عياض بن عاشوٍر يؤكد ضرورة تكريس النهج الديمقراطي الصحيح
حول انتظاراته من الباجي قايد السبسي للمدّة الرئاسية المتبقية، قال عياض بن عاشور، رئيس الهيئة العليا لتحقيق ٲهداف الثورة، في حديث لمجلة ليدرز، إنّ هناك ٲربعة انجازات رئيسية على رئيس الدولة ٲن يحقّقها:
1- السلم المدني: أوّل ما ينتظره التونسيون على صعيد السلم المدني هو مواصلة التزام اليقظة في مجال الأمن، وخاصة مكافحة الإرهاب بلا هوادة. أعتقد في هذا المضمار أن هناك إجماعا حول هذه المسألة. لقد بذلت الحكومات بدءا بحكومة المهدي جمعة جهودا تمخضّت عن نتائج إيجابية، وهذا أمر يجب الاعتراف به.
2- العدالة على مستوى توزيع الثروات باختلاف طبيعتها: ينتظر التونسيون على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي إجراءات ملموسة تنهض بالعدالة التوزيعية، بما في ذلك دفع التنمية والحدّ من البطالة والتحكم في نسبة التضخم وإعادة توزيع الثروة الوطنية بعدالة عن طريق الجباية وتنمية السياحة وخفض عجز الميزانية والدين العمومي الخ... تلك هي التحديات التي على كل الحكومات مواجهتها خلال السنوات القادمة وعلى الأمد الطويل. ومثل هذه الإصلاحات صعبة التحقيق بشكل خاص بالنظر إلى أبعادها.
3- مكافحة الفساد: ينتظر التونسيون أن يتواصل المجهود الرامي إلى مقاومة الفساد والمحسوبية أكان ذلك في المجال الاقتصادي وفي مجال الأعمال أم على مستوى السياسة ووسائل الإعلام. نأمل أن لا يكون الفساد قد استشرى مثلما هو الحال في بعض البلدان الإفريقية فيصبح حينذاك من شبه المستحيل مقاومته والقضاء عليه. لقد تم إصدار عديد القوانين وأنشئت الكثير من الهيآت والمؤسسات منذ الثورة من أجل مقاومة الفساد، وفُصِل القول في ملفات عديدة منذ نهاية سنة 2011. لكن كان لزاما علينا انتظار دخول حكومة الشاهد على الخط لكي تُتَّخذ مبادرات قوية ضد الفساد. ترى! لماذا كل هذا الصمت وهذا الفتور تجاه كل المشاكل ذات الصلة بالفساد سواء على مستوى القوانين أو على مستوى القضاء والمؤسسات؟
4- تكريس النهج الديمقراطي الصحيح: لقد تحدثنا كثيرا عن فرض نفوذ الدولة، وهذا يعني حسن سير المؤسسات الدستورية التمثيلية والهياكل الإدارية والمحاكم. قضَّيْنا مدة ثلاث سنوات في كتابة دستور بغرض تأمين سير متوازن لنظام ديمقراطي برلماني. لكن البرلمان ظلّ عرضة لعوائق كثيرة كالأزمات السياسية ذات الطابع الحزبي، وتغيّب النواب عن الجلسات، وبطء النشاط التشريعي. كل هذا يضع التوازن الدستوري على المحك خاصة على مستوى العلاقات بين الحكومة والبرلمان. وبالتوازي مع ذلك، برزت نزعة إلى الديمقراطية "المتوحّشة" خارج نطاق الأنظمة المؤسساتية. يحدث ٲن ينشط الشارع زمن الثورة، لكن الشارع ليس أداة للحكم ولا يمكن أن يكون كذلك. هذا النوع من الديمقراطية لا يستجيب إلى متطلبات الديمقراطية المباشرة، ولا إلى مقتضيات الديمقراطية التمثيلية. لقد طغت على ديمقراطيتنا نزعة إلى الفئوية والتسيّس المفرط تمارسها منظمات مهنية ونقابية تنزع إلى تجاوز صلاحياتها على نطاق واسع. ثم إنّ الأحزاب السياسية تحرّكها نوازع نرجسية شعبوية. وأصبحت المصالح الآنية أعلى شأنا وقيمة من معنى الدولة ومن البحث عن الصالح العام. التاريخ يعلمنا أنّ العواقب التي تنجر عن مثل هذه الحالات يمكن أن تكون وخيمة إلى أبعد الحدود. ذلك أنه حينما يفقد الشعب الثقة في مؤسساته وفي ممثليه، تمتلكه نزعةٌ تدفعه دفعا – كما هو حالنا اليوم - إلى بعض السلوكات الطائشة العدوانية، أو حتى العنيفة، والتي تحرّكها في أحيان كثيرة بعض الأيادي، بل إلى ما هو أخطر من ذلك، أي الرضا بالعودة إلى عاداتنا السلطوية التعسفية القديمة، وحتى الذهاب إلى حد المطالبة بها.
- اكتب تعليق
- تعليق