّف، والتدوينة التي قرأتها على حسابي خبر مزيّف».
قلت: «وكيف تسمح لنفسك بهذا؟»، فأجابني: «أو تريد أن يقول أصدقائي الفايسبوكيون، أنني رجل مغبون، نسلت في العرق في الدار، بينما هم يسبحون ويمرحون في الشواطئ والبحار؟». فقلت: «لكن شكون قال لك ماهمش كذابة كيفك، وصيفهم كيف صيفك، قاعدين تحت «الكليم»، ويكتبون على الفايسبوك أنهم في نعيم، يحتضنهم نزل بخمس نجوم، وشايخين في البحر بالعوم؟».
فرد العياش بكل صلافة: «وآنا شنوة مشكلتي إذا طلعوا كيفي زفزافة ؟ المهم أني في عيون مثلك من المصدقين، جالس في نزل حول «البيسين»، فيحمص بعضهم ويعزّل من الحسد، ويقول آخرون: صحة عليه شايخ واحنا في نكد...والمهم أن صورتك في نظر الناس لا سوء ولا سوية، وما تخسر عليها في الفايسبوك كان سطرين وشوية».
عند ذلــك تأكــدت أن العيـــاش استصين وولى فايسبوكي صحيح، وما عادش نخاف عليه لا من هواء ولا من ريح.
عادل الأحمر
- اكتب تعليق
- تعليق