إن هذا لشيء عجاب: في بؤس المؤسسة الدينية الرسمية
أعلم، مثل أغلب التونسيين والتونسيات، أن الهياكل الرسمية المعنية بالشأن الديني تعاني من حالة بؤس شديد، غير أنني لم أكن أتخيل أن هذه الحالة يمكن أن تصل في شدتها إلى ما وصلت إليه في الأيام القليلة الماضية...
فلقد خرج علينا وزير الشؤون الدينية ليعلن بكل جدية ودون أن يرف له جفن أن "الحج مدعَّم" وأن تسعيرته هذا العام أقل من كلفته الحقيقية بما يتراوح بين ثلاثة وخمسة آلاف دينار... وهذه أول مرة نكتشف فيها أن كرم دولتنا السخية لا يقتصر على دعم المواد الأساسية وإنما يمتد حتى إلى تغطية جانب من تكاليف فريضة لا تجب إلا على من استطاع إليها سبيلا، دون دعم الدولة...
ومن جانبه سارع ديوان الإفتاء إلى تأييد ما جاء في خطاب رئيس الجمهورية "الأستاذ بحق لكل التونسيين وغير التونسيين" بمناسبة الاحتفال بعيد المرأة يوم الأحد 13 أوت الجاري بإصدار بيان فيه من بلاغة التملّق وفصاحة التزلّف ما لم أكن أتخيل أن أحدا ما يزال قادرا عليهما بعد الرابع عشر من جانفي 2011 إلا إذا كان شاب على ما شبّ عليه قبله...
إن هذين النموذجين من "إفرازات" المؤسسة الدينية الرسمية يقيمان الدليل على أنها مؤسسة بائسة ومتخلفة وقاصرة عن خدمة الشأن الديني في بلادنا، بل إنها باستباحتها أساليب الكذب وتزييف الحقائق والنفاق تضر دونما ريب بمصالحه.
ولذلك فإنه من الضروري إعادة النظر في هذه المؤسسة بعمق ومن جميع النواحي وخاصة من ناحية القائمين عليها الذين ينبغي انتقاؤهم بكل دقة، وإلا فإنها ستظل أشبه بالزائدة الدودية التي لا أحد يعرف وظيفتها الحقيقية لكنها إذا التهبت شكلت خطرا على الجسم ووجب علاجها على الفور...
وواضح الآن أن هذه المؤسسة مصابة بالتهاب يستوجب التعجيل بمعالجتها./..
محمد إبراهيم الحصايري
- اكتب تعليق
- تعليق